• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الحب في مرحلة المراهقة

الحب في مرحلة المراهقة
◄الحب في مرحلة المراهقة موضوع مثير في حياة الشباب والفتيات.. هل هو جائز أم مرفوض؟!.. هل هو حب حقيقي أم مشاعر مؤقتة؟ وماذا نقول للأبناء والبنات في تلك المرحلة من واقع خبرتنا في كآباء في الحياة؟ وما هو دور مسؤولية الأسرة تجاه الشاب والفتاة؟ هذا ما سنعرفه من خلال التالي: أوّلاً: سن المراهقة هو تلك المرحلة التي تبدأ مع بلوغ الشاب أو الفتاة سن التكليف الشرعي، وهي معروفة عند الشاب ببداية الإحتلام، وعند الفتاة بنزول دم الحيض "الدورة الشهرية"، وتمتد هذه المرحلة لبضع سنوات، تحدث فيها تغييرات سريعة في جسم الشاب والفتاة، إيذاناً بانتهاء مرحلة الطفولة والصبا، وبدء مرحلة الشباب والفتوة، ومرحلة الأنثوية والنضج عند الفتاة، ويصاحب هذا التغير في الجسم والملامح، تغيرات أخرى في الجوانب النفسية والعاطفية، تتشكل بعدها شخصية الشاب أو الفتاة في الحياة، وبالتالي فهي مرحلة صعبة، وأهم ملامحها سرعة القلق والإضطراب والتوتر النفسي والغضب وربما التمرد على أسلوب الحياة ورفع راية العصيان في بعض المواقف ضد قرارات الأب أو الأُم، وربما صاحبها لون من ألوان الخجل الشديد وحب العزلة وإحساس عام بفقد الثقة في النفس وذوبان الشخصية، وربما صاحبها الإندفاع الدائم في إبداء الآراء أو وجهات النظر، وبالتالي كثرة الأخطاء والمشاكل والمتاعب.. وتتميز هذه المرحلة أيضاً بحب التجربة وإلغاء صوت العقل بدرجة أو بأخرى، والإنسياق وراء العاطفة، حتى لا يكاد الشاب أو الفتاة يرى إلا رأيه، ولا يقتنع إلا بوجهة نظره، ولا يصادق إلا من يؤيده، ويكره في تلك المرحلة النصح والتوجيه، وعلى المستوى الإيماني قد يندفع الشاب إلى التقرب من الله بكثرة الصوم وإرتياد المساجد وقراءة القرآن، وسرعان ما تفتر همته، وتضعف عزيمته، ويشعر وكأنّه منافق وتضيق الثوابت من ذهنه، ويصبح في أشد الإحتياج إلى السكينة والإطمئنان النفسي والوجداني.   -        ميول فطرية للجنس الآخر: وتصاحب هذه المرحلة – مرحلة المراهقة – ميول فطرية طبيعية للجنس الآخر.. الشاب يحلم بفتاته التي تخرجه من هذه الضغوط النفسية وهذه الصراعات المحيطة به، ويصنع معها عالماً جديداً خالياً من كل التعقيدات والمشكلات.. يحلم معها بالمثالية والصور الوردية والسعادة التي لا يخالطها حزن أو ألم أو كذب أو نفاق.. وتحلم الفتاة كذلك بالفارس الذي يخطفها إلى عالم السعادة والمرح والحنان والحب، بعيداً عن قيود الأسرة وتحكمات الأُم والأب ومشكلات الواقع.. والعواطف هنا تكون في أوجها، لا عقل لها ولا حكمة ولا واقعية، ويتناقل الشباب والفتيات قصص الحب والغرام والهيام، وهم لا يزالون في عمر الزهور طلاباً أو طالبات في المرحلة الثانوية وربما قبلها، وتسمع أن هذا عذّبه السهاد، وذاك أرقه الضنى، وتلك فقدت لذة الحياة بعد أن تركها الحبيب الخائن، وهذه تريد التخلص من حياتها.. وينتشر الحديث عن الحب الجنوني والعشق واللوعة والأسى!!. ثمّ سرعان ما تخبو هذه العواطف المشبوبة، وتضعف هذه المشاعر الملتهبة شيئاً فشيئاً، خصوصاً إذا بدأنا نلجأ إلى عقولنا مع قلوبنا، وفكر كل منا بصورة أكثر واقعية وسأل نفسه بصدق..: ما نهاية كل ذلك؟!. هل الزواج وبناء أسرة واستكمال مشوار الحياة؟ وهل هناك دلائل على ذلك، أم المعاناة وضياع الوقت والجهد؟ فإذا نجح الشاب أو الفتاة في التوصل إلى إجابة حقيقية واقعية، وساعد نفسه على تنفيذ ما توصل إليه، أمكنه تجاوز هذه المرحلة ونظر إلى حياته ومستقبله بصورة أكثر جدية وواقعية، وحدد لنفسه هدفاً يسعى من أجل تحقيقه والإنشغال به ووضعه على سلم الأوليات.. وأقول لأبنائي وبناتي في هذه السن الحرجة: إنّ الحب الحقيقي، هو ذلك الذي يبدأ بالقبول والإرتياح عند الخطوبة، ويكبر وينمو ويتعمق بعد الزواج.. إنّ هذا ليس حباً خيالياً يسعى كل طرف فيه إلى تجميل صورته وتذويق كلامه، ولكنه حب العشرة والحياة الطبيعية والخوض في الحياة بحلوها ومرها ضمن قارب واحد، ولذلك فهو الحب الحقيقي والدائم والمتواصل، الذي لا يتأثر بموقف عارض أو بسلوك مؤقت في ظروف معينة. ومن هنا يجب أن يعرف الشاب والفتاة حقيقة المرحلة التي يمر بها، ويحدد لنفسه هدفاً يرتبط بغايته في الحياة ومستقبله، فيجتهد فيه ويعطيه كل طاقته حتى تمر هذه المرحلة بسلام، وبأقل قدر من المتاعب، ولا شك في أنّ الاعتصام بحبل الله والحرص على طاعته ورضاه وإستعمال العقل فيما يفيد يؤدي إلى الإستقرار النفسي والوجداني. وأقول أيضاً إن واجب الأم والأب هو رعاية الأبناء في مرحلة المراهقة، وبخاصة الأم مع إبنتها والأب مع إبنه، والعلاقة هنا أساسها الحنان والحب والصداقة والقرب والتفاهم والإقناع.. إنها ليست أوامر تنفذ أو قرارات تطاع، الأم تتخذ من إبنتها صديقة حنونة ناصحة لها، تكشف لها – من واقع خبرتها وتجربتها وقراءتها – ما يؤدي إلى الإقناع وتنفيذ الرأي السليم – ويختفي تماماً مبدأ العنيف والتأنيب، ناهيك عن الإيذاء النفسي أو البدني، والأب كذلك يقترب من إبنه ويستمع إليه ويناقشه بهدوء وسعة صدر.. إن واجب الأُم ألا تفزع عندما تخبرها إبنتها بسر من أسرارها، ولكن عليها أن تتحلى بالحكمة وهي تناقشها وتنصحها، وكذلك واجب الأب، فالشاب أو الفتاة الذي ينشأ في جو طبيعي يسوده الحب والحنان والنقاش الهادئ والإقناع أقدر على مواجهة أي مشكلة والسير في الطريق المستقيم.. حفظ الله شبابنا من كل سوء.►   ·       من القاهرة

ارسال التعليق

Top