• ٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

أطفال العاشرة.. كيف السبيل إلى جعلهم يطيعون؟

أطفال العاشرة.. كيف السبيل إلى جعلهم يطيعون؟

من الصعب على الأب أن يجد تفسيراً واضحاً للتناقض الذي يلمسه في سلوك ابنه البالغ من العمر عشرسنوات فهو من جهة مجتهد في الدراسة ومتفوق في كثير من الدروس بل وتعاني المدرسة من نشاطه الزائد وحيويته المفرطة.

 إلّا أنه من جهة أخرى لايطيع الأوامر التي يصدرها الأب أو الأم - على حد سواء- ويبحث عن الوسائل والحجج للتخلي عن أية مسؤولية توكل إليه في البيت، أويطالب بأن يقوم أخوه بالمهمة ويتحمل المسؤولية نيابة عنه.

فما طبيعة هذا التنافض في سلوك الأبناء ياترى؟ وهل هونوع من التناقض حقاً، أم إن الأمر لايعدو كونه نسيجاً من التصورات والأوهام التي تعشعش في أذهان الآباء والأمهات؟

 

محطات الطفولة الأخيرة

يمكن تسمية المرحلة التي يمر بها الطفل في سن العاشرة بمرحلة الطفولة المتأخرة وهي مرحلة تتسم برغبة جامحة لدى الأبناء لإثبات ذواتهم عن  طريق الاستقلال والانفصال عن الوالدين بقدر الإمكان، ويترتب على ذلك عادة عدم الانصياع إلى أوامر الوالدين؛ حتى أن إحدى الدرسات أثبتت أن الأطفال لايستجيبون لأكثرمن ثلثي الطلبات الموجهة إليهم من قبل الوالدين.

ماذا نصنع إذن؟ وكيف نتعامل مع أبنائنا الذين يمرون يهذه المرحلة العمرية؟

هناك عدد من الخطوات يجب اتباعها في هذا المجال؛ هي:

1-عقد اتفاقية مسبقة؛ ويعني ذلك ضرورة أن يكون هناك دوماً اتفاق بين الطرفين :بين الوالدين من ناحية والأبناء من ناحية  أخرى، يوضح بما لايدع مجالا للشك او الغموض مما هو االمطلوب، ماهو المسموح، ما هو المرغوب فيه من سلوكيات، وتحديد الخطوط العريضة لكل الواجبات والمحرامات والمسموحات والمحظورات حتى لايبقى ما يحتمل الاجتهاد والتأويل.

فعلى الإبن أن يدرك-على سبيل المثال – بأن عدم سماعه لنداء الأب أوتجاهله أمر غير مقبول فإن تكرر ذلك الأمر فسوف يحرم من كذا وكذا.ويجب هنا أن يحدد الشيء الذي سوف يحرم منه الإبن؛ كالحرمان من اللعب على الكمبيوتر اليوم مثلاً. أي يجب أن يكون أسلوب العقاب واضحاً والبعد عن أساليب التهديد الغامض المبهمة التي تشيع في نفسية الأبناء الغموض والشكوك. هذا الاتفاق يتضمن بوضوح كافة السلوكيات بحيث لايترك سلوكاً ما (لتخيل الإبن).

2-الاختيار الصحصح لساحة المعركة،فالتربية كلها صراعات بين رغبات الأبناء وطلبات الكبار، لذا علينا اختيار ساحة المعركة المناسبة، أي بمعنى أخر اختيار ماهي الأمور التربوية التي تستحق الأولوية في بذل الجهد والأعصاب، فأذا كنت كأب ترى أن موضوع الصلاة – مثلاً -يحتاج منك إلى دوام التذكير،إلى تكرار للأوامر والتعليمات، فلتختزن طاقتك وجهدك لهذه الساحة وغض الطرف عن السلوكيات (غير المرغوبة) الأقل أهمية. ومثال على ذلك: ترتيب غرفة النوم، كثرة المكالمات على الهاتف مع الأصدقاء... وذلك كي لايتحول عالم الإبن إلى عالم من اللاءات وسيل من الأوامر التي لاتنتهي.

3- قد يكون عدم انصياع الإبن وعصيانه للأوامر سببه هو عدم وضوح وعدم تحديد هذه الأوامروالتعليمات، فالأمر والتعليمات لابد أن تكون دوماً:

أ- إيجابية تسبقها كلمات ذات وقع طيب على النفس مثل: رجاء – لوسمحت – لوتكرمت.

ب- وأن تكون محدودة لاعمومية كما لويقول الأب لابنه: رجاء أن تصّلي مافاتك من الصلوات.

ج- وأن تكون واضحة غير مشوشة كما لويقول الأب: رجاء أن تصلي الأن ما فاتك من الصلوات الآن قبل الخروج.

د- وأن تكون مقنعة وليست تعسفية كما لو يقول الأب: رجاء أن تصلي مافاتك من الصلوات الآن قبل  الخروج حتى لاتتراكم عليك الصلوات فتنسى كم صلاة عليك أن تصليها.

ه- وأن تكون مشبعة بالحب والحنان لا بالكراهية أو الرغبة بالانتقام كما لو يقول  الأب: رجاء أن تصلي.... مافات من الصلوات قبل الخروج حتى لاتتراكم عليك الصلوات..هيا يابطل أنا بانتظارك كي نصلي جماعة.

و- وأن تكون مشبعة بالتشجيع لا بالتثبيط  وإضعاف العزيمة فيضيف الأب على الجملة  السابقة قوله مثلاً: رجاء... فأنا منتظر ذلك اليوم الذي تحافظ فيه على صلاتك حتى أئتمنك على  بعض الأمور فلا تخذلني في أمنيتي هذه يا رجل.

4- وأن يتجنب الأب أسلوب الكلمات التي تحمل معاني الاتهام والحدة مثل: ماذا قلت لك؟ صلّ الآن. لماذا لم تفعل كذا وكذا؟ ماذا بك ؟ أنا لاأفهمك لأن هذه الأساليب تفقد الابن الثقة بالنفس وبتالي لايستجيب ويجنح إلى سلوكيات العناد والعصيان.

5- على الأب أن يعطي لابنه وقتاً للاستجابة ولا ينهال عليه بالطلبات دفعة واحدة.

6- وعلى الأب أن يكون عادلا في أوامره بين أبنائه وأن يظهر لهم هذا العدل دونما كلل أو ملل. كما يقول لابنه: رجاء أن ترتب حجرتك  بينما يرتب أخوك  حجرة الطعام.

7- على الأب أن يسعى نحو فهم أسباب رفض الانصياع إلى أوامره ومطالبه. وهل إن ذلك نابع من إحساس الإبن بنوع من عدم العدل في توزيع المطالب والأوامر أم أن غموض الأوامر وراء عدم الانصياع.

8- التعامل مع الأبن بأسلوب التحفيز كما لو يقوم بمدحه عند الاستجابة، ويتدرج المدح مع سرعة الاستجابة.

9- وضع الجداول: وهو الأسلوب الذي أعطى نتائج إجابية على أكثر من صعيد.

المصدر: كتاب فن تربية الطفل

ارسال التعليق

Top