في خطوة أولى لمكافحة الأخبار الكاذبة والمحتوى المزیف، طوّرموقع فيسبوك آلیة جديدة للتحقق من صحة الصور والفيديوهات المنشورة عليه، من خلال تطوير نموذج للذکاء الاصطناعي يكتشف المحتوى المزیف، ويميّزه عن الأخبار الصحيحة، وتأتي هذه الخطوة بعد انتشار مزاعم استغلال الموقع الواسع الانتشار في توجيه الرأي العام خلال الانتخابات الرئاسیة الأمريكية الأخيرة.
الفکرة نفسها، وهي محاولة محاصرة انتشار الأخبار الكاذبة، تم اتخاذها في تطبيق الـ «واتس أب» عبر تقلیص عدد المستهدفین في خاصية إعادة التوجيه التي تمكّن المستخدم من إرسال أو إعادة إرسال الرسالة نفسها لعشرات الأشخاص بضغطة زر واحدة.
هذه الإجراءات المتخذة في أشهر مواقع التواصل الاجتماعي، لن تخرج عن محاولة امتصاص غضب بعض المستخدمين الذین یحمّلون تلك المواقع وحدها مسؤولية الآثار السلبیة المباشرة في انتشار الأخبار المزیفة وتمدّدها في بعض الحالات، لتتحول إلى أعمال عنف يقع ضحيتها الأبرياء كما حدث في الهند مثلاً، تلك المحاولة اليائسة لن تعالج جذور الأزمة العميقة، لكنها على الأقل ستضمن عدم حظر استخدام التطبیقات في دول يصل تعداد سكانها إلى مئات الملایین.
إن عمق الأزمة لا يقتصرعلى خبر صيغ بطريقه خبيثة، أومقطع فيديو تم العبث فيه بحرفية عالية، لأنّها في الواقع أعمق من ذلك بكثير، وذات أبعاد أخلاقية وثقافية وتعليمية... إلخ، ولو تمعّنا فيها قليلاً لاكتشفنا مثلأ أن مواقع التواصل الاجتماعي مجرد فضاء رقمي فتح للناس، وكل في إنائه یکتب، بعكس وسائل الإعلام التقليدية (صحف ورقية، قنوات تلفزیونیة) التي تنقل/ تصنع الأخبار وتنشرها وفق سياستها التحريرية الخاصة.
من المؤكد أن الأزمة تأتي من المستخدم لا المكان الذي يكتب فيه، وبعض الوقائع المتکررة تثبت ذلك، فمثلاً تتكّررالأخبارالمزيفة نفسها، وردود الأفعال نفسها عشرات المرات، دون أمل في نهايتها.
وأكثرما يلفت النظر هو تمويت المشاهير والشخصيات العامة رقمياً رغماً عنهم، ولا يعرف حتى اللحظة مصدرالقوة الخفية التي تبقي خبرالوفاة المزعوم رائجاً، رغم تأكيد المرحوم الرقمي وجوده علي قيد الحياة الفعلية؟ هل هي رغبة متأججة للتصديق والعيش في وهم الخبر(الحصري والعاجل)، وسط المئات من المهووسین بهذا الخبر(الحصري والعاجل)؟
إن صلابة الفرد والمجتمع في مواجهة الأخبار الكاذبة تعتمد، بشكل كبير، على حيوية العقلية الناقدة، المتفحصة، المتأنية، وهذه لا توجد سوى في البيئات الشفّافة، المنفتحة، الناضجة، وفي الوقت الذي يتم فيه اتخاذ بعض الإجراءات المقّيدة لانتشار الأخبار المزيفة، علينا التفكير جدياَّ في تحصين عقولنا منها، لنكون نحن مَن يقتلها في مهدها، أو على الأقل لا نمررّها لغيرنا.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق