في أجواء عيد الفطر المبارك، علينا أن نكون كما أرادنا الله، مصدر فرحٍ وسعادةٍ وسرورٍ لأهلنا وأرحامنا ومجتمعنا، حتى ننال الفرح والسرور عند الله تعالى، فنكون بذلك من الفائزين.
هكذا، يعيش الإنسان فرح الطاعة في العيد، لكونه قد نال رضا الله، وجعل من نفسه إنساناً أفضل، من خلال أدائه لهذه الفريضة، كما أنّ عليه أن يكون مصدراً للفرح للآخرين، سواء أهله وعياله، أو الفقراء والمساكين، ومن أجل ذلك، كانت زكاة الفطرة التي تجعله يفكِّر في منح الفرح لمن لا يستطيعون إليه سبيلاً، فكما أنّه شارك في صوم الفقراء وشعر بالجوع معهم، حتى يشعر بمعاناتهم، فإنّ ذلك يدفعه لأن يدفع من أمواله إليهم، كما قال تعالى: (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) (النور/ 33). وهكذا يكون الإنسان المؤمن عنصر فرحٍ وسرورٍ للمؤمنين، ولا سيّما الأقربين منه، حيث يكون المؤمن عنصر فرح وسرور لزوجته وأولاده، والزوجة تكون عنصر فرح لزوجها وأولادها، وهكذا بالنّسبة إلى المؤمنين، بحيث ندرس ونعمل على تلبية الحاجة التي تفرّح الإنسان وتسرّه وتكون في طاعة الله، حتى نصنع في مجتمعنا الفرح، وذلك هو الذي يؤدِّي بالإنسان إلى فرح الآخر. وإنّ من أكثر موارد الأجر والثواب للمؤمن، هو إدخال الفرح على الأيتام الذين فقدوا معيلهم، وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ في الجنّة داراً يُقال لها دار الفرح، فلا يدخلها إلّا من فرَّح يتامى المؤمنين»، وفرح يتامى المؤمنين هو بكفالتهم ورعايتهم، حتى لا يشعروا بالإهمال والنقص والأسى، فهذه هي الأوقات المباركة، فكم يبعث على السرور والراحة لدى الإنسان، أن يساهم في نشر الفرح على وجوه هؤلاء الذين أوصى بهم الله تعالى.
العيد هو عودة إلى الله، والعودة إليه تعالى، لابدّ وأن تكون نافعة، لها أثر طيِّب وثمار عملية في سلوك الإنسان، بحيث يشعر بأنّه مستعدّ على الدوام لأن يلتزم حدود الله، وألّا يخون الأمانة في ممارسة دوره الطبيعي، في رفد المجتمع بكلّ ما يحفظه من الأذى. ونسأل أنفسنا: هل نمتلك الأرضية الروحية والأخلاقية والإنسانية التي تؤهّلنا فعلاً لعودة ناجحة إلى الله تعالى، فنتخفّف من ذنوبنا وآثامنا، ونهجر ارتكاب المحرمات، ونبتعد عن ممارسة العدوان على أعراض الناس وأموالهم وممتلكاتهم؟! أن نعيش روحية العيد وأفراحه وأجواءه الحقيقية، عندما نكون في موقع قريب من رِضا الله في كلّ سلوكياتنا وأوضاعنا، فلا شيء أرقى ويبعث على الفرح والسرور مثل الأنس بالله، وتحسس وجوده في نفوسنا وحركتنا في الحياة.
الفائزون فعلاً، فهم الذين يستطيعون أن يجعلوا من شهر رمضان زاداً روحياً طوال السنة، ويجعلوا منه فرصةً لتغيير أنفُسهم، والتقرُّب من الله أكثر، والتخلّق بأخلاق المؤمنين، والقيام بما يحبّه الله ويرضاه على المستوى الروحي وعلى المستوى الاجتماعي، بحيث لا يقتصر الأثر الإيجابي للعبادة في دائرة ذواتهم، بل يتعدَّاه إلى المجتمع من حولهم، عندما يقومون بدورهم في مساعدة الآخرين، وخصوصاً مَن يحتاجون إلى المساعدة، مثل الفئات الفقيرة والمحرومة في المجتمع، الذين أوصى الله تعالى برعايتهم والإحسان إليهم.
إنّ عيدنا هو عيد الفرح، وفرحنا أن نعطي الفرح من قلوبنا لكلّ الفئات المحرومة، وأن نعطي الفرح لكلّ الإنسانيات المتألّمة، وأن نعطي الفرح لكلّ المشرَّدين ولكلّ الحزانى ولكلّ البائسين، وعند ذلك لا يكون الفرح شيئاً في الزمن، بل يصبح شيئاً في الإنسان. ذلك هو عيد المؤمن الذي ينبغي أن يكون طاعةً لله بالرفض لمعصية الله، وأن يكون عيده بالمحبّة لعباد الله وبالنفع لعيال الله، ففي الحديث: «الخلقُ كلّهم عيالُ الله، وأحبّهم إلى الله أنفعهم لعياله».
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق