• ٢٤ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢٢ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الحاج كاظم عبدالحسين وحركة التأسيس

الحاج كاظم عبدالحسين وحركة التأسيس

قبل أن يشرع سماحة الأستاذ السيد جعفر السيد محمد حسين فضل الله درسه، في الحوزة العلمية المعهد الشرعي الإسلامي في بيروت، تحدث حول الشخصية التي رحلت قبل يوم من زمن الدرس، والتي عبّر عنها بأنها صاحبة حركة التأسيس، وهي شخصية عرفت ببصمتها الإنسانية في بقاع كثيرة من الأرض، وهي الحاج كاظم عبدالحسين رحمه الله.

ولأهمية ما تحدث به السيد الأستاذ حول هذه الشخصية، أحببت أن أقرر ما تفضل به من ركائز كانت موجودة في حركة الحاج كاظم عبدالحسين رحمه الله، وهي تغطي جزءً من حركة كان لها الدور الكبير للصحوة والوعي الإسلامي، والذي في الحقيقة أننا نعيش بعضًا من ثمارها.

بدأ سماحته بتعريف بسيط له، على أنه هو أحد الوجهاء الخيرين والعاملين للإسلام في الكويت، وبرر عن الدافع الذي جعله يذكره بهذه الكلمة المخصصة له في الحوزة بالذات دون غيرها، لماذا حديثي عنه بالحوزة!؟ لأننا مما نعرفه من سيرته أنه ثقة المراجع، منذ السيد الخوئي (رضوان الله عليه) وما بعده ...، وكانت تربطه علاقة متميزة مع السيد فضل الله (رضوان الله عليه)، وكان السيد يعتبره أخًا له ...، وهو صاحب ومؤسس حملة التوحيد الكويتية، وهي كانت محض فكر الوعي المبكّر الذي يتحرك في خط كل الرموز الحركية الواعية الإسلامية التي تؤمن بالإسلام حركة على الأرض.

ما أريد أن أتوقف عنده، وهو الذي يشكل حجة علينا، وهو في نفس الوقت عبرة لنا، وهو أن هذا الإنسان مبكرًا كان يذهب إلى المناطق التي لا يذهب إليها أحد، حتى أنهم كانوا يعبرون الأنهار في افريقيا، وهذه الأنهار فيها التماسيح والحيوانات المتوحشة، وكانوا يعبرون هذه الأماكن ليصلوا إى أماكن فيها الفقراء والمساكين والمحرومين الذين لا يصل إليهم أحد في هذا المجال، وكان ذلك باسم الإسلام، فإنسان من هذا النوع يكون مصداقًا لقوله تعالى: {وَما لَكُم أَلّا تُنفِقوا في سَبيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ ميراثُ السَّماواتِ وَالأَرضِ لا يَستَوي مِنكُم مَن أَنفَقَ مِن قَبلِ الفَتحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذينَ أَنفَقوا مِن بَعدُ وَقاتَلوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الحُسنى وَاللَّهُ بِما تَعمَلونَ خَبيرٌ}. (الحديد: ١٠).

فالسابقون عادة هم مؤسسون، بمعنى أنهم يحرثون الأرض ليأتي من بعدهم من يكمل الطريق، ويجد أرضًا سهلة ...، فإننا نعي ذلك جيدًا لأننا نعرف من السيد فضل الله فيما صنعه في هذه الأرض وفِي هذه الحالة ...

لذلك عندما يأتي إنسان ليكمل، يجد أن كل شيء حاضراً، هناك أرضاً محروثة، وهناك بذار، وهناك أنهاراً وأشجاراً وثمراً على أكثر من صعيد.

فإن الفكرة الأساسية هي: أن هؤلاء وهذا الجيل، هو الجيل الذي جاء وكل الدنيا ضده، فالتيارات ليست تياراتًا إسلامية الخط، والتيارات الاسلامية غريبة، فأنت تعد على أصابع اليد عدد الناس الذين يصلون، والذين يجهرون بصلاتهم أمام الملأ، فكيف تتحدث عن حركة إسلامية تريد أن تتحرك على الأرض؟!

لذلك فإن جهد هؤلاء في الزمن الذي عاشوا فيه، حركة وتأسيساً وجهداً، يبقى له ذخراً ويبقى له أَجْراً إلى ما بعد أجيال ربما تبقى تأكل على فتاتهم إذا صح التعبير.

وما هو حجة علينا نحن كأناس نعمل في خط الدعوة للإسلام، هو أن لا نشعر بأن علينا أن نتحرك فقط في الخطوط السهلة، هذا التفكير لم يكن يفكر فيه هذا الجيل السابق، سواءً ممن كانوا يعملون في العمل الديني من خلال التخصص، أو الذين كانوا يعملون في العمل الديني كالحاج كاظم عبدالحسين رحمه الله من موقع الهم ومن موقع الشعور بالمسؤولية، بحيث أنه عنده طاقة معينة وفكراً معينًا ولو محدداً من غير تخصص -ليس رجل دين- ولكنه كان يوازي في حركته وفِي همه حركة كثير من رجال الدين، ولذلك اعتقد بأن ما هو حجة علينا اليوم هو مثل هؤلاء الأشخاص، أن نشعر بأن ما قدمواه لا يترك لنا عذراً بين يدي الله عزوجل بأن نفتش عن الخطوط السهلة، وعن الواقع الذي نتحرك فيه ببعض آليات الدنيا بشكل وبآخر، كالعدد وطبيعة الأشخاص وطبيعة المكان والزمان ...، بل علينا أن نشعر كما قال النبي (ص) لعلي (ع) عندما بعثه إلى اليمن وكان حزينًا لفراق رسول الله قال: «يا علي، لئن يهدي الله بك رجلًا، خير لك مما طلعت عليه الشمس».

إن الرجل نموذج الإنسان، قد يكون في قرية نائية ونذهب إلى هذه القرية النائية، ونرى أربعة أو خمسة أشخاص، وواحدا منهم تكون لنا فرصة أن نعرفه ما يهتدي به إلى خط الإسلام الأصيل، لذلك فإن مثل هذه الشخصيات للإنسان، يشعر به كونه كان جزء من هذه الرموز الأساسية في العمل الإسلامي التبليغي الدعوي، ولو من حيث الإحتضان، ونعرف أنه كان لها تأثيراً كبيرًا في موقعها، وأسست لما بعدها.

فنسأل له الرحمة والمغفرة وعلو الدرجة، وأن يجعله عبرة لنا لنتحرك في الخط  التبليغي للإسلام، فالطريقة هذه التي نعذر فيها أمام الله عزوجل، مما نجده من هذه النماذج التي حولنا.

 

والحمدلله رب العالمين

والفاتحة لروحه الطاهرة

الحوزة العلمية

المعهد الشرعي الإسلامي

بيروت- حارة حريك

الشيخ صلاح مرسول العصار

من كلمة قد ألقاها #السيد_جعفر_فضل_الله قبل الشروع بالدرس

١٧/١٠/٢٠١٨

٨ صفر ١٤٤٠

ارسال التعليق

Top