• ٣ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مثبطات التغيير والحل الاستراتيجي

مثبطات التغيير والحل الاستراتيجي

◄أي فرد منّا يحاول أن يبدأ بممارسة عملية تغيير سواء كان تغييراً مادياً، أو معنوياً – أو تغيير نفسه أو من هم حوله – سواء كان تغييراً فردياً أو جماعياً – فإنّه سوف يواجه بعض المثبطات، وهنا في هذا الموضوع سوف نذكر مجموعة من المثبطات مع ذكر استراتيجية الحل لكل مثبط من هذه المثبطات.

 

1- الشعور بعدم الارتياح:

بمعنى: المحافظة على الأمر الواقع أمر مريح، ولذا فإن أي تغيير سوف يواجه بقلق، خوف، تردد.

الحل الاستراتيجي:

العلاج لهذا المثبط هو مخاطبة النفس بأن شعور عدم الارتياح المصاحب لعملية التغيير، شعور طبيعي ومتوقع وغير مستغرب، بل المستغرب أن يمارس الإنسان عملية تغيير ويشعر أن كل شيء طبيعي ومريح، ثمّ إنّ الخوف سرعان ما يتلاشى مع بداية تطبيق التغيير.

 

2- التفكير بما سنفقد:

بمعنى: كون التغيير عملية ليست مضمونة النتيجة، فإنّ الإنسان يبدأ التفكير بما قد يفقده جراء ما يقوم به من تغيير.

الحل الاستراتيجي:

علاج هذا الأمر، أنّ لا تناقش نفسك أو من يحدثك في هذه المسألة، ترى لو غيرت من حياتك وواقعك يمكن أن تفقد كذا... وكذا، كلا.. دعه ولا تلتفت له ولا تحفل بما يقول؛ لأنّ فقدان بعض الأمور هنا هي مسألة خوف، والخوف لا يناقش بالمنطق.. الخوف يناقش بالقرار، نعم، أن يأتي الإنسان بسبب منطقي يمكنني أن أجيب عليه بجواب منطقي.

أعود فأقول، العلاج أن لا تفكر ما وسعك ذلك فيما قد تفقده، واعلم أنّه أمر طبيعي أن تخسر بعض الأشياء وأنت تغير، لكن الهدف من التغيير هو أن تخسر الأشياء التي لا ترغبها وتكسب أشياء منشودة، أو يكون الربح أعظم من الخسارة بكثير، فتفكيرنا يتجه إلى ما نربح لا إلى ما نخسر.

 

3- الشعور بالوحدة:

في كثير من الأحيان يشعر الإنسان الذي يدخل في عملية تغيير بالوحدة والانفراد، ويبدأ يردد: فقط أنا الذي ينادي بالاهتمام بشريحة المعوقين، فقط أنا الذي يهتم بالعلم الشرعي ويحرص على الخروج بالعالم الإسلامي من ربقة التخلف، أنا الوحيد المهتم بتطوير الشركة وتغيير استراتيجياتها الفاشلة.

الحل الاستراتيجي:

العلاج أن تتأكّد دوماً أنّ هناك شركاء لك لعلهم لم يبرزوا بعد، أو لم يعطوا الفرصة المناسبة فعليك أن تبحث عن شركاء بأن ترفع للتغيير راية يجتمع عليها كلّ من تقتنع بها؛ لأنّه كلما كان معك أنصار وشركاء كلّما استطعت أن تغير بشكل أكبر.

 

4- الشوق إلى الماضي:

كلما دخل الإنسان في التغيير شعر بشوق إلى الماضي، لذلك كثيراً ما نسمع من يقول: رحم الله تلك الأيام.. يوم نفعل كذا.. ونعيش هكذا.. أو نتصرف بتلك الطريقة.

الحل الاستراتيجي:

هنا أقول لمن يريد ذلك: لو خيرناك بين أن تعيش اللحظة الحاضرة أو تؤخذ بسنك إلى ذلك الزمان، ماذا ستختار؟.. أنا سوف أختار اللحظة، لأنّ الذي لا يفتأ يتغنى بالماضي وبالأمجاد لا يطور ولا يتطور، نحن لا نعيش حالياً قبل خمس وعشرين أو أربعين سنة، نحن نعيش في عالم متغيِّر، متعة الإنسان فيه بل ومتعته العظيمة هي في الاحتكاك بهذا الواقع، في حين أنّه من السهل للإنسان أن يعيش مسترخياً بلا نقاش ولا حوار ولا تحد ولا تغيير ولا طموح، لكن المتعة في أن يكون للإنسان طموح وتحدِّ ومصارعة وكفاح وإخفاقات ونجاحات يستمتع بها.

نعم، هذه هي المتعة الحقيقية، أما الشوق إلى الماضي فعلاجه أن نستمر ونثابر حتى نكوّن عادات جديدة، ننسى بها عاداتنا القديمة وطرقنا التقليدية، التي كانت مناسبة لذلك الزمان، ولكنها لا تناسبنا اليوم.

 

معاناة على طريق التغيير:

رغم معرفتنا بجمال هذا الأمر وأهميته وبضرورته، إلا أننا نقاوم أحياناً هذا التغيير؟

أتعرف لماذا..؟! لأننا..

1-    نخاف على المكاسب:

إنّ الإنسان قد وصل إلى أمور، وحقق إنجازات يخشى أنّه لو غيّر حياته أو طريقته فسيخسر ما حققه من إنجازات.

2-    الخوف على العلاقات:

إن استطعتُ أن أبْني علاقات معينة، في واقع معيّن، وفي ظروف معينة، وأسلوب معيّن في التعامل، فإني أخشى أني لو غيرت تفكيري أو آرائي، أو طريقتي أو لو بدأت أتحدى هذا الواقع، أن أخسر علاقاتي أو واقعي أو أصدقائي.

لذلك بعض الناس يبدأ التغيير فيصطدم مع أهله والمحيطين به، ويسأل نفسه:

لماذا سأقوم بذلك، ولماذا أتحمل كل هذا؟ إذاً دعني على ما أنا عليه.

3-    الخوف من المجهول:

لأننا عندما نغير ونكون مقبلين على مستقبل مجهول غير معروف ونتائج غير مضمونة، لا ندري إن كنا سننجح أم لا، والإنسان عادة يخاف من المجهول.

4-    الخوف من المعارضة:

الإنسان يحب أن يكون متوافقاً مع الناس، ويحب أن تكون علاقته طيبة مع الكل، والذي يريد إرضاء الجميع لا يعارض، والذي لا يعارض لا يغيِّر؛ لأنّ التغيير بطبيعته أنك ستعارض أمراً واقعاً، أو فكراً مستقراً أو قراراً متخذاً، فالذي يريد أن لا يعارض لن يغير، والذي يحرص على إرضاء الجميع لن يستطيع أن يعارض، ولذلك لن يغير.

5-    الخوف من نقص القدرات:

أنا لا أقدر على التغيير؛ لأنّه لا يوجد عندي قدرات أو مال أو منصب.

لو أن الكل فكّر بهذه الطريقة فمن الذي سيصنع التغيير؟!!

وحل هذا الأمر أن تعرف جيداً أنّ القدرات والمال والنفوذ يتم اكتسابها ولا توهب إلا ما ندر، فلا مستحيل تحت الشمس بإذن الله.

ونصيحتي لك: عندما..

يستشعر من حولك بالضيق وعدم الراحة

قل لهم: أن ذلك طبيعي ومتوقع.

يفكر من حولك فيما سيفقدونه:

ما عليك فعله أن تبيّن لهم ما سيحصلون عليه.

شعر من حولك بالوحدة، إن كان الجميع يمر بالتغيير:

قم ببرمجة الأنشطة بحيث يشترك الجميع فيها، وشجعهم على المشاركة في الأداء والعمل معاً لكي يساعد بعضهم بعضاً على الاستمرار في التغيير.

يستطيع من حولك تحمل قدر معيّن من التغيير:

قم بوضع أولويات، ووزع أدوار التغيير على من يساندك.

يختلف من حولك في استعدادهم للتغير:

هذا أمر طبيعي، فبعض الناس يحبون التغيير والبعض لا يحب، ويحتاجون وقتاً أطول للشعور بالطمأنينة.

يتذكر من حولك أنّ الموارد المتاحة (الوقت والمهارات والأموال) ليست كافية.

شجّع على الابتكار والإبداع في حل المشكلات واستخدام مبدأ فن الممكن.

إذا ما بدأ يختفي ضغط التغيير فإن من حولك سيرجعون إلى سلوكهم القديم وعاداتهم القديمة:

قم بالتركيز على استمرارية التغيير، وأدر رحلة التغيير بنجاح.►

 

المصدر: كتاب حرِّك مياهك الراكدة

ارسال التعليق

Top