في أي مكان وفي أي مجال نجد في حياتنا ممن نقابلهم إما أن يكونوا مصدراً لسعادتنا وتفاؤلنا، أو سبباً لشقائنا وتشاؤمنا. بالتأكيد في أعماق كل منا جزء ولو بسيطاً من الحزن أو الفرح من السعادة أو الشقاء من التشاؤم أو التفاؤل، يكبر هذا الجزء ويصغر حسب مسيرة الفرد ونفسيته وعلاقاته وتغيرات المجتمع من حوله، وكثيرة هي الشخصيات التي مرت في حياتنا وأسهمت في صنع الحب أو الكره بداخلنا، منها ما مر مرور الكرام، والقليل منها ما توقفنا عندها واسترجعنا ذكرياتنا معها، ومنها الفئة السلبية المتخوفة المتوجسة المتوقعة دوماً بحدوث المصائب، الضعيفة في مواقفها الكئيبة في ألفاظها، كلماتها مستوحاة من قاموس النكد، تصوّب سهامها المسمومة نحونا لتنكد علينا، حتى عندما يكون الموقف مبهجاً يدعو للأمل، إلا أنّ لديها قدرة على أن تحول سعادتنا لحزن دائم، وعكسها الفئة المتفائلة التي تشع بالدفء؛ لا تعرف اليأس، دائمة الابتسام، تصدر لنا الفرح وتصنع البهجة في قلوبنا، بمجرد أن نراها تزيل عنا الحزن أو الاكتئاب، نسعد بوقوفها في أزماتنا لتخفف عنا، لديها القدرة في نقل ابتسامتها لوجوهنا، وهناك فئة نتمنى أن نلغيها من حساباتنا؛ حتى لا تضيق صدورنا وتنقبض قلوبنا. هكذا هم البشر؛ منهم من دخل وخرج من حياتنا كعابر سبيل، ومنهم من عاش لفترة قصيرة ورحل بعد أن ترك بصماته في قلوبنا وعجزنا عن نسيانه وعن كراهيته وعن استبدال آخر به، فإقامته دائمة في ذاكرتنا، والبعض نحتاج إلى وجودهم إلى جانبنا ولا نستطيع الاستغناء عنهم، ونحبهم ونتحدث مع كل الناس عنهم، ونتألم لغيابهم، ونسعد بوجودهم معنا في كل الاوقات، وهناك من كان قدوة لنا وسيظل كذلك طوال حياتنا، وهناك من ملأ أعماقنا بالألم كلما تذكرنا أنّه من أحببناه وتقاسم تفاصيل يومنا، وكم يصعب علينا تصور الحياة من دونه، ونتألم لبعده، وهناك من نكره تذكّره؛ لأنّه النقطة السوداء في ماضينا؛ تعلمنا على يديه البكاء والحزن والانطواء، فسرق منا الهدوء والاستقرار، وهدد لحظاتنا السعيدة، ونحاول جهدنا أن ننساه، وهناك من لا يستحقون دموعنا، ولا أن نقضي عمرنا نحزن على فراقهم؛ لأنهم اختاروا الرحيل عنا عندما كنا في حاجة إليهم، أو عندما رغبنا في أن يشاركونا فرحتنا. رحلوا ليكملوا حياتهم من دوننا، وهناك من نحبهم بصمت ولا نقترب منهم؛ لأنّ الحواجز بيننا وبينهم كثيرة، وهناك من لا أثر ولا أهمية له في حياتنا بعد أن سقط من أعيننا لحظة ظهوره على حقيقته، وتكشف لنا سوء نياته وانهيار أخلاقياته، وفي النهاية علينا أن نختار من يرافقنا رحلة العمر؛ من نعطيهم ويعطوننا، من نتفق أو نختلف، ثمّ نتسامح، من يرد غيبتنا ويستر عيوبنا، فئة لا تعرف الحقد ولا الحسد، نختار من يفهمنا ويسمعنا من دون تذمر وبصدر رحب.
حكمة رائعة أعجبتني: "الوسادة تحمل رأس الغني والفقير، والصغير والكبير، والحارس والأمير، لكن لا ينام عليها بعمق إلا مرتاح الضمير".
ارسال التعليق