◄يقول علماء الإنثروبولوجيا "أو علم دراسة الإنسان": "إنّ الإنسان عرف الصوم ومارسه منذ فجر البشرية"، ثمّ جاء الإسلام وفرض الصوم بأسلوب آخر، إذ يبدأ يوم الصائم من أول أذان الفجر إلى أذان المغرب أي نحو 16 ساعة يومياً لمدة شهر واحد في السنة. فهذا الصوم فضلاً عن كونه أمراً تعبدياً، فإن فيه من الفوائد الطبية ما لا يعد ولا يحصى.
ولقد دأب الكثير من العلماء والباحثين على دراسة أسراره الطبية، وخرجوا بنتائج يطول شرحها، وخلصوا إلى نتيجة هي أنّ الصوم ضروري لحياة الإنسان وصحته، وأن أي مخلوق إذا امتنع عن الصوم فلابدّ من أن يصاب ببعض الأمراض، لأنّ الصوم يساعد الجسم على تنشيط وظائفه "البيولوجية" فعند الصيام تقل كمية الطعام وعدد الوجبات الغذائية، مما يؤدي إلى المساعدة في تنظيم التنفس، لأنّ الأمعاء بما فيها من طعام قليل لن يضغط على الصدر والقلب، ومن ثمّ يحدث التنفس بصورة مريحة، ويقل عدد ضربات القلب ومرات التنفس لأنّ الجسم في أثناء الصوم يكون في غير حاجة لبذل مجهود كبير، أو دفع كمية كبيرة من الدم إلى الجهاز الهضمي، وذلك للمساعدة في هضم الكميات الهائلة من الطعام كما هو الحال في أيام الإفطار العادية.
- راحة.. وتجديد:
ونظراً لأنّ الجسم أثناء الصوم يستهلك كمية أقل من الغذاء لتزويده بالطاقة الحرارية اللازمة، فإنّ هذا يعني حصول الجهاز الهضمي، وغدده على فترة من الراحة تسمح له بتجديد خلاياه وأنسجته التالفة، هذا بالإضافة إلى تقليل العبء الواقع على الجهاز القلبي والدوراني والدم، بحيث تقل كمية الطعام المهضوم الممتص الذي يحمله الدم عبر الأوعية الدموية إلى جميع أجزاء الجسم – كلُّ حسب نوعه – وبالطبع ينجم عن هذا قلة الفضلات الناجمة عن عمليات التمثيل الغذائي التي يسبب وجودها إرهاقاً للكليتين.
ومن الحقائق التي توصل إليها العلماء كفوائد للصوم أنّ الإنسان عندما يفرط في تناول الأغذية والأدوية، فإنّه قد يُصاب بالتسمم بالعناصر الداخلة في تركيبها وأنّه أحوج ما يكون إلى الصوم أياماً متتالية، بل أسابيع لطرد هذه المواد الدخيلة على الجسم.
كذلك، فإنّ الدراسات الحديثة تشير إلى أنّ أوّل الأعضاء التي يتغذى عليها جسم الإنسان في أثناء الصوم الأعضاء المصابة بالأمراض والشيخوخة، وخاصة المحتقنة، والمتقيحة، والملتهبة، إذ تكون أول الخلايا المستهلكة، وأوّل ما يتأكسد من أنسجة الجسم ويحترق لذلك، فإنّه في الصوم يصغر حجم الخلايا التالفة، والأورام، والزوائد اللحمية، والأكياس الدهنية، والأورام الليفية.
وإضافة إلى ذلك، فإنّ الذي يقول: إنّ الصوم يعطل إلتئام الجروح والكسور يكون مخطئاً، إذ أثبتت الدراسات العكس تماماً، إنّ الجسم يستنفد أنسجته الأقل أهمية في إصلاح الأنسجة الأكثر أهمية.
وقد أكّدت الدراسات الطبية أنّ المخ أثناء الصيام يفرز مادة الفيلادين ومادة الأندوفرين اللتين تعملان على ضبط الأعصاب وإستعادة توازنها، وتهدئة الإنسان دون الإستعانة بالمهدئات، كما أن هاتين المادتين يزداد إفرازهما عندما يصبر المسلم، ويجاهد نفسه، ويواجه الأمور بعزم مستمسكاً بعقيدته، ويزداد تدفقها مما يوقف إستمرار تيار الألم في العضو المصاب، ومنعه من الإنتقال عبر الأنسجة العصبية إلى الجزء الخاص في المخ بتفسير الألم والإحساس به، أي أنّ الصوم يعتبر من أعظم طرق الطب الطبيعي لإزالة حالات الشعور بالألم، أو تقليل حدوثه على الأقل.
وفيما عدا ذلك، فإنّ الصوم علاج أساسي لكثير من الأمراض القلبية، والجهاز الهضمي، والكبد، والكُلى، والمسالك البولية، فضلاً عن دوره في علاج بعض الأمراض الجلدية، والضعف الجنسي.
خلاصة القول: إنّ الصوم فرصة ذهبية لإستعادة الجسم البشري لتوازنه "البيولوجي"، ولتجديد نفسه بنفسه، ففي الأثر: "صوموا تصحوا".►
ارسال التعليق