وهي علم: لأنّها قائمة على مجموعة قوانين ونظم، وخلاصة تجارب صيغت ضمن إطار مدارس علمية حضارية، وعلى أيدي خبراء ومتخصصين، وتدرّس في الجامعات والمعاهد العليا في العالم، ويستخدم فيها أغلب المناهج العلمية الحديثة كالاستقراء المنطقي، واللوائح الاستبيانية، والقياس، وغيرها، من أجل الوصول إلى النتائج الصحيحة، والقواعد العلمية لأصول التربية.
وبين الفن والعلم، نحن بحاجة إلى جيل يجمع بين الماضي والحاضر الماضي بأصالته، والحاضر بتطوره.. جيل يحمل تطلعات أُمّته، ويسعى من أجل تحقيق أهدافها.
جيل يبصر الماضي، وينظر إلى المستقبل بعين البصيرة، فلا يلغي الماضي من حياته، ولا يتلقى المستقبل بأحضانه، وإنما يقف ثابت الجنان، راسخ القدم، رافع الهام، منتصب القامة، قوي القلب، صاحب ضمير ووجدان، ينشد الخير والصلاح، ويسعى للحقّ والعدالة، ويتحمل قسطاً وافراً من الجهد والتعب في بناء مستقبل زاهر لأبناء جلدته.
ثمّ إنّنا – جيل المستقبل – أمام موجات عاتية من الأفكار المسموعة، والثقافات الملوثة، والسلوكيات المنحرفة.
ومقابل ذلك نلاحظ، تخلي الأُم عن دورها الحضاري في تربية الجيل الصاعد جاعلة شؤون البيت آخر اهتماماتها، وغياب الأب عن دوره الأبوي وانشغاله خارج البيت ركضاً وراء مشاق الحياة المادية الاستهلاكية.
وبين تخلي الأُم وغياب الأب يظل الأبناء فريسة البرامج الماجنة الهدامة التي تعرضها شبكات التلفزة العالمية – خاصة مع تطور الأجهزة الحديثة – فهي تسيء إلى الأخلاق والمبادئ السامية التي جاء بها ديننا الإسلامي الحنيف، وإحدى منطلقات الدعوة المحمّدية، إذ يقول الرسول الأكرم (ص): "إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
فتقوم هذه المؤسسات الإعلامية بنسف الثقافة الصالحة، وزرع محلها ثقافة اللهو، واللعب، والترف، والاستهلاك... فبدلاً من ثقافة اللب والجوهر، يزرعون ثقافة الديكور والقشور، فينشأ لدينا جيل خالي الوفاض، إلا من الكماليات والجماليات.
والإسلام ضد العصا الغليظة في الماضي، كما أنّه ضد الإهمال والتسيب في الحاضر، بمعنى آخر مبادؤنا وإسلامنا وأخلاقنا ضد سيئات الماضي والحاضر.
فهو في الوقت الذي لا يحبذ استخدام القوة مع الناشئة، يدعو إلى اعتماد التوجيه والمنهاج العملي، والخطة الإلزامية، والتعليم، كأساليب فضلى للتربية.
فالدين ينهى عن فحشاء الجهالة ويأمر بمعروف العلم والثقافة.
المصدر: كتاب كيف نُربِّي أبناءنا لـ علي الصّلاح
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق