• ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

نظرية التأثير القوي لوسائل الإعلام

د. فاروق ناجي محمود

نظرية التأثير القوي لوسائل الإعلام

ظهرت هذه النظرية في سبعينيات القرن المنصرم، وقامت على أنّ وسائل الإعلام ذات تأثيرات قوية، إذا تم تنظيم رسائلها عبر حملات إعلامية منظمة، تعد بعملية تستند إلى أسس وقواعد وقوانين نظريات الإتصال.

وتقوم هذه النظرية على المبادئ الأساسية التالية:

1-  إعادة الرسائل الإعلامية، وفق جدول زمني (التكرار).

2-  التركيز على جمهور محدد تستهدفه الرسالة.

3-  تحديد الأهداف بدقة ووضوح، لكي يقوم المتصل بإنتاج رسائل منسجمة مع هذه الأهداف.[1]

وتحث هذه النظرية على توفير العوامل التالية، لضمان التأثير القوي لوسائل الإعلام:

1-  شمولية وسائل الإعلام، لأنّ الشمولية لا تمكن المرء من الهروب من رسائلها.

2-  تراكم رسائل الإعلام: إذ إن بتراكمها يتم تعزيز تأثيرها على مرّ الزمن.

3-  توافق الإعلاميين مع مؤسساتهم، توافقاً يحد من فرصة انتقاء المستقبل لتصوراته.[2]

 

إنّ عملية الاتصال للوصول إلى التأثير المطلوب يجب أن تتبع خطوات محددة ومتسلسلة، هذه الخطوات هي:

1-  تحديد المستقبل: أي تصنيفه على المستويين، المستوى الكلي (التراكبي) ومستوى العملية الإعلامية.

2-  تحديد الأهداف، وتصنيفها على وفق المستويات الأربعة وصولاً إلى الهدف العام.

3-  تصميم الرسائل: بتحديد المحتويات المحققة لأهداف كلّ عملية إتصالية حسب طبيعة المستقبل، ثمّ اختيار الطرق (الأساليب) القادرة على إيصال هذه المحتويات إلى المستقبل المحدد نوعه، بحيث تحقق الأهداف.

4-  تنفيذ الرسائل: أي إنتاجها، وتحويلها إلى رسائل جاهزة للوصول إلى المستقبل.

5-  إيصال الرسائل: باختيار التسلسل والوقت المناسبين.

 

العوامل التي تجعل التأثير ضعيفاً فهي:

1-  هنالك عوامل وسيطة تقع بين الرسالة الإعلامية وتأثيرها على المستقبل، هذه العوامل تحد من التأثير المطلوب الذي رسمه المتصل في رسالته، وهي؛ العمليات الانتقائية التي يجريها المستقبل في ذهنه، من اصطفاء (انتقاء) الانتباه إلى ما يريد الانتباه إليه، وإدراك ما يريد إدراكه ما انتبه إليه، ثمّ تذكر ما يحتاجه مما أدركه، وعلى حصيلة هذه الانتقاءات، ستتحدد ردة فعله (استجابته)، أي تأثير الرسالة عليه. وبذلك فإنّ الرسالة بمحتواها (مضمونها) و(أهدافها)، أي التأثير الذي أراد المتصل الوصول إليه، ستتعرض إلى عمليات غربلة لا يمكن للمتصل تحديد شكلها ونوعا ومستواها.

2-  إنّ مضمون الرسالة وأهدافها لا يصل دوماً إلى كلِّ الجمهور (المستقبل) بصورة مباشرة، وإنما يصل إلى شرائح كثيرة منه، عن طريق (قادة الرأي) الذين يساهمون عن طريق الاتصال الشخصي، في إيصال مضمون الرسالة وأهدافها، بما يتناسب مع توجهاتهم، بعد أن يتم غربلة الرسالة في ذهنهم بالعمليات الانتقائية، عبر مرحلتين أو عدة مراحل، لذا فإنّ المتصل بعد أن تخضع رسالته إلى العمليات الانتقائية، وما سيقوم به (قادة الرأي) من دور، سيكون غير ضامن، لتحقيق التأثير الذي أراده من الرسالة.

3-  إنّ المجتمع يتباين عبر اشتراك شرائح منه بـ(مكرو ثقافة)، فعليه إنّ العملية الإتصالية ستكون غير قادرة على التأثير في جمهور واسع.

4-  هنالك فروق فردية بين مستقبل وآخر، أنتجتها ثقافته الشخصية والتجارب والظروف التي مرّ بها، هذه الفروق تجعل العملية الإتصالية غير قادرة على ضمان التأثير على جمهور المتلقين بمستوى واحد.

5-  إنّ المستقبل يسعى من خلال الوسائل الإعلامية إلى إشباع حاجاته وتحقيق مصالحه وتلبية اهتماماته، وهذا ما يعيق المتصل عن بلوغ التأثير المطلوب.

 

أما العوامل التي تجعل التأثير قوياً فهي:

1-  وجود البيئة المناسبة.

2-  وجود الشخصيات الكارزمية.

3-  تدعيم وتعزيز التأثير في المستقبل، عبر تكراره بواسطة:

4-  تكرار العملية الإعلامية ذاتها.

5-  تكرار الأهداف عبر أكثر من عملية إعلامية باستخدام الوسيلة نفسها.

6-  تكرار الأهداف باستخدام وسائل مختلفة، مقروءة، مسموعة، مرئية، مرئية مسموعة.

7-  ترتيب أولويات الأهداف، (الأجندة) التي تشكل الاتجاهات الجديدة المطلوبة، على أن تتصف بالشمولية والتكامل، للعمل على الارتقاء بها نحو مستوى الأجندة المنتظمة، أي وضع أجندات، للعمل على أن تصبح أولويات إعلامية، تنظم أولويات اهتمامات المستقبل حسب ما خطط لها للوصول إلى التأثير المطلوب (الهدف العام).

8-  أن تكون مضامين وأهداف الرسائل، متوافقة وهي تسعى إلى بلوغ الهدف العام، بمعنى، أن يتم تنظيمها وتنسيقها بأسلوب الحملات الإعلامية المنظمة، ليكون مجموعها يصب في الهدف العام.

لذا، بناءً على كلِّ ما تقدم، إنّ استراتيجية الإتصال مع الآخر لكي تكون قادرة على الوصول إلى التأثير المطلوب (الهدف) يجب أن تبنى على وفق الخطوات التي حددت على أن توفر العوامل التي تجعل من التأثير قوياً، وتتجاوز العوامل التي تجعل من التأثير ضعيفاً.

 

الهامش:

[1]- الإتصال والإعلام في المجتمعات المعاصرة، صالح خليل أبو أصبع، دار آرام للدراسات والنشر والتوزيع، عمان – الأدن، ط4، 1425هـ/ 2004م، ص147-148.

[2]- المصدر السابق، ص149.

المصدر: كتاب استراتيجية الإتصال مع الآخر (الإعلام الإسلامي متصلاً)

ارسال التعليق

Top