• ١٦ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٤ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

دور المرأة الاجتماعي والسياسي/ ج 1

الشيخ علي حسين غلّوم

دور المرأة الاجتماعي والسياسي/ ج 1


1- شرعية العمل السياسي والجهادي للمرأة:
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة/ 71-72).


- معاني المفردات:
(عَدْنٍ): خلود.
(وَرِضْوَانٌ): الرضوان: الرضا الكثير.
هذه هي الصورة المشرقة للمسيرة الظافرة للمجتمع الموحّد المتضامن على قاعدة الإيمان بالله، من خلال ما يمثله من قيمٍ ومبادئ وخطٍّ للحياة.
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) إنّها ولاية الإيمان التي يشعر فيها كل واحد منهم بالعلاقة الفكرية والروحية والعملية التي تربطه بالآخر، والتي تتحول إلى علاقةٍ وجدانيةٍ حميمةٍ تتعمق في الفكر والروح والضمير والحياة، لأنّها لا تنطلق من نزوةٍ سريعةٍ أو حالةٍ طارئة، بل من قاعدةٍ ثابتةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
وهكذا استطاع الإيمان في مضمونه أن يركّز المجتمع المؤمن، من النساء والرجال الذي حملوا مسؤولية العقيدة على أكتافهم، وتحمّلوا كل نتائجها على صعيد الواقع، بكل هدوء واطمئنانٍ، وذلك ما يريد الله أن يثيره في أجواء المؤمنين والمؤمنات على مدى الزمن في ما يستقبلهم من أجواء وأوضاع. فقد ينبغي لهم أن يعيشوا مثل هذه الولاية القائمة على أساسٍ متينٍ من الخط المستقيم والهدف الواضح.

- معالم المؤمن:
(يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) من خلال ما يمثله ذلك من خط الرسالات التي جاءت من أجل تغيير المجتمع على أساس هدى الله، في ما يريده لعباده من أجواء الهدى، (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) التي هي معراج روح المؤمن إلى ربه، ومظهر عبوديته له وإسلامه له (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) التي هي الوجه الحيّ لحركة العطاء في روحه، وانطلاقة المسؤولية في وجدانه، وتأكيد التضحية في عمله، (وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) في ما يأمرهم به أو ينهاهم عنه فلا يلتزمون بطاعة غيره، فلا طاعة إلا له، ولا خضوع لسواه، (أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ) في ما أخذوا به من أسباب الرحمة، من الإيمان بالله والطاعة لرسوله، والانسجام مع شريعته (إنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) فلا ينتقص أحدٌ من عزته وقوّته، ولا يصدر منه شيءٌ إلا عن حكمةٍ عميقةٍ، تضع كل شيء في موضعه.

- جزاء الإيمان جنة عدن:
(وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) وذلك في مقابل إيمانهم وعملهم الصالح، في ما يمثله الثواب من جزاء مادي، ولكن هناك ثواباً روحياً يفوق ذلك، ولا يفهمه إلا المؤمنون الذين يعيشون الآفاق الروحية للإيمان، فينعمون برضا الله أكثر مما ينعمون بجنته. وقد يجدون الجنة مظهراً لرضاه، قبل أن تكون موقعاً للنعيم، (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ) لأنّه غاية كل مؤمن، ومصدر كل خير، لأنّ الله إذا رضي عن عبده المؤمن، أعطاه كل شيء، ومنحه كل خير، (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذي يشعر معه الإنسان بأنّه أقصى غايته، وأفضل أمانيه.

- المرأة والرجل مسؤولية واحدة:
وقد نلاحظ في هذا الحديث عن المنافقين والمنافقات، وعن المؤمنين والمؤمنات، اهتمام الإسلام بالمرأة، في الواقع السلبي والإيجابي في المجتمع، باعتبارها عنصراً مسؤولاً يتحمل مسؤولية الانحراف في ما تفرضه من نتائج سلبية على مستوى قضية المصير، فالمرأة المنافقة كالرجل المنافق، تسيء إلى المسيرة، من خلال ما تأمر به من المنكر أو تنهى عنه من المعروف، أو تمتنع فيه من العطاء، أو تنسى معه الله، وتتحمل غضب الله، من خلال ما يفرضه هذا الاتجاه من غضبه وسخطه، كما أنّ المرأة المؤمنة، كالرجل المؤمن، تحقق للمجتمع النتائج الإيجابية في ما تأمر به من المعروف، أو تنهى عنه من المنكر أو تطيع به الله ورسوله، أو عندما تقوم بالصلاة وإيتاء الزكاة.
وقد نستوحي من ذلك دعوة المرأة إلى أن تحمل مسؤولية ذلك كله، في انطلاقتها الحركية في الحياة، وإذا كان المعروف يشمل إقامة العدل، والنهي عن المنكر يشمل هدم الظلم، فإن ذلك يعني شرعيّة العمل السياسيّ والجهاديّ للمرأة، في ما تحتاجه الأُمّة من طاقاتها ونشاطاتها، وإن لم يجب عليها العمل المسلّح في حالات الحرب في الأوضاع الطبيعية. وبهذا يؤكد الإسلام نظرته الإنسانية إلى دور المرأة في بناء المجتمع على أساس القاعدة الإسلامية التي أكّدها الله ورسوله في الكتاب والسنّة، ويوجّه الأُمّة إلى الاستفادة من دورها في كل المجالات التي تستطيع فيها على دورها الأنثوي، كأم وكزوجة وكربة بيت، فإننا في الوقت الذي لا نقلّل فيه من هذا الدور المهمّ في حياتنا وحياة الأُمّة، فإننا لا نعتبره كل شيء، كما لا ننتقص من الأدوار الأخرى الفاعلة على جميع المستويات العامة والخاصة.

2- هل الضعف سمة المرأة قرآنياً؟
(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ * أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) (الزخرف/ 15-18).

- معاني المفردات:
(وَأصْفَاكُمْ): أخلصكم.
(مَثَلاً): المثل هو الشبه المجانس للشيء.
(كَظِيمٌ): مملوء كرباً وغيظاً.
(يُنَشَّأُ): يتربى.
(الحِلْيَةِ): زينة الأنثى.
(الخِصَامِ): المخاصمة والمحاجة.
هذه هي بعض الأفكار التي كان الجاهليون المتخلفون يثيرونها في عقائدهم وتصوراتهم عن الله، وفي منهجهم الذي يركزون عليه انتماءهم العقيدي في حياتهم، مع الالتفات إلى الأفكار الرسالية التي تواجه ذلك كله.
(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً) أي ولداً باعتبار أنّ الولد جزءٌ منفصلٌ عن والده بطريقة التوالد المعروفة.
(إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ) فهو يكفر بالحقيقة الإلهية التي لا يمكن أن تقبل التجزُّؤ ينفصل جزءٌ من الله ليكون ولداً له، والحقيقة الإلهية تمثل البساطة بكل معانيها والوحدة بكل أبعادها، والغنى بكل مجالاته، ولكن سيطرة التخلّف على العقل توحي له بتصوراتٍ لا أساس فكرياً لها عندما يقيس الله بخلقه وينسب إليه ما ينسب إليهم.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نسبوا إلى الله البنات، فقالوا إنّ الملائكة بنات الله، بينما يرون للبنين قيمةً وميزةً وشرفاً لا يرونه للبنات، فكيف اتّفق لهم – من خلال مفهومهم هذا – الوصول بتفكيرهم إلى أن ينسبوا لله ما هو دون القيمة المثلى – بقطع النظر عما إذا كان ذلك صحيحاً أو غير صحيح – مع أنّ التصور الدقيق لله الذي يعتقدون ألوهيته وسيطرته على الكون عبر خلقه له، وتدبير نظامه، يفرض أن يكون المثل الأعلى والقيمة الكبرى.
(أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ) كما تقولون (وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ) فأخلصهم لكم في ما تريدونه لأنفسكم، فكيف اعتقدتم بأنّ لله البنات، وهو لديكم عيبٌ وعارٌ كما تشير إلى ذلك الآية التالية.

- قيمة المرأة في الجاهلية:
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا) في ما نسبه إليه من اعتبار الملائكة إناثاً (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) جراء ما يحس به من غم وهمّ وكرب بسبب القيمة المنحطّة للأنثى في نظره، فهي قد تجلب الذلّ والعار لوليها في حياته في المستقبل فيتجمع الغيظ في صدره، وهو غيظ لا يملكون رده في الواقع.
(أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ) أي في الزينة التي تربّى الأنثى على اعتبارها القيمة التي تحملها في وعيها الفكري، فينحصر طموحها الذاتي في دائرة التزيين وتحصيل الجمال الجسدي لا العقلي والروحي.
(وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ) وهو بالتالي نتيجة استغراقه في الجمال الجسدي غير واضح الحجة، أو قويّ الموقف، لأنّه لا يملك الفكر القويّ الذي يمكنه من ذلك، فكيف ينسبون هذا المخلوق إلى الله في عقيدتهم؟!
وقد نتساءل: هل هذا الوصف القرآني للمرأة يمثل تحديداً مفهومياً لشخصيتها، بحيث يعتبرها إنساناً مستغرقاً في الزينة، في إيحاءاتها الرخيّة الناعمة المنفتحة على الجمال الجسدي بخشوعٍ وانبهار في مستوى الطموح، وكياناً يملك الضعف فلا يستطيع الدفاع عن نفسه.. أم أنّ هذا الوصف يمثل تحديداً واقعياً لصورة المرأة من خلال التربية التي تتربّى عليها، لتعيش حياة تسيطر عليها عناصر الضعف بدلاً من عناصر القوّة؟!
قد نستفيد من التعبير بكلمة (يُنَشَّأُ) بأنّ هذا الوصف متعلق بالتنشئة والتربية والإعداد الذي تتلقاه الأنثى، في الوقت الذي تملك فيه قابلية الأخذ بأسباب القوّة الفكرية والحركية. كما نلاحظه في ما حدثنا به القرآن من النماذج القويّة في مجمل الحياة الاجتماعية التي تضم (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الأحزاب/ 35)، وغير ذلك، وفي ما حدثنا به عن امرأة فرعون ومريم بنة عمران اللتين ضربهما الله مثلاً للذين آمنوا من الرجال والنساء في قوّة الموقف، حيث تتجسّد حركية صفات الإيمان والصبر. داخل الشخصية وخارجها، بما تفرضه من معاناة وتمرد على نقاط الضعف.
هذا، مع ملاحظة أننا نعرف في التاريخ وفي الحاضر، كثيراً من النساء اللاتي يملكن القوّة في الجدل، والشدّة في الدفاع، والإرادة الحديديّة في مواجهة التحديات. ما يبعد الضعف عن أن يكون من لوازم شخصية المرأة، ويقرّبه من أن يكون من مقتضيات التربية التي تنمي نقاط ضعفها الغريزية وتهمل تنمية نقاط القوّة فيها، في الوقت الذي لا ننكر فيه قوّة الجانب العاطفي فيها، ولكن لا بالمستوى الذي يلغي إمكانية التنمية الفكرية والعملية للجانب العقلاني لديها. وفي ضوء ذلك، يمكننا أن نفهم أنّ الآية توجه النظر إلى الواقع الذي تعيشه المرأة، ما يخلق الانطباع السلبي عنها في نظر المجتمع ويثير التساؤل حول المبرّر لنسبة البنات إلى الله في ظل هذا المفهوم لديهم.

3- المرأة والاستقلال العقيدي:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) (الممتحنة/ 10-11).
يمكن أن نستوحي من هذه الآيات ما يمنحه الإسلام للمرأة من قيمةٍ كبيرةٍ في الاستقلال العقيدي، فليس لزوجها الحق في أن يفرض عليها عقيدته على أساس تبعيتها له، بل هي إنسانٌ مستقلٌ يملك الفكر المستقل الذي يتحرك في نطاق العقيدة، كما يملك الإرادة التي تؤكد الموقف والانتماء. كما يوحي إلينا، من الناحية التاريخية، إلى أيّ مدى كانت المرأة مستقلةً في مستوى الإيمان الكبير، بحيث كانت تترك زوجها وأهلها وأولادها، فراراً بدينها، حتى لا تسقط تحت تأثير الضغوط القاسية التي يحاول الكافرون ممارستها ضدها ليفتنوها عن دينها، فكانت تتحمل الصعوبات الشديدة والسفر المجهد الطويل، حتى تصل إلى رسول الله (ص) لتجد الحماية عنده، كما تجد المناخ الذي تستطيع أن تتنفس فيه هواء الإسلام النقي.
وكان الوحي واضحاً في تاكيده على المؤمنين الذين يمثّلون المجتمع الإسلامي بأن يحققوا لهنّ الحماية إذا عرفوا صدق إيمانهنّ، وثبات موقفهنّ.
وقد يكون في هذا بعض الإيحاء بحماية المرأة من كل ضغط يحاول استغلال ضعفها لإبعادها عن تفاصيل الالتزام الإسلامي، في ما يعمل له الخطّ الكافر أو الخط المنحرف من فرض السفور والخلاعة والانحراف عليها، أو من ممارسة القهر والعنف الجسدي والمعنوي ضدها لتترك الالتزامات العبادية والأخلاقية.
إنّ من الضروري على المجتمع المسلم دراسة الوسائل الكفيلة بمواجهة الضغوط الاجتماعية أو السياسية التي تبتعد بالمرأة المسلمة عن الانحراف، عندما تلجأ إلى الجماعة المسلمة لحمايتها من ذلك، لأنّه مسألة الحماية، في حالة الهجرة من بلاد الكفّار إلى بلاد الإسلام، لا تختص بهذا الجانب، بل إنها تمثل النموذج في مسألة الانحراف الذي يمكن أن يمتدّ معناه إلى التفاصيل، كما يتمثل في المبدأ.
يتبع...

المصدر: كتاب مفاهيم حركية من وحي القرآن/ ج 1

ارسال التعليق

Top