• ١٨ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٦ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الحجّ.. نص وسُنّة وعمل

حسن موسى عزالدين

الحجّ.. نص وسُنّة وعمل

◄- ملابس الإحرام:

التجرّد من ملابسنا المعتادة حيث لا نستتر إلّا بالرداء والإزار، متعرضين لتقلّبات الجوّ. والظهور بمظهر واحد يتساوى فيه الغنيّ الفقير، والملك والسوقة، والقوي والضعيف، والأسود والأبيض، فالكلّ متجه إلى الله في ضراعة يسأله التوبة والمغفرة، والجميع في سباق لبلوغ غاية واحدة هي الرضى من الله وقبول العمل.

هذا المشهد الموحّد يوحي بمعانٍ كريمة:

منها الشعور بالأخوة والمساواة "كلّكم لآدم وآدم من تراب".

ومنها تذكير الإنسان باليوم الآخر، يوم يبعث الله الخلائق في موقف متشابه فتطمئن النفوس وتنكسر حدتها وتستشعر بقيمتها الحقيقية التي تحفزها لفعل الخيرات..

ومنها تربية النفس وصقلها لتحمل المشاق وإعدادها للامتثال لأوامر الله تعالى والصبر على طاعته.

وهذا سيؤدّي بالتالي إلى ما يهدف إليه الإسلام من خلق مجتمع متماسك قوي، يسوده العدل والتآلف، وتتحقّق فيه السعادة والرخاء.

- سُنّة الطواف:

عن كعب الأحبار قال: أنزل الله تعالى من السماء ياقوتة مجوفة مع آدم (ع)، فقال له: "يا آدم إنّ هذا بيتي أنزلته معك يُطاف حوله كما يُطاف حول عرشي، ويُصلّى حوله كما يُصلّى حول عرشي".

ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة، ثمّ وضع البيت عليه، فكان آدم (ع) يطوف حوله كما يطاف حول العرش، ويصلّي عنده كما يُصلّى عند العرش.

وجاء في رواية أُخرى أنّه كان أوّل شيء عمله آدم (ع) حين أُهبِط من السماء أن طاف بالبيت فلقيته الملائكة فقالوا: "بُرَّ نسكك يا آدم فقد طفنا بهذا البيت قبلك بألفي عام".

وقد ورد في رواية أُخرى أنّه لما فرغ إبراهيم خليل الرحمن (ع) من بناء البيت الحرام جاءه جبريل (ع)، فقال: "طفّ به سبعاً، فطاف به سبعاً هو وإسماعيل، يستلمان الأركان كلّها في كلّ طواف. فلما أكملا سبعاً صلّيا خلف المقام ركعتين".

هذا وأنّ العرب منذ أقدم العصور، بل منذ أن أقام إبراهيم البيت كانوا يطوفون به ويعظمونه ويقدسونه، ويلوذون به كلّما حز بهم أمر. كما كانوا يعظّمون الحجر الأسود تعظيماً كاد يدفعهم إلى حرب عنيفة حين أرادوا وضعه في مكانه عندما جدّدوا بناء الكعبة.

ونحن الآن نعظِّم الحجر الأسود تعظيماً يجعلنا نبدأ طوافنا به، ونُقبّله إذا استطعنا تكريماً لنقطة البدء في عبادة الطواف.

وفي القرآن الكريم:

(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحجّ/ 29).

(وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (الحجّ/ 26).

السعي بين الصفا والمروة يسجّل ذكرى سعي هاجر وهرولتها هنا وهناك باحثة عن الماء لولدها الظامىء إسماعيل، إذ كانت تجري بين الصفا والمروة صاعدة على كلّ منهما لعلّها ترى مكان ماءٍ تسقي ولدها حتى كشف الله كربتها وآنس غربتها وفرَّج شدتّها وفجّر لها (زمزم).

فالساعي بينهما ينبغي له أن يستحضر فقره وذلّه لله وحاجته إليه في هداية قلبه، وصلاح نفسه، وغفران ذنبه، وأن يلتجىء إلى الله عزّوجلّ لتفريج ما به من الشدائد والنقائص والعيوب، وأن يهديه ويفرج عنه كما هدى هاجر وفرج عنها.

(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (البقرة/ 158).

- الوقوف بعرفة:

مضى إبراهيم (ع) في حجّه وجبريل يوقفه على المواقف ويعلِّمه المناسك حتى انتهى إلى عرفة. فقال له جبريل (ع): "أعرفت مناسكك؟" قال إبراهيم (ع): "نعم. الآن عرفت عرفت". فسميت عرفات بذلك.

- الرمي:

لمّا قام جبريل يعلّم إبراهيم المناسك كلّها. قيل فلما دخل منى وهبط من العقبة تمثّل له إبليس عند جمرة العقبة. فقال له جبريل (ع): "ارمه"، فرماه إبراهيم (ع) بسبع حصيات فغاب عنه. ثمّ برز له عند الجمرة الوسطى، فقال له جبريل: "ارمه". فرماه بسبع حصيات، فغاب عنه إبليس. ثمّ برز له عند الجمرة السفلى، فقال له جبريل: "ارمه"، فرماه بسبع حصيات فغاب عنه إبليس.

- الهدي:

والذبح الذي نفعله أيّام الحجّ، إنّما هو تخليد للفداء الذي نجّى الله به إسماعيل من الذبح:

(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (الصافات/ 103-107).

فنحن نذبح شُكراً لنِّعمة الله على إبراهيم وإسماعيل وعلينا جميعاً، وإحياءً لذكرى هذه النِّعمة الجليلة. فمن إسماعيل الذي نجّاه الله وفداه، جاء النسل الكريم الذي توجّه نبينا عليه الصلاة والسلام، المبعوث رحمة للعالمين: ففي نجاة إسماعيل وفدائه، نجاة وفداء لخاتم الأنبياء والمرسلين، ورحمة ونجاة للجنس البشري كلّه الذي جاءه محمّد بالهداية والنور، فعليه أن يشكر الله عليها، ويتقرّب إليه بما جعله فداء لإسماعيل، وهو إراقة الدماء لإطعام الفقراء والمساكين.

(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (الحجّ/ 30).

(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحجّ/ 32-33).

- الحجّ في القرآن الكريم:

(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران/ 96-97).

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ  كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة/ 197-203).

(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) (الحجّ/ 27-30).

(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (البقرة/ 125).

(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة/ 158).

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (البقرة/ 196).

(وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحجّ/ 36-37).

- الحجّ في سُنّة الرسول (ص):

* عن الحسن بن علي (ع) قال: جاء رجل إلى النبيّ (ص)، فقال: إنّي جبان وإني ضعيف، فقال (ص): "هلمَّ إلى جهادٍ لا شوكة فيه: الحجّ".

* عن الصادق عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص) في حديث: "حجّوا تستغنوا".

* عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) قال: قال رسول الله (ص): "مَن ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله الحرام فلم يحجّ، فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً".

* عن عبدالله بن مسعود أنّه قال: قال رسول الله (ص): "تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خَبَثَ الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلّا الجنّة".

* عن علي بن الحسين (ع) أنّه قال: قال رسول الله (ص): "مَن أراد الدنيا والآخرة فليؤم هذا البيت".

* عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) في وصيته للحسن والحسين (ع): "أوصيكما بتقوى الله". إلى أن قال: "والله الله في بيت ربّكم لا تخلوه ما بقيتم فإنّه إن ترك لم تناظروا".

* ومن وصية له (ع) أيضاً: "لا تتركوا حجّ بيت ربّكم فتهلكوا". وقال (ع): "مَن ترك الحجّ لحاجة من حوائج الدنيا لم تقضِ حتى ينظر إلى المحلقين".

* ومن خطبة له (ع) في نهج البلاغة: " وفَرَضَ عليكم حجّ بيتِهِ الحرامِ الذي جعلَه قِبلَةً للأنامِ، يَرِدُونَهُ وُرُودَ الأنعامِ ويَألَهُونَ إليهِ وُلُوهَ الحَمَامِ، وجعلَهُ، سبحانه علامةً لتَوَاضُعِهم لعظمَتِهِ وإذعَانِهم لعزَّتِهِ، واختارَ من خَلقِهِ سُمَّاعاً أجَابُوا إليهِ دعوتَهُ، وصَدَّقُوا كلمتَهُ ووَقَفُوا مَوَاقِفَ أنبيائِهِ وتَشَبَّهُوا بملائكتِهِ المُطِيفِينَ بعرشِهِ، يُحرِزونَ الأرباحَ في مَتجَرِ عبادتِهِ ويَتَبادرُونَ عندَهُ مَوعِدَ مغفرتِهِ، جعلَهُ سبحانه وتعالى للإسلامِ عَلَماً وللعائذِينَ حَرَماً، فَرَضَ حقَّهُ وأوجَبَ حَجَّهُ وكَتَبَ عليكم وِفَادَتَهُ، فقال سبحانه (وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)".

- ما ينبغي للحاج عَمَلُه قبل السفرِ إلى الحجّ؟

1- يكتب ما له من الديون وما عليه منها، حرصاً على ضمان حقّه وحقّ الآخرين.

2- يدوّن وصيته. ويستحب أن يوصي بجزءٍ من ماله للفقراء والمساكين.

3- يبادر إلى التوبة، ويسارع إلى ردِّ مظالم الناس، ويندم على ما بدر منه من تقصير في حقّ الله سبحانه وتعالى.

4- يختار أطيب ما له ليستعين به على مطالب الحجّ ونفقاته.

وقد ورد عن رسول الله (ص): "إذا خرجَ الرجلُ حَاجّاً بنفقةٍ طيِّبةٍ، ووَضَعَ رِجلَهُ في الغَرزِ، فَنَادَى: لبَّيكَ اللّهُمّ لبَّيكَ، نَادَاهُ مُنادٍ من السماءِ: لبَّيكَ وسَعدَيكَ، زَادُكَ حلالٌ، ورَاحِلَتُكَ حلالٌ، وحجُّكُ مَبرُورٌ غيرُ مَأْزُورٍ، وإذا خرجَ بالنفقةِ الخبيثةِ، فوَضَعَ رِجلَهُ في الغَرزِ، فَنَادَى: لبَّيكَ، نَادَاهُ مُنادٍ من السماءِ: لا لبَّيكَ ولا سَعدَيكَ، زَادُكَ حرامٌ ونفقتُكَ حرامٌ، وحجُّكَ غيرُ مَبرُورٍ".

5- يجب على الحاج أن يقصد بحجّه وعمرته وجه الله تعالى. لأنّ الله عزّوجلّ لا يقبل من الأعمال إلّا ما كان خالصاً لوجهه الكريم. فإذا ذهب الحاج إلى مكّة لبضاعة يشتريها أو لقب يتفاخر به فحسبه تعب جسمه، وضياع وقته، وذهاب ماله: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) (الإسراء/ 18-19).

6- ويستحب إذا ركب الحاج دابته أو سيارته أو الباخرة أو الطائرة أن يُسمي باسم الله تعالى ويحمده ويكبره، ثمّ يقول: (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) (الزخرف/ 13-14).

"اللّهُمّ إنّي أسألُكَ في سفري هذا البرِّ والتقوى ومن العمل ما ترضى. اللّهُمّ هوِّن عليَّ سفري هذا واطوِعني بُعدَهِ. اللّهُمّ أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل. اللّهُمّ إنّي أعوذُ بكَ من وَعثاءِ السفر وكآبة المنظَر وسوء المُنقَلَب في الأهل والمال والولد".►

 

المصدر: كتاب الحجّ إلى بيت الله الحرام

ارسال التعليق

Top