• ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الحجاب وأصل الحرِّية

مركز نون للتأليف والترجمة

الحجاب وأصل الحرِّية
الاعتراض الذي أُخذ على الحجاب، أنّه يسلب حقّ الحرِّية الذي هو حقٌّ طبيعيٌّ للإنسان، ويُعتبر نوعاً من الإهانة للكرامة الشخصية للمرأة. ويزعمون أنّ مسألة الاحترام لكرامة الإنسان وشرفه تُشكِّل إحدى موادّ لائحة حقوق الإنسان وأنّ كلَّ إنسان هو حرٌّ وشريف، بغضِّ النظر عن لونه وجنسه وجنسيّته أو مذهبه، وأنّ فرض الحجاب على المرأة هو إغفال لحقِّ الحرية وامتهان لكرامتها الإنسانيّة، وبعبارة أخرى: إنّه ظلم فاحش بحقِّ المرأة وعزّتها وكرامتها وحقِّ حريّتها، وكذلك أنّ الحكم المطابق للعقل والشرع يرفض حجز أحدٍ أو أسر حرّيته، كما أنّه لا يقبل إلحاق الظلم بأحدٍ بكافّة أسبابه وأشكاله وتحت كافّة الذرائع، ويجب رفع الظلم عنه. الجواب: يلزم التذكير ثانية بالفرق بين حبس المرأة في المنزل وبين إدراكها ما يتوجّب عليها حين تواجه الرجل الأجنبيّ، وهو أنْ تكون مُحجّبة. إنّ مسألة سجن المرأة وأَسرِها لا وجود لها في الإسلام. الحجاب في الإسلام هو وظيفة تقوم بها المرأة عند مقابلتها أو مواجهتها للرجل. فعليها حينما تتعامل مع الرجل أنْ تُراعي أسلوباً خاصّاً في لباسها. وهذه المسؤولية لم يُحمِّلها الرجلُ للمرأة! وليس أمراً يتناقض مع كرامتها الإنسانية، كما لا تُعدّ هذه المسؤولية تجاوزاً لحقوقها الطبيعية التي منحها الله إياها. إذا كانت رعاية بعض المصالح الاجتماعية تؤدّي إلى تحديد حرِّية الرجل أو المرأة، كالتزامها بأسلوب خاصّ في التعامل، واتباعها شكلاً خاصّاً في الحركة، بحيث لا تُربك الآخرين، ولا تفقد التوازن الأخلاقيّ، فلا يُمكن تسمية ذلك سجناً أو عبوديّة، كما لا يُمكن اعتباره منافياً للكرامة الإنسانية والحرِّية. هناك في دول العالم المتمدِّن مثل هذه التحديدات في وقتنا الحاضر، سواء للرجل أو للمرأة. فإذا خرج الرجل عارياً أو خرج بلباس النوم إلى الشارع فسوف تُلقي الشرطة القبض عليه، لأنّه ارتكاب عملاً يتناقض وقيم المجتمع. حينما تقضي المصالح الاجتماعية والأخلاقيّة بإلزام الفرد برعاية أسلوب خاصّ في التعامل كأنْ يُمنع من الخروج بلباس النوم، فمثل ذلك لا يُعدّ عبوديّة ولا حبساً، ولا يتناقض مع الحرية والكرامة الإنسانية، وليس بظلم، ولا يُعدّ بالتالي متعارضاً مع حكم العقل. بل الأمر عكس ذلك، فستر المرأة في الحدود التي قرّرها الإسلام يُفضي إلى رفع كرامتها وتعزيز احترامها، إذ يُحرزها ويصونها. إنّ الشرف الإنساني للمرأة يقتضي حين الخروج من المنزل أنْ تكون وقورة تُثقل الأرض بمشيتها، وأنْ تتجنّب كلَّ ممارسة تستهدف الإثارة، فلا تدعو الرجل لنفسها عمليّاً، وأن لا تلبس اللباس الحاكي وتمشي المشية الناطقة، وأنْ لا تعتمد الحديث المثير. فمشية الإنسان تحكي، وأسلوبه في الحديث يحكي أمراً آخر غير الكلام نفسه. خُذِ الضابط العسكريّ مثالاً، فالآمر حينما يستعرض جنوده، وهو يحمل على كتفيه وصدره الرتب والميداليّات والأوسمة العسكرية، يتبختر في مشيته، ويتنفّس الصعداء، ويعلو صوته متهدّجاً فخماً، فهو يحكي بكلِّ هذا الوضع دون لسان ينطق فيقول: ارهبوني، وليتّخذ الرعب موقعاً في قلوبكم. والحال كذلك بالنسبة للمرأة، فمِنَ الممكن أن تلبس لوناً من الثياب أو تمشي بطريقة خاصّة، بحيث يحكي لباسها ومشيتها، فتدعو الرجل بصوت مرتفع لمتابعتها واللّقاء والتغزّل بها، وإظهار الحبّ والعشق. فهل أنّ كرامة المرأة تقتضي أنْ تكون على هذه الحالة؟ وإذا سارت المرأة في طريقها هادئة طبيعيّة، لا تُثير الأنظار إليها، ولا تدعو الرجال للنظر إلى جسدها نظرة ملوّثة، فهل يكون ذلك متناقِضاً مع كرامتها أو مع كرامة الرجل، أم أنّه متعارض مع مصلحة الجماعة، أو يكون ناقضاً للحرِّية؟ نعم إذا قال أحدٌ: يجب حبس المرأة في دارها وغلق الأبواب عليها، والحيلولة دون خروجها من الدار بأيِّ وجه.. فمثل هذه المقولة تتعارض مع الحرِّية الفطرية والكرامة الإنسانية والحقوق الإلهية التي تتمتّع بها المرأة. وهي مقولة الحجاب الجاهلي وليس لها في نظام الإسلام وجود. إذا سألتَ الفقهاء: هل يحرم خروج المرأة من دارها؟ يُجيبون: لا. وإذا سألتهم: هل يجوز للمرأة أنْ تبيع وتشتري وتتعامل تجاريّاً مع الرجال؟ يُجيبون: نعم. وإذا سألتهم: هل يجوز اشتراك المرأة في الفعاليّات الاجتماعية العامة؟ فالجواب: نعم، كما يجوز للمرأة حضور المساجد وممارسة النشاطات الدينية. وليس هناك من يقول إنّ مجرّد مشاركة المرأة في الأماكن التي يوجد فيها رجال أمرٌ حرام. وإذا سألتَهم: هل يجوز للمرأة أنْ تُمارِس الفنّ، وبالتالي ترتفع بمستوى استعداداتها التي منحها الله؟. الجواب: نعم. والجواب بـ"نعم" في كلِّ ما تقدّم مشروطٌ بأمرين فقط: 1-    أنْ تتوفّر المرأة على الحجاب، وأن يكون خروجها من منزلها خروجاً عفيفاً، لا تُثير الرجال. 2- إنّ مصلحة الأُسرة تقتضي أنْ يكون خروج المرأة من دارها مصحوباً برضا الزوج وتقديره. والزوج بدوره ملزم بأن لا يتجاوز حدود مصالح الأُسرة. فمِنَ الممكن أنْ يكون ذهاب الزوجة حتى إلى بيت أهلها أمراً مُتعارِضاً مع مصلحة الأُسرة. افترضي أنّ الزوجة أرادت أنْ تذهب إلى بيت أختها، وكانت الأخت امرأة مخرِّبة تسعى لتهديم كيان أسرة أختها فتسيّرها بهذا الاتّجاه. والتجربة أثبتت أنّ هذا الفرض ليس نادراً. ويتّفق أحياناً أنْ يكون ذهاب الزوجة إلى بيت أمِّها مُتعارِضاً مع مصالح الأُسرة. ففي مثل هذه الموارد يحقّ للزوج أنْ يحول دون هذه اللّقاءات الضارّة، والتي يكون ضررها غير منحصِر بالزوج بل يعمُّ الزوجة والأبناء. أمّا في الأمور التي لا علاقة لها بمصلحة الأُسرة لا يبقى هنا وجه ومورد لتدخّل الزوج. المصدر: كتاب الحجاب/ سلسلة تراثيّات إسلامية   ومن المقالات القصيرة في هذا الشأن ارتأينا نشره لقراءنا الكرام مع الموضوع:   -        الحجاب.. حياءٌ وعفّة/ رسول الكعبي – النجف الحجاب في الثقافة الإسلامية هو لباس يستر جسد المرأة وهو أحد الفروض الواجبة على المرأة في شرائع معظم الطوائف والفرق الإسلامية، وهناك إجماع من علماء الدين على وجوب ارتداء المرأة الحجاب وإن كانوا يختلفون في هيئته. والحجاب في هذا الإطار العام هو تقوى وحياء وعفة، وقد قال (أديسون) مرة: (لا شيء يرفع قدر المرأة كالعفة).. لقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها وتجعلها عزيزة الجانب، سامية المكان وانّ الشروط التي فرضت عليها ملبسها وزينتها لم تكن إلا لتسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج بالزينة وهو ليس تقييداً لحريتها بل وقاية لها من أن تكون مسرحاً لعيون الناظرين. لقد وضع الإسلام الحجاب كعامل من عوامل التربية الإسلامية من أجل احترام حقوق المرأة فهي تتعلم الحجاب من أسرتها ومجتمعها وهي غير مكرهة بالتواصل مع هذا الفكر على أساس القاعدة الإسلامية (لا إكراه في الدين).

ارسال التعليق

Top