في أدب الأطفال والناشئة لابدّ من مراعاة الشرط الأساس في تقسيم هذه الفترة إلى مراحل مختلفة:
1- مرحلة ما قبل المدرسة. 2- مرحلة الدراسة الابتدائية (حتى سن العاشرة). 3- مرحلة الدراسة المتوسطة (من سن الحادية عشرة حتى الرابعة عشرة). 4- مرحلة الدراسة الاعدادية أو (من سن الرابعة عشرة حتى الثامنة عشرة). ولا شك أنّ المرحلة الأخيرة يمكن أن تُلغى أساساً من التقسيم، باعتبار أن مَن هم فوق سن الخامسة عشرة يجيدون القراءة والاستيعاب إلى الحد الذي يؤهلهم لقراءة الروايات وقصص الكبار، ولكن هنالك نقطة مهمة جعلت منهم في هذا السن مختلفين عن غيرهم من الكبار، وهو شغفهم بنوع خاص من الروايات والقصص، أي القصص والروايات السريعة الإيقاع، وتلك هي قصص المغامرات البطولية والعاطفية، لذلك يمكن تصنيفهم قسماً من الأطفال واليافعين الكبار. - تفصيل المراحل: 1- مرحلة ما قبل المدرسة: الطفل الصغير الذي لم يتعرف على عالم القراءة والكتابة بعد، يستقبل التوجيه المباشر أكثر من غيره، لأنّه يفتقد القدرة على ربط الأحداث الرمزية والإشارات الإيحائية، وهو – باعتباره مستمعاً لا قارئاً – يفضّل الكلمات المبسطة، والجمل القصيرة، كما يجب مراعاة عقدة القصة بالنسبة لهذا الطفل، فلا تكون ملتوية ومعقدة إلى درجة يعتقد فيها الطفل بغبائه وانعدام قدرته على الادراك، بل يجب جعلها بسيطة إلى الحد الذي تشعر الطفل الصغير أنّه هو الذي اكتشفها. 2- مرحلة الدراسة الابتدائية: يكون الطفل هنا متشوقاً لاكتشاف العوالم بنفسه، وإثبات قدرته العقلية على القراءة والفهم، لذلك فإذا ما اصطدم في بداية الأمر بأشياء لا يفهمها أو ثقيلة الوطأ على قلبه وقدرته العقلية سيشعر بالإحباط ومن أجل تفادي هذا المطب، وكذلك لإشعار هذا الطفل بأنّه قد كبر وأن قصص المرحلة السابقة باتت غير مفيدة له، يجب الاهتمام كثيراً بنسيج القصص التي تؤلّف له، والأفضل أن يكون هنالك محور ثابت أو شخصية معينة بارزة تدور حولها أحداث القصة، كذلك لابدّ من الالتزام بأسلوب البساطة غير الفجّة، وخلق جوّ يتمكن الطفل فيه من الاستغراق في أحلام اليقظة المفيدة والبنّاءة، وهي نقطة يجب أن تكون نصب الأعين في كل المراحل. 3- مرحلة الدراسة المتوسطة: كثيرٌ من الناشئة يبدأ في هذه السن بتوجيه هواياته وميوله وتحديدها تحديداً إبتدائياً وهذا ما يجعل بعضاً منهم يبتعد عن القصص والروايات وينشغل بهوايات أخرى، كذلك فإنّ الانتقال إلى مرحلة دراسية أعلى، وكثافة الدروس بالنسبة لما قبلها تساعد في التقليل من الاقبال (الجماعي) على القصص. أما اليافعون الذين يستمرون في القراءة فهم على قسمين: أ- الهواة، والذين – في أغلب الأحيان – يواصلون اتجاههم الأدبي حتى النهاية. ب- الذين لم يصلوا بعد إلى مرحلة التنظيم في حياتهم العلمية والعملية، فلا يزالون يمارسون نشاطات المرحلة السابقة بدون تمييز ومنها قراءة القصص. ولا شك أن تقسيم اليافعين في هذه المرحلة إلى هذين القسمين يجعل مؤلفي قصصهم يواجهون نوعاً من المشكلة، وهي: لأيهما يكتبون؟ فالهواة ينتظرون أشياء جديدة، متطورة عن السابق، أما القسم الثاني فلا يهمهم ذلك، وهم يقرأون ما يستطيعون إليه وصولاً وفهماً. ومن والواضح أنّ الهواة سوف يبدأون ببذل الجهود الشخصية، والتنقيب الفردي، ويطورون أنفسهم بأنفسهم، وهذا يحلّ جزءاً من المشكلة، أما القسم الثاني والذي يتوقع له ترك قراءة القصص في المرحلة المتأخرة من الطفولة، فيجب الاهتمام بالقصص الموجهة له، وجعلها إلى حد معقول مناسبة لطاقاته، خصوصاً النفسية، ومشبعة لرغباته، خصوصاً العقلية. وفي هذه القصص يمكن الاهتمام بأدب الخيال العلمي، كقصص الفضاء، وغيرها أو أدب الشخصيات التاريخية. 4- مرحلة الدراسة الثانوية: كما أشرنا في البداية ان هؤلاء اليافعين – الكبار – يمكن اعتبارهم جزءاً من عالم الكبار، لولا الاختلاف في الرغبة النفسية، فهؤلاء – من الفتيان والفتيات – يؤكدون في قراءاتهم قصصاً تملأ عليهم أحاسيسهم وأفكارهم، وتثير مشاعرهم وتهز قلوبهم، من مشاهد مؤلمة ومحزنة، مفرحة ومسرة. وهم يتفاعلون بشدة مع ما يقرأون، وقد يتأثرون إلى حد السلوك الخارجي بما يقرأون تمثلاً للمرحلة الحساسة التي يعيشونها، وقد شكل عدم الاهتمام بأدب خاص لهذا القسم من اليافعين مشكلة حقيقية، تمثلت في انكبابهم على قراءة قصص أو روايات غير مناسبة لمجرد الاثارة الحسية، مثل قصص ألف ليلة وليلة من التراث، وروايات القرن التاسع عشر من الأدب الأوربي، خصوصاً العاطفية، مثل "قصة ما جدولين" وغيرها. ونقطة الاختلاف التي أشرنا إليها آنفاً، والتي تميز بين هؤلاء الناشئة وغيرهم من الكبار، هي التي تشكل أساس المعضل، فهم يقرأون ما كتب للكبار، فيما هم لم يتجاوزوا بعد طفولة الأحاسيس والمشاعر. أعتقد أنّ الاهتمام بأدب هذا القسم من الناشئة ونشر قصص كثيرة ومناسبة، تأخذ بعين الاعتبار طبيعة أحاسيسهم وانفعالتهم، - وفي الوقت نفسه – قدراتهم العقلية والفكرية، يمكن أن يكون حلاً، ولو بسيطاً. مثال: الروايات البوليسية لـ(أجاثا كريستي) هي من أحب الكتب لهؤلاء الفتية والفتيات، باعتبارها تملأ عليهم وقت الفراغ، بأن تجعلهم يحلقون في عوالم مثيرة أخرى، كذلك تساعد في تحريك عقولهم، وجعلهم يشاركون الكاتب وأبطال القصة كل الأحداث لحظةً بلحظة مما يحدو بهم إلى عدم إفلات أيّة كلمة أو جملة أو مقطع خشية إضاعة الخيوط، وعدم التمكن من الحدس والتخمين فيما ستؤول إليه الرواية. وبدراسة هذا النوع من الأدب، يمكن رسم خطوط – ولو أولية – لما قد يفيد ويُرضي هذا النوع من اليافعين – الكبار –. المصدر: مجلة التوحيد/ العدد 80 لسنة 1996ممقالات ذات صلة
ارسال التعليق