• ٢١ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الخطاب التربوي القرآني

الخطاب التربوي القرآني

ترك القرآن الكريم أثراً في التربية العربية الإسلامية، وسجل حضوراً في مختلف النصوص التي خطتها أقلام كتاب التربية الإسلامية. وقبل كل ذلك ظهرت مؤثراته في شخصية رمزية الأُمّة النبي محمّد (ص)، وانتقل من خلاله إلى صحابته وآل بيته الطيبين الطاهرين. ومن ثمّ عمم ليصبح تقليداً تربوياً، يعدُّ على أساسه الوالدان ابنهما. وليتحول بعد ذلك إلى مدرسة تربوية، وقبل ذلك إلى فلسفة تربوية في الإمكان أن نطلق عليها اصطلاح "الفلسفة التربوية الإسلامية".

1- أهداف الخطاب التربوي القرآني:
لكل نشاط تربوي أهداف؛ فما هي أهداف الخطاب التربوي القرآني في تربية الولد؟ إنها الأهداف الآتية:
أوّلاً: يهدف الخطاب التربوي القرآني إلى رد الولد إلى فطرته الإنسانية، فالولد هو نتاج بيئة ما، وحصيلة برامج تربوية سائدة في البيئة، ولإنجاز هذا الهدف تصدى الخطاب التربوي القرآني إلى معالجة البيئة الاجتماعية وتصحيح الخطأ الذي وقع فيها. ولما كانت البيئة الاجتماعية تنهض على مرتكز فلسفي مقابل هو الشرك والإلحاد، فقد توجهت إلى إلغاء فاعلية هذا المرتكز الفلسفي، وذلك وضع بديلاً فلسفياً يدعو إلى فكرة التوحيد؛ وحدة الأُمّة، والتراث، والفكر ووحدة الطبيعة البشرية، وبهذا المسار حققت الفلسفة القرآنية عودة بالإنسان إلى اصله السليم، وتطهيره من الفساد والانحراف، وتحريره من الخوف والذل (إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (الأعراف/ 172).
ثانياً: هدف الخطاب التربوي القرآني في تأديب الولد إلى تعميق الحق والالتزام به. وذلك انّ الحق مركوز في طينة الوجود البشري، وأنّ الباطل جرثومة دخيلة في تركيبات العالم، (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) (الإسراء/ 105).
ثالثاً: يهدف الخطاب التربوي القرآني في تربية الولد إلى خلق الأنموذج الجديد للأُمّة، إن هذا الأنموذج خلق جديد، في عقيدته وخلقه، وتفكيره وسلوكه، وإذا به إنسان جديد لا يمت إلى جاهلية الأمس بصلة. وهذا الهدف هو الذي دارت حوله محورية الخطاب القرآني: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام/ 122).
رابعاً: يهدف الخطاب التربوي القرآني في تربية الولد إلى تركيز تصور جديد للعالم في عقلية الولد، والمبنى الديني دعا إلى بناء عالم نظيف، والوصول بالإنسانية إلى أفق رفيع، يتفق وكرامة الإنسان، ويمكنه من الرقي بالحياة وتحقيق رسالة استخلافه في الخطاب التربوي القرآني، وإن هذا يمكن ملاحظته في تربية الولد، وفي تكوين العائلة، وبناء المجتمع، وإقامة الدولة، وعلاقاتها بالأفراد... وإنّ الخطاب التربوي القرآني يتحدث في هذا المجال عن أسلوب الإصلاح والتغيير: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ...) (الرعد/ 11).
خامساً: يهدف الخطاب التربوي القرآني إلى تعليم الولد كيفية التزامه بحدود الله، أي تحقيق شرع الله، ومرضاته في كل شؤون الحياة، والعلاقات الزوجية، والعائلية، والاجتماعية. كل ذلك جاء في الخطاب القائل: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ...) (البقرة/ 229). إنه هدف في غاية الأهمية، فهو يدعو الولد إلى الالتزام بالشرع ومفرداته الخاصة بقواعد السلوك والتعامل.
سادساً: يهدف الخطاب التربوي القرآني إلى توفير كل ما يؤدي إلى طمأنينة الولد واستقراره النفسي. وذلك حث المربين إلى توفير المناخ لخلق كل ما يحقق ذلك: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا...) (الأعراف/ 189).
سابعاً: يهدف الخطاب التربوي القرآني إلى تشجيع الولد على إقامة علاقات اجتماعية مقبولة بالمنظار الإسلامي، وجاء التعبير عن إقامة العلاقات الاجتماعية في الخطاب القرآني الذي تحدث عن الأهل وذلك مناسبة لتأسيس علاقات اجتماعية وعائلية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ...) (التحريم/ 6).

2- مفهوم الخطاب التربوي القرآني للطبيعة البشرية:
ما مفهوم الخطاب التربوي القرآني للطبيعة البشرية؟ وكيف تتعامل التربية مع الولد في تأديبه؟ بحث القرآن في الطبيعة البشرية وذلك من خلال معالجة أصل الإنسان؛ وبحدود فهم يكفي أن يكوم منطلقاً، للمقررات القرآنية حول طبيعة الإنسان.
لقد كرم الخطاب التربوي القرآني الإنسان: إنه "مخلوق مكرم"؛ ومن هنا تأتي مهمة التكليف الإلهي للإنسان. وفي هذا المضمار تقول الآية القرآنية: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) (الإسراء/ 70).
في ضوء هذا الفهم القرآني ينبغي أن يكون التعامل مع الولد، وذلك بأن يعود على قواعد السلوك والتعامل ككائن مكرم عند الله تعالى، وكائن مفضل على بقية الكائنات. وأنّ الخطاب القرآني في الوقت ذاته قد جعل الإنسان قادراً على التمييز بين الخير والشر، ففيه الاستعداد للخير والشر، وبذلك غرس الله الاستعداد عند الولد، وجعل عنده إرادة، ومطلوب من التربية تنميتها حتى يتمكن من الاختيار، ومن ثمّ الوصول إلى الخير والسعادة. يقول الخطاب القرآني: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس/ 7-10). إنّ التربية هي تزكية للأفعال، فمطلوب من تربية الولد أن تقوم على تعويده وحمله على إتيان فعل الخير والابتعاد عن عمل الشر.
إن ما تتميز به الطبيعة البشرية هو قدرتها على التعلم والمعرفة، فقد زوده الله بكل أدوات هذه القدرة، ولذلك نبه المبنى القرآني المربين إلى التعامل مع الولد على أساس أنه يمتلك القدرة على التعلم والمعرفة: (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق/ 3-5). أمّا أدوات القدرة على التعلم والمعرفة فمنها السمع والبصر والفؤاد (.. وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل/ 78).
إنّ القرآن لم يكتفِ بتكريم الإنسان، بل حمله مقابل ذلك مسؤولية عظيمة، وكلفة بتكاليف كثيرة، ورتب عليها جزاءه؛ إثابته أو عقابه: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة/ 7-8). وفي هذا الاتجاه تُعد عبادة الله من المهام العليا للإنسان، ومن خلاله الولد، فالمسؤولية المترتبة على الولد، ومطلوب من التربية أن تنميها في شخصه وتعوده عليها وهو غض صغير، عبادة الله وتوحيده. يقول الخطاب القرآني: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات/ 56).

3- المنهج في الخطاب القرآني في تأديب الولد:
يتكون المنهج القرآني في تربية الولد من مجموعة أنشطة تهدف إلى تأديب الولد وإحداث الترقية له على الصعيد الروحي والعقلي، وعلى صعيد لغته وعواطفه ومشاعره... إن من الموجهات القرآنية التي تُفيد في تشكيل المنهج التعليمي ومواده وأنشطته، الخطاب القرآني القائل: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا) (الفرقان/ 32). إن مواد الأنشطة التعليمية التي شكلت المنهج في تأديب الولد هي:
أوّلاً: يهدف المنهج ومن خلال النشاط التعليمي ومواد المنهج الدراسي إلى تثبيت "الفؤاد وترسيخ الإيمان"، وهو غرض لا يتقدم عليه غرض آخر. وتكون النتيجة ولداً ثابت الفؤاد راسخ الإيمان.
ثانياً: إن من المواد التي يتكون منها المنهج "تعليم القرآن وترتيله". إنه مكون تربوي يُفيد في بناء المنهج الدراسي للولد. فهو يبدأ بتعليمه القرآن، وتعليمه ترتيله. إن ما يقوي هذه النزعة التربوية، متابعة قرآنية في تعليم الولد، قراءة القرآن وترتيله: (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة/ 16-19).
ثالثاً: هدف المنهج الدراسي القرآني إلى تركيز مبدأ الهداية وتنمية الأخلاق القويمة في شخص الولد. إن تركيز مبدأ الهداية في الذات وحملها على الأخلاق جاء في الخطاب القرآني: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ...) (الإسراء/ 9). إن ما حمله هذا الخطاب من دلالات تربوية هي تربية الولد وتعويده على الحياة المستقيمة والأخلاق القويمة.
رابعاً: إن ما يسعى إلى إنجازه المنهج الدراسي القرآني العناية بعقل الولد وتفكيره، فقد بنيت موجهات تربوية قرآنية إلى ضرورة تحريك إعمال العقل عند الولد، وتربية ذهنه، فهي تحمله على التأمل والقياس والاستقراء، وتعويد الولد على عدم قبول أيّة قضية دون برهان أو قناعة. وينشط المنهج الدراسي القرآني إلى تعويد الولد على أسلوب المناقشة المؤسسة على مبادئ القرآن، والمستندة إلى معطيات مدعومة ببرهان. إنّ الآيات القرآنية كثيرة في هذا المضمار منها (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمّد/ 24). والآية القائلة: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف/ 3)، والآية القرآنية (الحج/ 8). والآية القرآنية (.. قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (النمل/ 64).
خامساً: يهدف المنهج التعليمي القرآني إلى تزويد الولد بمواد تعليمية، وتمكينه في أنشطة من التعود على التروي والتأني وعدم التسرع في الفهم أو الحكم والتعليم. وتثبيت القلب بالتدرج في الفهم: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا) (الإسراء/ 106).
سادساً: اهتم المنهج الدراسي القرآني بلغة الولد وسعى إلى تنميتها. ومن خلالها تنمية الفصاحة في لسانه وأسلوبه. يقول الخطاب القرآني المعبر: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ) (العنكبوت/ 49).
سابعاً: لم يغفل المنهج الدراسي القرآني في مواده ونشاطاته، عواطف الولد ومشاعره، ولهذا لاحظنا الموجه القرآني ينبه المربين ويدعوهم للاهتمام بعواطف الولد والمتمثلة بالخوف والخشوع والرغبة والرهبة وترقيق القلب. يقول الخطاب القرآني: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ...) (الزمر/ 23).
هذه هي مكونات المنهج في الخطاب التربوي القرآني، وإن إنجاز هذا المنهج يتطلب أسلوباً أو طريقة في التربية والتعليم. وإنّ الخطاب التربوي القرآني قدم إفادات تُشكل معالم هذه الطريقة.

4- الأسلوب التربوي القرآني في تأديب الولد:
ما الأسلوب التربوي الذي يقترحه الخطاب التربوي القرآني في تأديب الولد؟ تنوعت الأساليب التربوية التي اتبعها القرآن في تأديب الولد منها:
أوّلاً: التأديب بطريقة الحوار القرآني:
تفيد هذه الطريقة في تكوين شخصية الولد، وتحمله على استيعاب الموجهات القرآنية في المعتقدات والعبادات وقواعد السلوك والتعامل. ومن الشواهد التي يذكرها القرآن على هذا الأسلوب التربوي، الآية القرآنية: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا) (النساء/ 41). والآية القرآنية (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ...) (البقرة/ 211).
ثانياً: التأديب بطريقة القصص القرآني:
اعتمد القرآن في تأديب الولد على طريقة القصص، فهي أسلوب يقدم الدروس والعبر، ويدعو إلى الالتزام بقواعد السلوك والتعامل: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) (يوسف/ 3).
ثالثاً: التأديب بطريقة العبرة والموعظة:
من الأساليب التربوية التي استند إليها القرآن في تأديب الولد، طريقة العبرة والموعظة، ففي العبرة يقول القرآن: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف/ 111). أما التربية بالموعظة فتعبر عن هذه الطريقة الآية القرآنية: (ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ...) (البقرة/ 232).
رابعاً: التأديب بطريقة القدوة:
اعتمد القرآن هذا الأسلوب التربوي في بناء شخصية الولد وتعويده على التقاليد الإسلامية الصحيحة وذلك من خلال الاقتداء بالرموز واتباع خطواتهم في تكوين الشخصية والالتزام بقواعد السلوك التي اتبعها، يقول الخطاب القرآني: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ...) (الأحزاب/ 21).
خامساً: التأديب بطريقة الترغيب والترهيب:
استخدم القرآن في تربية الولد أسلوباً تربوياً يُعرف بطريقة الترغيب: أي إثابته عندما يقوم بعمل مرغوب، والترهيب: أي معاقبته عند ارتكابه خطأ، يقول الخطاب القرآني: (.. فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 175).

5- الخاتمة: حضور الخطاب التربوي القرآني:
يُلاحظ الباحث أنّ الإفادات التربوية القرآنية الخاصة بتأديب الولد، قد سجلت حضوراً غير اعتيادي في النصوص التربوية التي ولدتها دائرة الثقافة العربية الإسلامية. وهذا أمر طبيعي فقد شكل القرآن الفكر الينبوعي للإنسان المسلم إذ تزود منه بكل الموجهات لإنتاج ثقافة إسلامية. إضافة إلى أنّه اعتمد عليه في صياغة معادله الثقافي داخل الأطروحة الثقافية التي سيعيد تكوينها مستنداً إلى الوافد الثقافي اليوناني والفارسي والهندي.
وهكذا اعتمد العقل الإسلامي على الخطاب التربوي القرآني في قيادة عملية الحوار الثقافي مع الوافد الثقافي دون خوف ورهبة.


المصدر: كتاب الخطاب التربوي الإسلامي

تعليقات

  • مساعد

    شكراً

  • خديجة

    شكرااااا على التعليمات.

ارسال التعليق

Top