• ١٦ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٤ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الواقِعيَّة المحمَّديّة وعَبقريّة التطْبيق السّيَاسِي

الواقِعيَّة المحمَّديّة وعَبقريّة التطْبيق السّيَاسِي

- واقعيّة محمد وعبقرية التطبيق:
ثمة روايات وأخبار عديدة عن عدد الأنبياء والرسل، ومن أشهرها رواية أبي ذر الغفاري القائل: "إن الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، والمرسلون منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر نبياً". وقد حمل كل نبيّ ورسول أعباء مسؤولية النبوة والرسالة، ضمن خصائص المجتمعات وظروفها المتميزة، وفي ظل حقب تأريخية قديمة.
فجاءت الرسالة المحمدية، بعد ذلك السياق التأريخي الطويل لتعاقب (النبوة) و(الرسالات)، بمثابة تتويج جامع وشامل لها، مستوفيةً إنجازاتها الأصيلة، ومضيفةً إليها إنجازات جديدة ومتميزة.
وفي القرآن إشارة واضحة إلى وجود "تفاضل" بين الأنبياء والرسل، كما نصت الأية:( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ...) (البقرة/ 253)، والآية: (...وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ...) (الإسراء/ 55).
و"يمكن أن يفرق بين شرائع الرسل الذين أرسلهم الله تعالى قبل رسوله محمد (ص) من وجهين: أحدهما أن شرائعهم لم تكن جامعة لأحكام الله في الدين والدنيا، ولكنها كانت تتعلق، بجوانب من الهدى الوجه الآخر. إن رسالاتهم لم تكن للناس كافة كشريعة القرآن إذ يقول الله تعالى لرسوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ ...) (سبأ/ 28) و(...قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ...) (الأنعام/ 19).
و"حكاية تعدد الرسالات وتتابعها على هذا النحو أن سنة الله في الكون تأخذ بالتدريج والتطور وتنكر الطفرة كما تنكر الجمود. فكانت الرسالات السابقة بمثابة تمهيد للرسالة المحمدية، وإعداد للبشرية أن تنتقل إلى طور جديد من أطوار الحياة الفاضلة، تبلغ فيه رشدها وتأخذ طريقها إلى النضج الحضاري واكتمال الشخصية الإنسانية باعتبارها خليفة عن الله في الأرض".
إن الحجر الأساس في الرسالة المحمدية إعادة بناء واقع الإنسان والمجتمع بضوء الإيمان والهدى، وإجراء التغيير الواقعي في حياة البشر وتفكيرهم، أي أن الجانب العملي في الرسالة المحمدية ذو خصوصية شديدة التفرد.
وفي حقيقة الأمر أن قدرة محمد على تطبيق أفكاره هي قدرة عبقرية لا يجود الزمن بمثلها، وقد كان عقله الجبار المدعوم بالايحاءات الإلهية، يستنبط قرارات العمل بعد دراسة مستفيضة لطبائع البشر والأشياء في واقعها المحدد، فلم يكن تعامله مع الحياة حاصلاً إلا بقوة دفق الحياة الذي يتمتع به، والذي امتلك ذروة العقل النقدي.
وإذا اراد أحد أن يتخيل صورتين لنبي (أو رسول) احداهما هي صورة المتأمل، القديس، الزاهد، النصوح، الواعظ، والأخرى هي صورة القائد المكافح الذي يشق غمار الحياة وغمرات الأحداث بقوة الإرادة مسنوداً بالدعم الإلهي، وموظفاً طاقاته الحيوية الكبرى: العقلية والنفسية والجسدية في منحناها الروحي الفذ، في كفاحه المجيد، فإن الصورة الأخرى مقاربة لصفات محمد، بما عليه من قداسة. لقد تقدست الحياة، في المفهوم المحمدي- بالحياة نفسها، وليس بالانعزال عنها، والعيش في هامش منها.
وقد وضع في الاعتبار الأول، استخدام العضوية الحياتية لوظائفها الحيوية، استخداماً نشيطاً، متطوراً، يتناسب مع كون الإنسان أرقى المخلوقات، وسيد الطبيعة، بالروح وبالعقل.
وينتمي الإنسان إلى الدنيا، إنتماء الحي إلى الحياة، بشرط تطوير عناصرها النظيفة، وأنسنتها، وتجنب الفساد والأفساد تطبيقاً لقوله تعالى: (...وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص/ 77)، لذلك لم يلغِ محمد الحياة الدنيا، ولم يهجرها، بل استنفد الحياة فيها بكل ما أتاه الله من خير وحق، وقد قال: "لا تسبّوا الدنيا فَلَنِعَم المطيّةُ للمؤمن، عليها يبلغُ الخير، وعليها ينجو من الشر"، لقد هدف – دائماً – إصلاح الدنيا من أجل الإنسان المؤمن بأن الملك ملك الله لا ملك البشر الفانين، الذين يقتلون الآخرين دفاعاً عن وهمهم بأن الدنيا إقطاعاتهم الخاصة، لقد أراد إصلاح الدنيا لا هجرها، فقال: "اصلحوا دنياكم، واعملوا لآخرتكم".
إن إطلاق الأبعاد الصحيحة والغنية للحياة الماثلة في الإنسان لخير الإنسان والكائنات الحية عموماً هو الخلفية الكبيرة، التي يمكن من خلالها فهم النشاطية العجيبة، للرسول في تأدية المهمات السياسية والاقتصادية. والاجتماعية، التي تولى – عبرها – قيادة مجتمع صعب القيادة، كذلك يمكن – من خلالها – فهم قدرته الثاقبة على معرفة قدرات البشر وإمكانات التغيير.
وينبع حبه للناس، وسعيه العبقري من أجل إنقاذهم من واقعهم الوثني- الربوي الفاسد، من إدراكه التام لقيمة الحياة، التي هي عطيّة الله. إن عوامل إفساد الحياة هي اعتداء على المنحة الإلهية، وهي عدوان صارخ ضد حق الحياة، الذي هو حق ثابت ومشروع للإنسان لا يمكن سلبه، ولا قهره.
وعبقرية محمد التطبيقية، ذات مراتب من الأهميات لا حدود لها، نظراً إلى أن الرسول لم ينشغل بحلول فردية، وباصلاحات جزئية، بل كان منصرفاً بكليته إلى قلب عالم جزيرة العرب، ومن ثم التوجه إلى البشر كافة.
وبالعودة إلى حقيقة الانقلاب الإسلامي الهائل الذي قادته وحققته وجسّدت أعظم مضامينه القيادة المحمدية، يمكن استيعاب الخصائص الجوهرية في العملية القيادية، لمحمد، والتي جعلت من اليتيم، راعي الغنم، والمطارَد، والمدمى تحت وطأة الملاحقات العدوانية، قائداً لا حدود لسلطانه الإسلامي.

- العبقرية السياسية لمحمد:
يعطي أنموذج (المدينة المنورة) دروساً عديدة في مستويات العبقرية السياسية لمحمد، في المراحل المختلفة. إذ إن الخطوات المتعاقبة التي ابتدأت منذ محاصرة قريش لمحمد في مكة، وتواصلت باجتماعه ببعض أهالي يثرب القادمين إلى مكة في مواسم الحج، وتطور ذلك إلى الهجرة إلى يثرب، وتتويج المسيرة بتحويل يثرب إلى معقل للإسلام، هي خطوات تفصح عن قدرة تخطيطية متصلة الحلقات. وهي أبعد ما تكون عن العفوية والارتجال.
فحين كانت مكة تُضيّق الخناق على محمد وأصحابه، كانت فرصته في مغادرة مكة، غير واردة، ذلك لأن ميدان عمله في مكة كان ميداناً أساسياً، فمكة هي مسقط رأسه وأهله وعشيرته، وهي المكان الذي يحتضن البيت العتيق، وهي مهبط الوحي، ومبعث الرسالة، وبالتالي هي هدفه في مسعاه النبوي والرسالي.
إن مجرد مغادرة مكة، يبدو وكأنه مغادرة لكل هذه المعاني الأساسية لحقيقته الشخصية.
كانت الامكانية (البادية كامكانية وحيدة!) هي العمل في مكة في ظل الشروط المتوفرة فيها، وحسب القدرات الممكنة له ولأصحابه، بما يؤديه ذلك إلى نتائج يصعب التكهن بها. ولكن عقل محمد أدرك أن مكة لا تسمح أطرها الثقيلة بأن يستمر فيها نبي ورسول. لقد اغلقت أبوابها الوثنية الثقيلة على أرضها وسمائها، فلم تتنفس غير هواء الشياطين.
بلا شك أنه استطاع معرفة نقاط الضعف في القلعة الوثنية، لكنه أدرك ببصيرة نافذة أن العمل ضمن هذه المعرفة لن يؤدي إلى النتائج الكبرى التي تمخصت عنها الأحداث اللاحقة.
فكان اختيار العمل من مدينة أخرى قراراً نادراً لم يباشرة – في التأريخ – من قبل ومن بعد، خاصة من منطقة مثل الجزيرة العربية، كانت لكل مدينة سلطتها الخاصة في عالم من الصراعات الرهيبة.
وقد منحته تجربة ذهابة إلى (الطائف) فائدة عملية، على مستوى إبلاغ الدعوة وتطوير أساليبها. إنما كانت دراسته لطبيعة يثرب الاجتماعية، والدينية، والاقتصادية، هي التي حددت المؤشرات القادمة للعمل السياسي والعسكري.
تقليدياً، كان محمد يبحث عن الناس القادمين من وراء مكة إلى البيت العتيق لتأدية فروض الحج والعمرة، وكان يعمد إلى انتهاج اسلوبين: اسلوب اللقاء بالشخصيات ذات النفوذ القبلي والاجتماعي، لأن كسبها كان يؤدي إلى كسب جماعاتها، أما الأسلوب الآخر، مكان الاتصال المباشر بالناس عامة، أي بالجماعات الشعبية مباشرة.
ويثرب مدينة قديمة تأسست قبل ألف وستمائة سنة قبل المسيح، أو 2222 سنة قبل الهجرة، وقد سميت باسم يثرب بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام من رؤوس العمالقة، وقيل أيضاً – إن أول من سكنها هو يثرب بن قاين بن مهلاييل بن إرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح، وهي مدينة قبلية، ضمَّت الأوس والخزرج وثلاث قبائل يهودية هي بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، ولم تكن يثرب تعرف حكماً سياسياً، كما أن الأنموذج المكي كان بعيداً عن طبيعتها. ذلك لأن الطابع القبلي لها مختلف تماماً عن الطابع القبلي لمكة. ففي مكة كانت قبيلة قريش هي المسيطرة، وقد توزعت مسؤوليات ووظائف الإدارة فيها، بيوتاتها وأسرها الكبيرة، وهي ممثلة في رئاسة دار الندوة، واللواء (رمز لقيادة الجيش) والحجابة (وهي خدمة الكعبة وفتح بابها)، والسقاية (وهي سقي الحجيج) والرفادة (وهي إطعام من لازاد معه من الحجاج). وفي ذلك نوع من التنظيم، حسبه كارليل حكومة هي، ضرب من الجمهورية الارسطو قراسيه عليها صبغة دينية.
وحيث لم تستطع يثرب مضاهاة مكة، فإنها كانت عاجزة عن تأسيس دولة على غرار دول المناذرة، والغساسنة، وكندة. نظراً إلى أن الحرب بين الأوس والخزرج، والدور الانقسامي، التصفوي لليهود، كانا يعرقلان أي نمو سياسي باتجاه إقامة حكومة، أو أي تنظيم إداري متقدم نوعاً ما.
وارتبطت فكرة تأسيس شكل أداري يقود يثرب وينظم حياتها، بأطماع شخصية عبدالله بن أُبيّ بن سلول، التي كانت تخطط باتجاه الهيمنة على يثرب وأن يكون أميراً لها.
لذلك لم تتحقق خطوة واحدة – ولو صغيرة – على هذا السبيل. وأكثر من ذلك كانت أطماع تلك الشخصية الارستقراطية- المالية، تسهم في تعميق الأزمة الداخلية للحياة في يثرب.
وحين التقى محمد باليثربيين، كان يستشف من خلالهم صدق دراسته لواقع يثرب المدينة التي طحنتها حروب الأخوة- الأعداء: الأوس والخزرج، وكانت آخر معركة (بُعاث) قد أنهكت الأوس والخزرج، واستنزفت المدينة استنزافاً كبيراً، استثمره اليهود – كعادتهم – استثماراً شيطانياً لتعزيز سيطرتهم الطبقية، وتوسيع نطاق نفوذهم الديني، أن يثرب (وهي محاطة بيهود خيبر، وفدك، وتيماء) وفي داخلها يهود من بني قينقاع وبني قريظة وبني النضير، ومعهم حلفاؤهم، كانت جاهزة للسقوط بيد اليهود، الذين يملكون المال، والقوة، والمواقع الإقتصادية، والعدد البشري، والدهاء.
كانت يثرب – إذن – المدينة المثالية لعمل محمد، فهي تحتاج إلى منقذ عربي يمنع استمرارها في السير في درب الإنكسار، ويعزز مكانتها الإقتصادية، خاصة وأنها تقع على طريق تجارة مكة- الشام من الشمال.
أي أن إنقاذ يثرب من أزمتها الكيانية العميقة، واستعادة وحدة أهلها، قمين بتحقيق دور متعاظم لها، في الضغط على مكة، في خطته الإستراتيجية التي تقع مكة في صلبها.
وبرؤيته النافذة أقدم محمد على إعطاء علاقته باليثربيين بُعداً واقعياً، تطبيقياً، أي بُعداً تنظيمياً سرياً. وكان ذلك إيذاناً بنشوء أول شكل من أشكال التنظيم السري الخلوي. إن المؤكد – هنا – "أن الرسول حين اتفق مع الستة أو السبعة من حجاج يثرب أعضاء أول خلية كوَّنها من خارج مكة، على أن يعملوا على نشر مبادىء الدعوة بين أهل يثرب لا يعني أنه ترك الأمور بغير تنظيم.. إذ لم يكن هناك أدنى ضمانات في أن لا يرتد هؤلاء المؤمنون الجدد عن إيمانهم وعن وعدهم بالعمل على نشر الدعوة.. خصوصاً وأن مرور عام كامل وهو المدة الزمنية التي تفصل بين موسم حج وموسم آخر، كفيل بأن يوهن من عزيمتهم ويقلل من اندفاعهم خصوصاً وأنهم لم يتلقوا التعاليم كاملة ويتفهموها بعمق وعن معرفة كاملة بحيث يكونون دعاة على مستوى عال من الفهم والقدرة على الإقناع وعلى تجنيد آخرين. كذلك لم يكن هناك أي اتصال مباشر أو غير مباشر بني الرسول وبينهم طيلة العام. وانعدام الإرتباط التنظيمي يؤدي بالضرورة إلى تحلل أي جماعة وعدم انضباطها وترابطها وتشتت جهود أفرادها وفشلهم بالتالي". وكان لا بد من تأمين مسؤولين للخلايا أو الحلقات الإسلامية، وحين جاء العام الثاني للحج، وبعد أن جاء إثناء عشر رجلاً، كان ذلك يعني "أن الدعوة حققت نجاحاً أصبح يتطلب التركيز الشديد في العمل والتخطيط الكفء لإنجاحه ولاستغلال هذا النجاح.. لهذا لم يكن ممكناً أن يترك الرسول الأمر في أيدي المسلمين الجدد وحدهم ودون تنظيم أكثر فعالية ودقة. إذ إن معرفتهم بالدين محدودة، وزيادة عددهم مع انخفاض مستوى وعيهم سيؤدي حتماً إلى إدخال تشويهات وتحريفات بفعل الإجتهادات الشخصية التي يمكن أن تحدث نتيجة للحوار بينهم وبين الذين يريدون تجنيدهم للدعوة الجديدة، خصوصاً مع وجود عدد لا يُستهان به من اليهود في يثرب. كما وأن الصلة مقطوعة بين الرسول وبينهم.. أي بين القيادة الأيديولوجية وبين أنصارها الذين لم يصلوا إلى مستوى كامل من الفهم والوعي.. وبالتالي فإن هذا التطور أصبح يتطلب تعيين مسؤول موثوق في قدرته وتشبعه بأصول الدين الجديد مع دراية بأساليب العمل والتنظيم، ومن هنا تم إرسال مصعب بن عمير إلى يثرب، مع الأثني عشر مسلماً، ليشرف بنفسه على سير العمل وتخطيطه والتمهيد لمرحلة أخرى..".
ولعبت الكوادر المكية دورها الطليعي في تنظيم الأنصار في يثرب، فكان ذلك صورة من الترحيل (بعد الهجرة) والتآلف المؤسس على رابطة تنظيمية ذات مضمون سياسي واقتصادي واجتماعي.
وهكذا فإن أخوة المهاجرين والأنصار، ما كان لها أن تصل إلى مستوى الأخوة في الحقوق والواجبات، ما لأخوه النسب، لولا الأساس العقائدي والقناة التنظيمية، اللذين عززا الألفة تعزيزاً عميقاً، مصداقية لقوله تعالى: (...لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال/ 63).

المصدر: كتاب محمد (ص).. الحقيقة العظمى

ارسال التعليق

Top