الإسلام: منهج الله تعالى، به صلاحنا في الدنيا، وسعادتنا في الآخرة. إلا أنّ أعداء الإسلام، من دعاة الجاهلية المعاصرة، يريدون منا أن نحتفظ بالإسلام (بين جدران المساجد)!! باعتباره "تحفة" أثرية جديرة بالاعجاب والتقدير!
إنّهم يريدون منّا، أن نطبق الإسلام يوم القيامة!! ويريدون أن نعيش في الدنيا كما يشتهون، ويخططون.. معرضين عن شريعة رب العالمين.. نرتع بالضلالات كالأنعام.. ونخوض بالكفر مع الخائضين.
إنّهم يحاولون أن يصوّروا الإسلام العظيم، الذي شرعه الله منهجاً لحياة الناس؛ "تراثاً" تاريخياً محنَّطاً!!، و"طقوساً" كهنوتية جامدة!!، و"تمتمات" رمزية غامضة!!، و"تراتيل" مجرَّدة من كل مضمون!!
إنّهم يريدون أن يجرّدوا الإسلام من كل فاعلية، ويجعلوا الانتماء إليه مجرد "عصبية"! والاقرار به "لقلقة لسان"! وممارسته "شكليات" عبادة! واللجوء إليه والعمل به: مجموعة "أذكار وأوراد" للتخفيف عن آلام الحياة، ومتاعب الدنيا.. نمارسها يوم الجمعة من كل أسبوع!!!
إنّهم يريدون إماتة "الحس بالإيمان" وإعدام "الغيرة على الشريعة" وقتل "الاعتزام بالمبدأ" بالبدائل التي يرفعون شعاراتها.. وهم أوّل الكافرين بها، والمناهج الجاهلية التي يطرحونها.. وهي أوهن من بيت العنكبوت.. فما هي مسؤوليتنا نحن؟
- وحدة الصف الإسلامي:
ليس الصراع بين الإسلام والجاهلية الحديثة؛ صراعاً فكرياً أو نظرياً فحسب، وإنّما هو، مع ذلك، صراع بين أمّة من الناس آمنت بالله وحده: إلهاً تعبده: وحاكماً تطيعه.. ومشرّعاً تتبعه.. وتحمل رسالته إلى الناس أجمعين، وبين ملأ من الجاهليين استكبروا عن عبادة الرحمن.. وتمردوا على طاعته.. واتخذوا من عبيد الله آلهة وأرباباً..
إنّ هذا الصراع يحتم علينا أن نقف صفاً واحداً.. جنداً لله.. مخلصين صامدين نحمل الأمانة.. ونتحمل تكاليف الإيمان.. وتضحيات العقيدة.. وأعباء المبدأ. نقف أمّة واحدة في محور واحد.. نساهم ونعطي.. نساند وندافع.. لا لعصبية تربطنا، ولا لمغنم نرجوه، ولا مغرم نتحاشاه، بل لوحدة الهدف والغاية والوسيلة.. لأخوة في العقيدة والإيمان والعمل.. لوشيجة أنشأها الله تعالى، وصلة بناها الإسلام، ورابطة انعقدت عليها القلوب.
ذلك لأنّ دفاعنا عن المؤمنين المجاهدين، ووقوفنا معهم، كالبنيان المرصوص، يشد بضعه بعضاً؛ هو وقوف مع الله تعالى، وقيام لله تعالى، ودفاع عن رسالة الله تعالى.. وإنّ التقصير في هذا المجال خيانة، والتهرب من تحمل المسؤولية مكر.. لأنّ الله تعالى مع الذين آمنوا وكانوا يتقون.. معهم.. يحبهم.. يدافع معهم.. يدفع عنهم كيد الظالمين.. ويمقت كل خائن كفور:
(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) (الحج/ 38).
- الخيانة العظمى:
لقد أراد الله بالناس خيراً ورحمة، حين أرسل إليهم أنبياءه ورسله، هداة إلى عبادته، ودعاة إلى رسالاته، ليعيش الناس كلهم أجمعين سعداء، مسلمين لرب العالمين.. وقد أخذ منهم على ذلك عهداً وميثاقاً.
فالانحراف عن عبودية الله تعالى، وحاكميته، والسقوط في عبودية البشر.. وألوهية العبيد؛ جاهلية، وخيانة لله تعالى.
والانصراف عن عقائد الإسلام، ومبادئه وتشريعاته، والركون إلى الضلالات والأهواء المادية؛ جاهلية، وخيانة لرسول الله (ص).
والنكول عن الحق والعدل، واقتراف الظلم الاجتماعي، والطغيان السياسي، والبغي المالي؛ جاهلية، وخيانة للأمانة التي في أعناق المسلمين:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الأنفال/ 27).
كل ذلك جاهلية، وخيانة.. من الدرجة الثانية.
إلا أنّ الوقوف مع من خان الله ورسوله والأُمّة: جاهلية وخيانة عظمى.. ذلك لأنّ نصير الخونة: مجرم معاند، جريمته الأولى سكوته عن خيانتهم، وإعراضه عن مقاومتهم، واندفاعه للجدال عنهم.. وجريمته الثانية عداؤه – بالضرورة – لجماعة المؤمنين، لأنّه نصير أعدائهم، وحليف خصومهم، فهو خوّان أثيم.. خان نفسه وخان رسالته، وخان أُمّته!.
(وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) (النساء/ 107).
يا أُمّة محمد (ص):
يا أُمّة الحق والخير والعدل والسلام..
يا أُمّة الحرِّية المسؤولة، والمساواة الحقيقية، والتوحيد الصادق...
يا أُمّة العقيدة الراسخة، والمبدأ الفذ، والفكر النيّر..
يا أُمّة الحضارة الزاهرة، والبطولات العظيمة، والتضحيات المجيدة..
يا أُمّة المنهج الإنساني الشامل، والشريعة السماوية السهلة السمحاء..
إنّ قضايانا المصيرية تواجه اليوم أشد التحديات الجاهلية شراسة ووحشية، وغدراً ومكراً، وإنّ مسؤوليتنا وواجبنا في الحفاظ على رسالة الإسلام العظيم؛ توجب علينا المبادرة إلى التمسك به بشدة، والعمل بموجبه بدقة، والدعوة إليه بحكمة،.. وأن نتدبر ونعي مكائد الجاهلية المعاصرة:
فإنّ كهنة الشرق يريدون وضع الأغلال الجاهلي في رقابنا..
وإنّ سدنة الغرب يريدون وضع الأصفاد الجاهلية في أيدينا..
لنظل عبيداً أذلاء للسحرة والعرافين من أتباعهم..
وليس أمامنا إلّا أن نتأسى برسول الله (ص).. ونقتدي بقرآنه.. نهتدي بسيرته.. إيماناً وعملاً..، ونرصد الجاهلية.. وننصر الله تعالى كي ينصرنا:
(.. وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج/ 78).
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق