• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

ووصينا الانسان بوالديه إحساناً

أسرة البلاغ

ووصينا الانسان بوالديه إحساناً

 ◄الإسلام: عقيدة، وشريعة، وأخلاق.
 فعلى قواعد العقيدة الإسلامية: يقوم بناء الشخصية، شخصية الفرد المسلم، وشخصية الأسرة المسلمة، وشخصية المجتمع المسلم، وشخصية الدولة الإسلامية.
وعلى قواعد الشريعة الإسلامية: تنتظم العلائق والروابط، وتتحدد الحقوق والواجبات، وتحقق العدالة والمساواة، ويستتب الأمن والسلام.
 وعلى قواعد الأخلاق الإسلامية: ينشأ التكافل والتضامن، وتزدهر الفضائل والمكارم، ويوجد الإنسان، الإنسان.
إلا أن توحيد الله تعالى هو: أساس العقيدة والشريعة والأخلاق جميعاً، ونظراً لأهمية منزلة الوالدين في الإسلام، فقد جمع الله تعالى بين وجوب توحيده وبين بر الوالدين والإحسان إليهما: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً...)(النساء/ 36).
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً...) (الإسراء/ 23).
(..لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا...) (البقرة/ 83).
لقد دأب أعداء الإسلام على تفكيك الأسرة المسلمة.. وحرص الإسلام على توفير كل الضمانات لتماسكها.. ومن هذه الضمانات: بر الوالدين.. وحرمة عقوقهما.

برّ الوالدين:

(وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً...) (الأحقاف/ 15).
(وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً...) (العنكبوت/ 8).
(وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ...) (لقمان/ 14).
إن الوالدين يحبان الولد – ذكراً كان أو أنثى – حباً فطرياً.. يحيطانه بالرعاية والعناية، يرخصان من أجله كل غال ونفيس، يفنيان العمر في سبيل تربيته، وضمان صحته وسعادته، لذا فلا حاجة لتوصيتهما بالولد.
أما توصية الولد بوالديه: فهي ضرورة، لذا تكررت في القرآن الكريم، كما تكررت في وصايا الرسول (ص): "إن أفضل الأعمال: الصلاة لوقتها، وبرّ الوالدين، والجهاد في سبيل الله".
ذلك لأن الولد حين يكبر: قد ينسى أتعاب والديه، وما بذلاه من أعصابهما وما تحملاه من تعب ونصب، فكان لابد من توصيته بأن يكون باراً بهما، محسناً إليهما، لاسيما الوالدة، حيث بالغ الرسول (ص) بها، لأنها تحمل ولدها وهناً على وهن، تغذيه من دمها لبناً سائغاً شهياً، وتسقيه من سهر لياليها عاطفة وحباً وحناناً، حتى صارت الجنة تحت أقدام الأمهات، وأصبح رضاء الوالدين شرطاً في مشروعية السفر، لطلب العلم، أو الجهاد في سبيل الله تعالى!!
إن بر الوالدين: عبادة وإيمان عملي.
وان بر الوالدين: وفاء ومروءة وإحسان.

عقوق الوالدين:
(..إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيماً) (الإسراء/ 23).
(ولو علم الله شيئاً أدنى من (أف) لنهى عنه، وهو أدنى العقوق، ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما).
إن القرآن الكريم كما فرض بر الوالدين، والإحسان إليهما، فقد حرم قطيعة الرحم وعقوق الوالدين، وجعل ذلك من الكبائر التي جزاؤها نار جهنم. فقد ورد في الحديث الشريف: "من أصبح مسخطاً لوالديه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار".
إن بر الوالدين واجب لا يسقط عن الولد، حتى لو كان والداه مشركين.. إلا أن طاعتهما تسقط إذا تعارضت مع طاعة الله تعالى، وليس ذلك من العقوق، حيث "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً...) (لقمان/ 15).
وكما قد يكون الولد عاقاً لوالديه، فقد يكون الوالدان عاقين لولدهما، إذا لم يحسنا تسميته وتربيته، أو جاهداه على أن يكفر أو يشرك بالله العظيم.
ذلك لأن من واجب الوالدين العناية بالولد وتربيته تربية صالحة وإعداده حسب ما يلائم ظروف زمانه هو، وما يحتاج إليه من تحصيل الخبرات واكتساب المعارف والعلوم النافعة، ولكن في إطار الأحكام الإسلامية: ربوا أولادكم لزمان غير زمانكم.

يا شباب الإسلام:
جدير بكل مؤمن أن يكون شديد الاهتمام في تكريم والديه، يبادر إلى قضاء حاجاتهما قبل أن يسألاه، ويدعو لهما بالغفران والرحمة أن أضجراه، لا يرفع صوته فوق صوتهما، ولا يعبس في وجههما، ولا ينظر إليهما إلا بعين الرحمة والرأفة والحنان.
وإذا بلغ الوالدان من العمر عتياً، فقد يصيران لا يعلمان من بعد علم شيئاً، وقد يسألان ما ليس بحق، وقد يطلبان ما ليس بمعروف، ومع ذلك يجب أن لا يقال لهما ( أف )، بل يجب أن يقول لهما قولاً كريماً، وتجب مصاحبتهما في الدنيا معروفاً بطلاقة وجه، وحسن سيرة، ودماثة خلق، وكرم نفس.
ولقد ثبت عملياً: إن الولد البار بوالديه، يرزقه الله تعالى أولاداً أبراراً صالحين، ويطيل في عمره، ويحسن عاقبة أمره، وأن من كان عاقاً لوالديه، يبتلى بأولاد أشرار، لايحسنان إليه شروى نقير.
لذا فان من الواجب أن يحسن الولد صحبة والديه إذا كانا من الأحياء، وأن يتصدق عنهما، ويترحم عليهما، ويستغفر لهما، إذا كانا من الأموات، ذلك لأن ابن آدم إذا مات انقطع عمله، إلا من ثلاث: (صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له).►

ارسال التعليق

Top