• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

عيد الغدير امتداد للرسالة الإسلامية

عمار كاظم

عيد الغدير امتداد للرسالة الإسلامية

عيد الغدير هو تمثيل حقيقي لإكمال الدِّين وإتمام النِّعمة وتبليغ الرسالة، يلقي بثقل معانيه وإيحاءاته على المسلمين كافّةً، لجهة تحمّل المسؤوليات تجاه أصالة دينهم في حفظ مفاهيمه وروحه، ومعرفة الحقّ واتّباعه، ومراعاة أُصول وحدتهم، صوناً للإسلام من الضياع والتشتّت. وإنّ القراءة الهادئة والموضوعية لسيرة أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، تبيِّن عظمة هذه الشخصية الرسالية الإسلامية، وحجم عطاءاتها وتضحياتها، في سبيل حفظ رأس الإسلام من السقوط، ونبذه لكلّ المصالح والأهواء والمطامع الدنيوية، وهو القائل: «لأسلمنّ ما سلمت أُمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلّا عليّ خاصّة». إنّه عيد للإسلام والمسلمين، عندما وضعت الرسالة في أيدٍ أمينة مجاهدة مخلصة لله، ساعية للقرب من مواطن رضاه، عاملةٍ في سبيل نصرة الحقّ والمظلومين، وإعلاء كلمة الله وزهق الباطل.

وهذا هو الإمام عليّ (عليه السلام) الذي يصنع حضارةً وتقدّماً، وينقلنا من ضيق الأُفق إلى رحابته، ويرفع من مستوى وعينا في تحمّل المسؤوليات، ولعب الدور الطبيعي في البناء وإحياء النفوس وعمران البلاد. فعليّ (عليه السلام) ليس إماماً لمذهب معيّن، فهو إمام للمسلمين كافّةً وللإنسانية جمعاء، وهو وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة.. ففي الثامن عشر من ذي الحجّة، نلتقي بذكرى الغدير، حيث وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) راجعاً من حجّة الوداع في غدير خمّ، فقال فيما قال: «يا أيّها الناس، إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفُسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ يعني عليّاً ـ اللّهُمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه».

الإمام عليّ (عليه السلام) هو القدوة في كلّ ما انفتح عليه في حركة العلم والإرادة والإخلاص للإسلام والمسلمين، وهو الذي قال: «علّمني رسول الله ألف باب من العلم، يُفتح لي من كلّ باب ألف باب».. وفي ضوء ذلك، نتعلّم من الإمام عليّ (عليه السلام) خطّ الوحدة الإسلامية، لننفتح على مَن نختلف معه بالحوار، ولنؤكّد ما يجمعنا، في سبيل حفظ الإسلام في مواجهة التحدّيات التي تعصف اليوم بالأُمّة، ولا تفرّق بين مذهب وآخر، ولا بين مُسلِم ومُسلِم.. فإنّ عليّاً (عليه السلام) يمكن أن يكون رمز وحدتنا الإسلامية، لأنّ المسلمين جميعاً لا يختلفون على احترام الإمام عليّ (عليه السلام) وتقديمه على غيره لما يملك من مكنونات العلم الذي لاينتهي.

وهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: «عليّ مع الحقّ، والحقّ مع عليّ، يدور معه كيفما دار». إنّ التزام الإمام عليّ (عليه السلام) بالحقّ، كان الحجّة على الناس في كلّ زمان ومكان، كي يلتزموه في أقوالهم وأفعالهم، ويعيشوه فكراً وممارسةً تؤكّد شخصيتهم الإيمانية والرسالية في الحياة. وعيد الغدير بما أنّه عيد الولاية للإسلام كلّه في إخلاصنا له، لابدّ من أن نعيش هذا النفس الإسلامي الرسالي، لنحمي الإسلام من كلّ ما يؤذيه، لأنّ عليّاً (عليه السلام) قضى عمره الشريف حامياً للإسلام، ومدافعاً عن مسيرته بكلّ ما أُوتي، فعاش طهارة الموقف وطهارة الفكر والشعور، في انسجامٍ كامل وتامّ مع إرادة الله وتعاليمه. أن نفرح بعيد الغدير، معناه الفرح الرسالي بكلّ ما في إسلامنا من عناوين ومعانٍ تدفعنا إلى إحقاق الحقّ وإبطال الباطل، والارتفاع بالحياة إلى مستوى يريده الله لنا في عزّةٍ وكرامةٍ وحرّيةٍ. أن نعيش معنى عيد الغدير، أن نعيش الهداية التي نسير عليها في الملمّات، والتي سار عليها الإمام عليّ (عليه السلام) وآل بيته من الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، وأن نتولّى عليّاً، معناه أن نتولى الإسلام في روح شرائعه ومفاهيمه، في خدمتها للإنسان والمجتمع والحياة.

ارسال التعليق

Top