في نهاية الأسبوع الماضي، استأنف برنامج الفضاء الأميركي رحلاته وأطلق أول كبسولة فضائية مأهولة، في إنجاز جديد يضاف إلى سلسلة من النجاحات في غزو الفضاء الخارجي. لكن الجنس البشري يواجه على كوكب الأرض تحديات قد تعصف بأحلامه، وربما تهدد مستقبل وجوده في هذا الكون.
في مقاله الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، قال الكاتب دنيس أوفربي إن إطلاق الصاروخ المأهول إلى محطة الفضاء الدولية، الذي اعتبر بداية لعصر جديد في استكشاف الفضاء، لا يمكن أن يحجب الحقائق المفزعة التي يتحدث عنها المفكرون منذ سنوات.
ينظر المتفائلون إلى المستقبل بعيون حالمة، في ظل الحديث عن إمكانية العيش على سطح القمر، والوصول إلى المريخ، وانتشار السياحة الفضائية على نطاق واسع. لكن الكاتب يرى أن هذا الحديث المبهج عن غزو الفضاء يتزامن مع أخبار مزعجة عن مستقبل الجنس البشري على كوكب الأرض.
ففي الأسبوع الذي سبق إطلاق صاروخ "فالكون 9″، تجاوز عدد الوفيات جراء فيروس كورونا في الولايات المتحدة حاجز 100 ألف.
وحسب الكاتب، فإنّ الفشل في التعامل مع هذه الأزمة، والذي تجلى في تنامي معدلات البطالة على نطاق واسع وتعميق الفوارق الاجتماعية، أدى إلى تأجيج الاحتجاجات التي اجتاحت العديد من المدن الأميركية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
واعتبر الكاتب أنّه ما من شك أن انتشار فيروس كورونا نذير سوء يثبت ما ذهب إليه العديد من المفكرين من أن الكون يبعث برسائل إلى الجنس البشري تنبئ بصعوبة استمرار وجوده، وتحقيق أحلامه باستكشاف أجناس ذكية أخرى في هذا الكون.
مستقبل البشرية
في عام 1998، تساءل روبن هانسون، أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون، عن حقيقة وجود كائنات عاقلة في مكان ما من الكون، قائلاً: «إذا وُجدت حقاً مثلما يدعي علماء الفلك وعلماء الكونيات، لماذا لم يطل علينا عبر مليارات السنين أي كائن ليلقي التحية؟».
ولسائل أن يسأل هل يمكن للفيروسات أن تعطل خططنا لغزو الفضاء الخارجي؟ يعتبر كلّ من الدكتور أنتوني فوسي وتوم هانكس أن الوباء الحالي ليس نهاية المطاف، ولكنّه يمثل عرضاً تجريبياً (بروفة) للمستقبل.
وفي كتابه «ساعتنا الأخيرة.. تحذير عالِم: كيف يهدد الإرهاب والشر والكوارث البيئية مستقبل البشرية خلال القرن الحالي على الأرض وخارجها»، يقدم مارتن ريس، عالم الكونيات بجامعة كمبريدج والمؤسس المشارك لمركز دراسة المخاطر الوجودية، رؤيته لمستقبل الجنس البشري وكيف يمكن أن تكون نهايته.
وينقل الكاتب عن الدكتور ريس تعليقه على أزمة فيروس كورونا الأخيرة «هذه الأوبئة العالمية تمثل مشكلة مستعصية، من الواضح أنّه إذا فهمنا الفيروسات بشكل أفضل يمكننا تطوير اللقاحات».
ويضيف «لكن الجانب السلبي هو أنّها تشكل فرصة لانتشار معطيات علمية خطيرة قد يستغلها المنحرفون لجعل الفيروسات أكثر خطورة وعدوى مما هي عليه في الطبيعة».
عمر افتراضي للحضارات
ويشير الكاتب إلى أن إحدى أبرز المشكلات التي يطرحها الدكتور ريس وغيره من المفكرين، هي مدى ما وصلت إليه البشرية من تطور تكنولوجي وإمكانية استمراره.
وهو ما يحيلنا مباشرة إلى "معادلة دريك" الشهيرة التي تستخدم لتقدير عدد الحضارات النشطة خارج الأرض والقادرة على التواصل في مجرة درب التبانة. وتضع هذه المعادلة التي وضعها عالم الفلك الأميركي فرانك دريك عمراً افتراضياً لكل الحضارات المتطورة تكنولوجيا.
وحسب الكاتب، فإنّه بغض النظر عن طريقة تشكل الكواكب، وطريقة نشأة الحياة عليها وتطور الأجناس التي تستوطنها، فإنّ قدرة تلك الأجناس الذكية على الاستمرار هي وحدا الكفيل بأن تجعلها تكتشف غيرها من الأجناس.
وإذا استمرت البشرية في البحث والاستكشاف، فقد تعثر على مثل هذه الكائنات، رغم أن ذلك غير مضمون.
وأوضح الكاتب أنّه رغم النظريات المتشائمة التي يطرحها عدد من المفكرين مثل الدكتور هنسون، حول تلاشي الحضارات الذكية بعد وصولها إلى ذروة التقدم، لا يزال بوسع الجنس البشري أن يستمر ويتطور.
ثقة بالنصر
في مارس/آذار الماضي، عندما تسبب الوباء في إغلاق مختبر في إيطاليا، كان أستاذ الفيزياء كريستيانو غالبياتي يجري فيه بعض التجارب على المادة المظلمة، توجه غالبياتي إلى ميلانو للإقامة مع عائلته.
واكتشف هناك نقصاً كبيراً في أجهزة التنفس الاصطناعي التي استُخدمت لمعالجة الحالات الخطيرة للمصابين بفيروس كورونا، ولاحظ أن الأجهزة باهظة الثمن.
جمع غالبياتي عدداً من علماء فيزياء الجسيمات لتصميم جهاز تنفس فعال وغير مكلف، وبعد شهر وقع اعتماد الجهاز من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وعلق غالبياتي قائلاً: «نعرف أن الفيروس، كما يقول البعض، ينتشر بسرعة الطائرات.. لكن أبحاثنا تسير بسرعة الضوء، وهذا ما يعطيني الثقة بأنّنا سننتصر».
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق