• ١ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٢ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

نماذج قرآنية للشباب المسلم المسؤول

أسرة

نماذج قرآنية للشباب المسلم المسؤول
على شاشة القرآن الكريم، يمكن مشاهدة العديد من النماذج والعيِّنات الشبابيّة التي عرفت مسؤوليّتها بعمق وتحمّلتها بشرف، فقدّمت بذلك المثال الذي يُحتذى لكلِّ شابّ أو شابّة يريدان أن ينهضا بمسؤوليّاتهما في هذه الحياة. ففي عالَم الأنبياء (ع)، نلتقي بـ(الفتى إبراهيم) في مرحلة تفتّح شبابه، لنطالع وجهاً ينضح بالفتوّة ويطفح بالثِّقة، هازئاً بما يعبد الآباء من الأصنام، حتى أنّه يغافل قومه المشركين فيحطِّم أصنامهم بفؤوس أصنامهم، وذلك عندما يعلّق الفأس التي كسّر بها الأصنام في رقبة الصّنم الكبير ليجعله في موضع اتِّهام ومساءلة، وقد عرف قومه ذلك من خلال مواقفه الهازئة المستخفّة بعبادة ما لا يضرّ ولا ينفع: (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ) (الأنبياء/ 60). إنّ فتوّة إبراهيم (ع)، المُسخّرة في إلفات نظر قومه إلى ضرورة عبادة الله الواحد الأحد، سواء من خلال محاورة النجوم، أو محاورة الحاكم الطاغية (نمرود) أو في دعوة أبيه إلى الهدى، وصبره ومقاومته في تحمّل نتائج مسؤوليّته، ترسم لنا صورة الفتوّة الإبراهيميّة المسؤولة التي يُراد لنا أن نقتدي بها: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ...) (الممتحنة/ 4). إنّها مسؤولية مواجهة الإنحراف في العقيدة، والتيارات الفكرية المنحرفة. ثمّ يطلّ علينا وجه الغلام (إسماعيل) (ع)، الذي شرب من نهر أبيه إبراهيم (ع) ماء الفتوّة المطيعة لله سبحانه وتعالى، وكيف أبدى استعداداً عالياً للتضحية بنفسه، من أجل تنفيذ إرادة الله سبحانه وتعالى، ثمّ وهو يساعد أباه في مهمّة بناء الكعبة المشرّفة. وعلى مثل هذه الفتوة المطيعة لله، المعينة على البرِّ والإحسان: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (البقرة/ 132). إنّها مسؤوليّة الطاعة لله والإستجابة لأمره حتى إذا خالف هوانا. ويشرق على شاشة القرآن وجه الفتى (داود) (ع)، الذي يوظِّف فتوّته اليافعة في مقاومة الظالمين وإدهاشهم بالروح الاستشهادية من أجل الحقّ. إنّها مسؤوليّة الجهاد ضد الطّغاة والظالمين والفاسدين والمستكبرين. وأمّا فتوّة الشاب الجميل النبيل (يوسف) (ع)، فكانت مسؤولة عن ضرب المثل الرائع للشاب العفيف الذي يربأ بنفسه أن يقع في أحضان الرّذيلة، والشاب الذي يمارس الدعوة إلى توحيد الله حتى وهو في السِّجن. إنّها مسؤوليّة الحفاظ على العفّة (من جهة الشاب). وتتجلّى فتوّة (موسى) (ع) في استقامته على الإيمان رغم أنّه نشأ وترعرع في الأجواء الكافرة، وفي (مدين) حينما يسقي للفتاتين بكلِّ شهامة وحياء إيماني، وفيما يجابه من غطرسة فرعون وجبروته. إنّها مسؤوليّة القوّة المساندة للخير والمسخّرة لخدمة الضعفاء والمستضعفين. ثمّ يطلّ علينا وجه الفتى (عيسى) (ع)، برّاً بوالدته ولم يكن جبّاراً عصياً، فلقد حمل مسؤوليّته منذ نعومة أظفاره في رسم منهج أخلاقي لقومه يربطهم من خلاله بعبادة الله تعالى وحده. إنها مسؤولية البر بالوالدين والرحمة بالناس. وأمّا (محمّد) (ص)، فإنّنا لم نقرأ في القرآن شيئاً مسؤولياته في شبابه، ولكنّنا عرفنا من خلال سيرته المطهّرة كيف أنّه كان ينصرف عن الترهات والخرافات والأوهام ليتعبّد في (غار حراء).. وكيف بنى شخصيّته التي اتسمت بالصِّدق وطبعت بالأمانة حتى صارت مضرب الأمثال بين قريش. إنّها مسؤولية الإستقامة (قولاً) و(عملاً). وعلى غير صعيد الأنبياء (ع)، يطالعنا على الشاشة القرآنية، التي تعرض لنا صوراً عن الفتوّة المسؤولة، (الفتية أصحاب الكهف) الذين شعروا أن مسؤوليتهم هي في اجتناب التعامل مع الحاكم الظالم، وعدم الانخراط في مشاريعه الإفساديّة. إنّها مسؤولية إعتزال المنكر والظلم إذا تعذّر مقاومتهما. وتتألق صورة الشابة المسؤولة (مريم بنت عمران) (ع) في مثل أعلى من الحياء والعفاف والصون والعبادة يحتذى. إنّها مسؤولية الحفاظ على العفّة (من جهة الفتاة). و(أخت موسى) التي تلعب دوراً مسؤولاً في إنقاذ أخيها من الموت جوعاً بعدما حرّم الله عليه المراضع، والعمل على إنقاذ وعد الله لأُمِّه في عودته سالماً كي تقرّ به عيناً. إنّها مسؤوليّة السعي لإنقاذ إنسان، وإغاثة المستغيث الطالب للنجدة. هذه المشاهد القرآنية للشباب المسؤول تريد أن تقول: الأنبياء (ع) والمؤمنون كانوا جميعاً مسؤولين في شبابهم.. وهم قدوات وأسوات حسنة لِمَنْ كان يرجو الله واليوم الآخر.. فخذوا من شبابهم لشبابكم.. ومن عطائهم لعطائكم.. إن كنتم تريدون معرفة: ما هي المسؤولية في الإسلام؟!

ارسال التعليق

Top