• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

من أجل بناء مجتمع متماسك

مهند كاظم

من أجل بناء مجتمع متماسك

◄من أجل بناء مجتمع متماسك يسوده الألفة والمحبة والتعاون والوئام بين أفراده، يجب أن يتوفر به الآتي:

- العفو عند المقدرة:

قال الرسول الأعظم (ص) في خطبة له: "ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة؟ العفو عمّن ظلمك وتصل مَن قطعك والإحسان إلى مَن أساء إليك وإعطاء مَن حرمك".

وعلَّمنا القرآن الكريم: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة/ 237).. فحينما نظفر بالمعتدي علينا، فيمكننا أخذ حقّنا منه أو نمني عليه بالعفو، فإن فعلنا الأمر الأوّل لم يبق لنا شيء لنتفضل به على المعتدي، وإن كنّا عفونا عنه، فإنّ ذلك خير أخلاق الدنيا والآخرة.

ولنتأمّل ما قاله النبي الأكرم (ص) لما أوتي باليهودية التي سمّت الشاة له، فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: إن كان نبياً لم يضره وإن كان ملكاً أرحت الناس منه!! فعفا رسول الله (ص) عنها، بل إنّ صاحب العفو لا يزيده إلّا عزّاً على عزه بالإسلام لأنّ المسلمين بعدما كانوا أذلّاء في الجاهلية يعتدي بعضهم على بعض، جاء الإسلام فأعزّهم وجعلهم شعوباً وقبائل متعارفين متمازجين فلم يكن لفضلٍ للأغنياء على الفقراء أو لعربي على أعجمي إلّا بالتقوى.

ثمّ أضاف لهم لذلك العز عزاً آخر عن طريق الأخلاق الكريمة وهي تعاليمه السامية، فكان منها العفو عمّن ظلم، ولنتذكّر ما قاله الإمام أبو جعفر (ع): "ثلاث لا يزيد الله بهنّ المرء المسلم إلّا عزّاً: الصفح عمّن ظلمه، وإعطاء مَن حرمه، والصلة لمن قطعه".

 

- برّ الوالدين:

عن أبي عبدالله الصادق (ع) قال: جاء رجل وسأل النبي (ص) عن برّ الوالدين، فقال (ص): "أبرر أُمّك، أبرر أُمّك، أبرر أُمّك، أبرر أباك، أبرر أباك، أبرر أباك" وبدأ بالأُم قبل الأب.

والبر طاعتهما في السرّاء والضرّاء، فلا تضجرهما أو تنفِّر بهما عنك فإنّ ذلك من سوء الخلق، كما أنّ الإسلام الحنيف دعا المسلم إلى قضاء حوائج الوالدين وإطاعتهما واعتبرهما خيراً من الجهاد في سبيل الله تعالى.

ومن تعاليم الإسلام أن تقدم الإبرار بوالدتك على والدك، فإنها التي حملتك منذ كنت جنيناً حتى أصبحت وخرجت من تلك الظلمات الثلاثة إلى هذه الدنيا لتنعم بهذه الحياة. فقد أتى رجل رسول الله (ص)، فقال: يا رسول الله إنِّي راغب في الجهاد نشيط، فقال له النبي (ص): "فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل تكن حياً عند الله ترزق، وإن تمت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت، رجعت من الذنوب كما ولدت". قال: يا رسول الله إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي. فقال رسول الله (ص): "فقرَّ مع والديك، فوالّذي نفسي بيده لأنسهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سنة".

وقال الإمام الباقر (ع): "ثلاث لم يجعل الله عزّوجلّ لأحد فيهنّ رخصة: أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر، والوفاء للعهد للبرّ والفاجر، وبرّ الوالدين برين كانا أو فاجرين".

 

- صلة الرحم:

قال الإمام أبوالحسن الرضا (ع): "يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيُصيِّرها الله ثلاثين سنة، يفعل الله ما يشاء".

إنّ من أهم تعاليم الإسلام، والتي بثّها الرسول الأعظم (ص) بين المجتمع المسلم وتناقلتها الأبناء بين الشعوب، هي صلة الرحم. فإنّ التواصل بين أفراد المجتمع يجعل من العسير أن تنفذ إليهم الفتنة والفرقة، بل مادام التواصل بين أفراد العائلة موجوداً فإنّ تلك فرصة ثمينة لما أمرَ به تعالى وطاعة له.

فمن فائدة صلة الرحم أنها تزيد في العمر، كما أنّ من فوائدها ما ذكره الإمام أبو جعفر (ع): "صلة الأرحام تزكي الأعمال وتنمي الأموال وتدفع البلوى وتيسر الحساب وتنسئ في الأجل".

ومن آثار صلة الرحم: تحسين الخلق، فإنّ الخلق ينعكس حينما نتواصل مع الآخرين لتبادل الأخلاق الحسنة ونبذ الأخلاق السيئة، وينفعنا ما ذكره الإمام الصادق (ع) حين قال: "صلة الأرحام تُحسِّن الخلق وتسمع الكف وتطيب النفس وتزيد في الرزق وتنسئ في الأجل".

وأمّا يوم القيامة، فإنّ العمل الصالح حينما يوجد في ذلك اليوم فإنه يشكو إلى ربّه بالقطيعة، ويدعو لصاحبه إذا استمرّ في العمل به.

فقد قال الإمام علي بن الحسين (ع): قال رسول الله (ص): "من سرّه أن يمد الله في عمره وأن يبسط له في رزقه فليصل رحمه، فإنّ الرحم لها لسان يوم القيامة ذلق تقول: يا رب صل مَن وصلني واقطع مَن قطعني، فالرجل ليرى بسبيل خير إذا أتته الرحم التي قطعها فتهوي به إلى أسفل قعر من النار"، بل من آثار صلة الرحم يوم القيامة إنها تُهوِّن الحساب، لأنّ العمل الصالح يرجح ولو كان قليلاً وصغيراً، إلّا أنّ قبوله عنده تعالى هو الذي ينفعك في ذلك اليوم.

فقد قال الإمام الصادق (ع): "إنّ صلة الرحم والبرّ ليهونان الحساب ويعصمان من الذنوب، فصلوا أرحامكم وبرّوا بإخوانكم ولو بحسن السلام وردّ الجواب".

فتأمّلوا في كلّ هذه الأُمور وحاولوا أن تعملوا بها مهما كانت مشاغلكم في الحياة، ومن الله التوفيق.►

ارسال التعليق

Top