نقصد بملامح المجتمع، مجموع الخصائص التي تميز المجتمع عن المجتمعات الأخرى. والمجتمع المسلم، مجتمع هادف مؤطر بالنظرة التوحيدية والهدف النهائي للمجتمع المسلم هو أن يتحول إلى مجتمع موحد عابد يسعى انسانه نحو التكامل والرفعة.
المجتمع الإسلامي ومكانته المعنوية:
المجتمع تركيب خاص من البشر، يرتبطون في ما بينهم بمجموعة من العلاقات والقيم، والمجتمع الإسلامي هو مجتمع صيغت علاقاته وقيمه وضوابطه وفق الكتاب والسنة. فما الذي يقوله القرآن في هذا الصدد؟
لقد سعى القرآن الكريم إلى بيان هذا الموضوع في عدة آيات، فأخبر عن أحوال الماضين والأقوام السالفة، وذكر قصص اعتلاء وسقوط أقوام مختلفة، وقد عرض لنا بشكل بديع ولافت للنظر أهم خصائص وصفات المجتمعات السابقة، وكيف ساءت عاقبتهم كما قال تعالى في كتابه المجيد: «فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إلا مَسَاكنُهُمْ» (الأحقاف/ 25).
وفي ذكره لمميزات الأُمّة الإسلامية، يقول القرآن الكريم: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرجَتْ للنَّاس تَأْمُرُونَ بالْمَعْرُوف وَتَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَر وَتُؤْمنُونَ باللَّه....» (آل عمران/ 110).
ونشاهد وجهاً لتمايز الموقع العام الذي يمتلكه المجتمع الإسلامي في هذه الآية: «تلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (البقرة/ 134).
والنتيجة انّ الكثير من المجتمعات السابقة سعت لكسب القوة والاستعلاء بها على الآخرين «مَنْ أَشَدُّ منَّا قُوَّةً» (فصلت/ 15)، من خلال المال والقوى الإنسانية أو من خلال السيطرة على الطبيعة والتقدم في العلوم الطبيعية والعمران، أو من خلال القوة الاقتصادية والعسكرية، لكن الإسلام يرى ان صحة موقع وتمايز المجتمع يدور أساساً حول محور آخر، هو الإيمان بالله تعالى والعبادة له واتباع أحكامه والتسليم أمام ارادته والاعتصام بحبله و...، وهو ما يعبر عنه بـ«الصراط المستقيم».
يقول القرآن الكريم: «زُينَ للَّذ.ينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ منَ الَّذينَ آمَنُوا... وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بغَيْر حسَابٍ» (البقرة/ 212)، ويقول: «وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فيمَا إنْ مَكَّنَّاكُمْ فيه.... فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ... منْ شَيْءٍ إذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بآيَات اللَّه.» (الأحقاف/ 26)، وفي مكان آخر: «فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإنَّ الْجَحيمَ هيَ الْمَأْوَى* وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبه وَنَهَى النَّفْسَ عَن الْهَوَى * فَإ.نَّ الْجَنَّةَ هيَ الْمَأْوَى» (النازعات/ 37-41)، وقوله تعالى: «وَمَنْ يُطع اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئكَ مَعَ الَّذ.ينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهمْ منَ النَّبيينَ وَالصديقينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالحينَ» (النساء/ 69)، وقوله أيضاً: «إنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذينَ آمَنُوا في الْحَيَاة الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ» (غافر/ 51).
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق