• ٢٣ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ٢١ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

مكانة القلب في القرآن الكريم

مركز نون للتأليف والترجمة

مكانة القلب في القرآن الكريم

◄للقلب مكانة خاصّة في القرآن الكريم، والمراد به ذلك الشعور والإحساس الذي ترتبط به إنسانيّة الإنسان، فهو عبارة أخرى عن النفس الإنسانية، ولذا تنسب إليه الأعمال النفسية، من قبيل التعقّل والإيمان والكفر والنفاق والهداية والرحمة والغفلة وغيرها من الحالات التي وردت في القرآن الكريم.

قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا) (الحج/ 46).

(أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (المجادلة/ 22).

(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التغابن/ 11).

 

-        سلامة القلب ومرضه:

إنّ كلّ أعمال الإنسان تنبع من قلبه، ولذا هو مفتاح السعادة، ومن الضروري أن يُعتنى به؛ لأنّه قد يُصاب بالمرض، يقول تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) (البقرة/ 10).

والأمراض التي تصيب القلب كثيرة كالكفر والنفاق، والتكبّر، والحقد، والغضب، والخيانة، والعُجْب، والخوف، وسوء الظنِّ، وقول السوء، والتهمة، والغيبة، والظلم، والكذب، وحبِّ الجاه، والرياء، والقساوة، وغير ذلك من الصفات السيئة. قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ) (التوبة/ 125)، وقد يكون القلب سليماً من هذه الأمراض، يقول تعالى: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء/ 88-89).

ولابدّ من التأكيد على أنّ أمراض القلب ذات أثر خطير، لأنّه إذا كانت أمراض البدن يقتصر ضررها على الدنيا، فإنّ أمراض القلب يعمّ ضررها الدنيا والآخرة معاً، وتوقع الإنسان في الشقاء الأبديّ: (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا) (الإسراء/ 72).

إنّ الإيمان والعمل الصالح وحسن الأخلاق، كلّ ذلك ينير القلب ويدفع عنه أمراضه، في حين أنّ الكفر والعمل السيء وسوء الأخلاق، كلّ ذلك يؤدي إلى إسوداد القلب وإصابته بالآفات.

 

-        قساوة القلب:

يكون القلب في بداية الأمر مستعداً للإستجابة لنداء الفطرة، فإن لبَّى النداء أصبح قلباً نورانياً، يضيء فيه مصباح الإيمان، أمّا إذا تجاهل نداء فطرته، وخالف ميول الخير لديه، فإنّه هذا القلب سوف تخيِّم عليه الظلمة، وتعرض عليه القسوة شيئاً فشيئاً.

ويتحدّث القرآن الكريم عن هذا الأمر فيقول: (فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام/ 43).

نعم إنّ لقسوة القلب آثاراً خطيرة جدّاً في الدنيا وفي الآخرة، حيث يصبح قلباً مقفلاً لا يصدر منه الخير، ويظهر في الآخرة بأبشع الصور.►

 

المصدر: كتاب (دروس في تزكية النفس/ سلسلة المعارف الإسلامية)

ارسال التعليق

Top