عندما يأتي موسم الامتحانات ينشغل الأطفال، فتبلغ مستويات القلق لديهم ذروتها، وهذا القلق ناتج عن مخاوف وهمية معينة، غالباً ما تكون ناتجة عن انعدام الثقة.
فالطفل غير المستعد استعداداً جيِّداً لديه كلّ الأسباب للقلق والتوتر. ومع ذلك، فالامتحانات تُسبّب التوتر حتى بالنسبة إلى الأطفال الذين لديهم أفضل استعداد، علماً بأنّ قلق الامتحانات ظاهرة مألوفة تربوياً ونفسياً.
ومن أهم أسباب قلق الامتحانات، اضطرار الأطفال للتحضير لجميع المواد في وقت قصير، وضغوط الآباء عليهم للحصول على نقط جيِّدة، ما يشعرهم بالضجر.
وكثير من الأطفال يجدون صعوبة في التحضير لامتحاناتهم، والالتزام بجدول زمني محدَّد، يساعدهم على الاستعداد بكلّ مرونة لخوض امتحاناتهم النهائية.
وأكثر مَن يعاني هذا التمرد هي الأُسرة، التي ينتابها قلق كبير وتخوّف ممّا يمكن أن ينتج عن تأخر أطفالهم في الاستيعاب للمواد التي سيمتحنون فيها.
غير أنّ بعض الآباء يلجأون إلى سياسة، يعتبرها خبراء التربية خاطئة، وهي حين يعتمدون على التهديد والتوبيخ، وفرض الجلوس أمام الكراسات والمقررات لساعات لا تفيد في شيء، مادام الطفل يرفض تماماً المذاكرة، إذ حتماً لن يستوعب شيئاً.
وتضيف ضغوطات اقتراب آجال الامتحانات عناء أكبر للآباء، خاصّة بالنسبة إلى التلاميذ في المراحل الابتدائية، ويعزوه اختصاصيو الأطفال إلى ميل هؤلاء الأطفال إلى اللعب، وعدم رغبتهم بالالتزام بالدراسة، التي تتطلب تركيزاً ذهنياً، ووقتاً وحوافز يفتقدها الأطفال، بحيث يفضلون قضاء أوقاتهم في اللعب، وليس الدراسة.
ويعتبر خبراء الطفولة أنّ رفض الدراسة، أو الرغبة في الإقبال عليها، هي إشكالية أغلب الأطفال في المراحل الابتدائية الأولى، ولا تعود إلى عيب نفسي، بل إنّها قضية ترتبط، في جزء منها، بعدم ملاءمة المنهاج، وما يحتويه، مع عمر الأطفال وحاجاتهم للمعرفة، وما يستهويهم، ويشبع فضولهم في عالم المعرفة.
ولذلك يحتاج الأمر إلى تعامل حكيم مع الأطفال، حتى يمكن تحبيب الدراسة إليهم وبالتالي تحبيب مراجعة وحفظهم لدروسهم، استعداداً للامتحانات.
وهذا دور المؤسسة التعليمية، كذلك، وليس الأُسرة وحدها، إذ يبيِّن الخبراء أنّ الطفل يشعر بأنّه مجبر على دراسة هذه المناهج الجامدة، في حين يمكن استبدالها بأُخرى تتضمن، أيضاً، معلومات مفيدة، لكن بطريقة محبّبة للأطفال.
ويعتبرون أنّ طريقة التعلّم، من خلال اللعب، أو من خلال قراءة القصص، غائبة عن المدارس، وهذا الأمر لا يساعد الطفل على الالتزام باستيعاب دروسه. كما يؤكِّدون على ضرورة تخفيف عبء الأطفال من تلك الكُتُب الدراسية العديدة، والاكتفاء بعدد قليل منها، لكنّه يكون مفيداً، ويتضمن المعلومات التي يحتاجها الأطفال في هذه المرحلة بالذات، دون إغفال الحصص الخاصّة بالرياضة أو الموسيقى.
أحيانا يضطر المعلمون إلى تكثيف الدروس مع نهاية السنة الدراسية حتى يتمكنوا من إنهاء المقرر الدراسي في وقته، وهذا الأمر غالباً ما يكون على حساب مصلحة الطفل، الذي يجد نفسه أمام برنامج مكثف يصيبه مسبقاً بالخوف.
وتبقى فترة الامتحانات فترة صعبة على التلميذ والأهل، على حدٍّ سواء، ما يستدعي إيجاد إمكانية للتعاون بينهما، حتى يمكن تحقيق هدف اجتياز المرحلة بمرونة.
وينصح خبراء التربية بمجموعة من الخطوات، التي يمكن اتّباعها، قبل وخلال وبعد الامتحان، من شأنها أن تساعد على تحسين نفسية التلميذ، والوصول إلى النجاح.
فعلى سبيل المثال، لابدّ، قبل الامتحان، من الانتباه إلى الطاقة البدنية، وإعطاء الجسم حقّه في الراحة.
إنّ التعامل مع قلق الامتحانات مهم جدّاً لصحّة الطفل النفسية. وأهم الطُّرق هي تعويد الطفل الاستعداد للامتحان، في وقت مبكر، وعدم الانتظار حتى آخر لحظة، ما يمنح الطفل الثقة بنفسه، وقدراته على تجاوز الامتحانات بتفوق. كما من شأن مساعدة الطفل، على وضع جدول زمني للدراسة، أن يشعره بالراحة، مع تخفيف الضغط النفسي على الطفل، لأنّ الضغوط تزيد من توتره، وتقلل من تحصيله.
وعلى الآباء، أيضاً، قضاء الوقت الكافي مع الطفل، وإبداء الاهتمام بدراسته، ومعرفة ما لديه من صعوبات لمساعدته على الفهم، ما يشعره بأنّ كلّ شيء يسير على ما يرام، وأنّه لا داع للقلق حول الامتحانات، خاصّة في المواد التي يعاني ضعفاً فيها.
ولا يمكن إغفال توفير بيئة صحّية لخلق جو للمذاكرة، من حيث توفير المكان المريح، والإضاءة الجيِّدة، والهدوء، والتدفئة إذا لزم الأمر، فضلاً عن التغذية الصحّية الجيِّدة، ووقت نوم كافٍ.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق