• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

لنجعل الخطأ يبدو سهل التصحيح

دايل كارنيغي

لنجعل الخطأ يبدو سهل التصحيح

◄منذ مدة قصيرة خطب صديق لي يبلغ الأربعين من العمر وقد اقنعته خطيبته أن يتعلّم الرقص فاعترف لي قائلا: الله يعلم أنّني كنت بحاجة إلى دروس في الرقص لأنّني رقصت مثلما كنت أرقص منذ عشرين سنة، وقد أخبرتني بهذه الحقيقة أوّل مدرّسة جاءت لتعلمني، وقالت إنّ خطواتي كلّها خطأ، فكان عليّ أن أنسى كلّ شيء وأبدأ من جديد، إلّا أنّ ذلك كان يقتضي مجهوداً كبيراً ولم يكن هناك أي دافع للمتابعة فتخليت عنها، أما المدرّسة الثانية فمن المعقول أنّها كذّبت عليّ إلّا أنّني أحببتها، وقد قالت لي دون اكتراث أنّ رقصي هو على الطراز القديم، إلّا أنّ الخطوات الأساسية هي صحيحة. وأكدت لي أنّني لن أُصادف أي مصاعب في تعلّم خطوات جديدة، إنّ أوّل مدرّسة خيبت آمالي عندما شددت على أخطائي، فأكدت لي قائلة: إنّ لك شعور فطري للموسيقى، وأنت حقّاً راقص ذو موهبة طبيعية. إلّا أنّ منطقي كان يشعرني أنّني كنت سأظل راقصاً من الدرجة الرابعة ومع ذلك ومازلت أرغب من كلّ قلبي في أن أفكر أنّها تعني ما تقوله، ولكي أتاكد من ذلك كنت أدفع لها لمثل هذا القول، وعلى أي حال أنا أعرف أنّني أصبحت أرقص بطريقة أفضل مما كنت لو لم تخبرني أنّ لي أذاناً موسيقية لأنّ ذلك شجعني وملأني أملاً وجعلني اتحسن، قل لطفلك أو لزوجتك أو لموظفك أنّه أبله أو أحمق عندما يخطئ، وأنّه ليس له أي مواهب وإنّ كلّ ما يفعله هو خطأ، عندها ستقتل كلّ أمل وحافز كان يدفعه للتحسن، ولكن عندما تستخدم الطريقة الأخرى، كن مسرفاً في التشجيع وأظهر سهولة الأشياء ودع الشخص الآخر يشعر بثقتك بقدرته على فعله، عندها سيتدرّب إلى أن ينجح ويتفوق وإنّ هذه الطريقة هي التي يستخدمها (لويل توماس)، وصدقني أنّه فنان مبدع في مجال العلاقات الإنسانية فهو يبني شخصيتك ويعطيك الثقة بنفسك ويمدك بالشجاعة والإيمان، فمثلاً قضيت مؤخراً عطلة نهاية الإسبوع مع السيد توماس وزوجته وفي مساء السبت طلب أن نلعب البريدج فقلت: مستحيل أن العب البريدج فأنا لا أعرف شيئاً عن هذه اللعبة التي كانت دائماً سرّاً غامضاً بالنسبة لي أجاب لويل: لماذا يا دايل ليس في الأمر سرّاً مطلقاً، ولا تحتاج في هذه اللعبة إلّا الذاكرة والتفكير، لقد كتبت مرة فصلاً عن الذاكرة والبريدج ستكون سهلة بالنسبة لك لأنّها تناسب مواهبك وسرعان ما وجددت نفسي جالساً أمام طاولة البريدج لأوّل مرة وذلك لمجرد أنّه قيل لي إنّ لي موهبة طبيعية ومن السهل عليّ ممارسة هذه اللعبة، إنّ الحديث عن البريدج والذي ترجمت كُتُبه التي تدور حول اللعبة إلى اثنتي عشرة لغة وبيع منها مليون نسخة، ومع ذلك فقد أخبرني أنّه لم يكن ليصبح محترفاً، لو لم تؤكد له شابة أنّ له موهبة خاصّة في هذه اللعبة، فعندما أتى إلى أميركا عام 1992م حاول أن يجد عملاً في تعليم الفلسفة وعلم الاجتماع لكنّه لم يفلح ثم حاول أن يعمل في بيع الفحم ففشل في ذلك أيضاً ثم حاول بيع البن إلّا أنّه فشل في ذلك أيضاً ولم يخطر آن ذاك أن يتعلّم لعبة البريدج، فهو لم يكن لاعب ورق فاشل فحسب بل كان عنيداً جداً أيضاً، فكان يسأل الكثير من الأسئلة ويتفحص الورق بعد انتهاء اللعب كمن يشرّح الجثة بعد الوفاة حتى لم يعد أحداً يلعب معه، ثم التقى بمعلمة بريدج هي جوزيفين ديلون، فوقع في حبّها وتزوجها، لاحظت كيف يحلل ورقه بعناية فأقنعته أنّه عبقري حيوي في اللعب، أخبرني كالبرستون أنّ التشجيع فقط هو الذي دفعه إلى اتّخاذ البريدج اختصاصاً له، وهكذا، إن أردت أن تغير الناس دون التسبب بالإساءة أو إثارة استيائهم استخدم التشجيع واجعل الخطأ الذي تريد تصحيحه يبدو بسيطاً، واجعل الشيء الذي تريده من الشخص الآخر أن يقوم به يبدو سهلاً. ►

ارسال التعليق

Top