• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

جارك.. حقوقه عليك كثيرة

عباد الرحمن

جارك.. حقوقه عليك كثيرة
◄أمر الله سبحانه وتعالى ونبيه الكريم محمّد (ص) بحفظ واحترام حق الجار. وقد بينت الآية التالية أهمية هذا الامر عندما قرنت الوصية بالجار بإخلاص العبودية لله وبرّ الوالدين. قال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا) (النساء/ 36). وقال الرسول الكريم (ص): "ما زال جبريلُ يوصيني بالجارِ حتى ظننتُ أنّه سيُوَرِّثُه". ومن حق الجار على جاره أن يتفقد أحواله من حين لآخر ويطمئن إلى أوضاعه وسيرة حياته.. فإن وجده بحاجة إلى مساعدة أو رعاية من أي نوع سارع إلى تقديمها فجاره أولى بالمعروف وأحق بالرعاية.. وسؤال الجار عن جاره يولد المحبة والأُلفة ويشيع أجواء التعاون والتضامن.. بينما يورث البعد والعزلة أجواء الكراهية والأنانية والبغضاء.. قد يكون الجار وحيداً بحاجة إلى من يأنس به ومعه ويمنع عنه الوحشة والاكتئاب.. وقد يكون الجار عائلاً يحتاج إلى من يعينه في تدبر أمور حياته.. وقد يكون عاجزاً يحتاج إلى من يقضي عنه بعض حوائجه.. وقد يكون مريضاً وعيادته واجبة.. وقد يكون مصاباً في تجارته وعمله والوقوف إلى جانبه مطلوب وضروري لأنّه يخفف عنه المصيبة ويشعره بوجود إخوان له إلى جانبه.. وقد يكون الجار بحاجة إلى نصيحة جيِّدة مخلصة.. وقد يكون محتاجاً لأقل من ذلك أو أكثر، وفي كل الحالات فإنّ وقوف الجار إلى جانب جاره واجب ويثاب عليه.. قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) (الزلزلة/ 7). وقال سبحانه: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) (النساء/ 123). ويقول (ص): "وأيُّما أهلُ عَرَصَة أصبحَ فيهم امرؤٌ جائعٌ فقد بَرئَتْ منهم ذِمَّةُ الله تعالى". فكيف للمسلم أن يعلم أحوال جاره إذا كان لا يتفقده ولا يزوره ولا يستعلم عنه! .. وكيف له أن يعيش في سعة ورغد وبحبوحة وجاره إلى جانبه يعاني الجوع والمرض وشظف العيش؟.. ومن المؤسف والمحزن أننا نرى بعض الناس في زماننا هذا لا يكتفي بإهمال حقوق الجار من سؤال وتفقد حال ومد يد المساعدة عند الضرورة.. بل نراه يقع فيما يغضب الله تعالى ورسوله (ص) فيؤذي جاره بكل أسلوب.. فلا هو يحترم مشاعره ولا هو يقدِّر ظروفه.. يطَّلع على عورات جاره ويلاحقها دون حياء.. يطرح الأقذار والفضلات أمام بيوت جيرانه أو على نوافذهم دون خجل.. يترك الروائح الكريهة المزعجة تنبعث من بيته فتؤذي جيرانه.. يرفع صوته أو صوت المذياع أو التلفاز فيحرم غيره من الجيران حقهم في الراحة.. وقد يكون فيهم المتعب أو المريض، وقد يكون فيهم الطفل الصغير أو الشيخ الكبير، وقد يكون فيهم العابد المتهجد أو الطالب الذي يستذكر دروسه.. والنبي (ص) يحذر أمثال هؤلاء أشد التحذير بقوله: "والله لا يؤمِن، والله لا يؤمِن والله لا يؤمِن قيل ومن يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمَنُ جارُهُ بوائقَه". فليتّق الله بعضنا في بعضنا، ولنحفظ كما أمرنا الله تعالى ورسوله (ص) حقوق الجوار ونرعاها فنستحق بذلك رحمة الله وعفوه. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.►

ارسال التعليق

Top