• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

لكل مرحلة عمرية.. طريقة في التربية

لكل مرحلة عمرية.. طريقة في التربية

أن تربية الأطفال أعظم استثمار إنساني في الدنيا والآخرة، فنحنُ نخطط، ونعد العدة، ونهيئ التربة لأي مشروع اقتصادي في بلادنا، فلماذا يغفل بعضنا عن الإعداد والتخطيط في تربية الأطفال؟ أما الإسلام فلم يغفل ذلك، فقد هيأ التربية الإيمانية الأخلاقية، والأرض الخصبة لاستقبال الطفل المسلم قبل أن يولد فقال (ص): "تخيَّروا لنطفكم فإنّ العرق دساس".

وكذلك فإن تربية الأطفال تحتاج إلى مجاهدة ومصابرة، والله أمرنا بهذا الصبر الجميل فقال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) (طه/ 132).

 

متابعة مراحل النموّ:

ينبغي على المربين والآباء والمعلمين متابعة مراحل النمو لدى الأطفال، لأنّ هذه المراحل تفسِّر لنا كثيراً من سلوك الأطفال، ومن هنا نستطيع معالجة هذا السلوك.

فمعالجة الطفل العدواني – مثلاً – تختلف عن معالجة الطفل الانطوائي المنعزل، كما تختلف عن معالجة الطفل المدلل كثير الطلبات، أو كثير التذمُّر والشكوى، كما أنّ معالجة الأطفال الصغار تختلف عن معالجة من يكبرهم حسب مراحل الطفولة، وحاجاتها الوجدانية والنفسية والتربوية.

ولو تدبرنا القرآن الكريم والهدي النبوي لوجدنا علاجاً شافياً لكل حالة، وكلّ مرحلة، مُتدرجاً، بالتغريب ثمّ التعزيز ثمّ الإرشاد والنصح، ثمّ الهجر، وأخيراً الضرب غير المبرِّح.

كما يجب على المربي المسلم دراسة كلّ مرحلة على حسب النمط السلوكي الذي يصاحبها لنتبين مظاهرها، ونضبط الانحرافات، ونعزّز السلوك السويّ الذي نسعى لإبرازه، وتشجيعه في الطفل.

اما عن دور المسجد في حياة الأطفال، "فله أثر عظيم إن استطعنا ربط أحبابنا الصغار بالمناهج الدينية والتربوية والترفيهية المنضبطة، فكثير من قادة المسلمين العظام تخرّجوا في المساجد، لذا ينبغي أن نعيد للمساجد هذا الدور الواسع، الذي اقتصر اليوم على الصلوات فقط، وهي تؤدي بلا فكر أو روح عند فئة واسعة من المصلين، وفي المقابل، نجد أننا قد أثقلنا على أطفالنا بمناهج مدرسية تناقض تربية المسجد، والبيت الإسلامي، ما يسبب انفصاماً في شخصيات الأطفال.

 

البيت المتناقض:

إنّ بعض البيوت تعيش تناقضاً كبيراً له تأثير سلبي على الأطفال، ويسبب صراعاً في نفوسهم ومن ذلك:

1-    تناقض الأفعال مع الأقوال، مثل أن يدخن الأب ثمّ يثور إذا علم أن ابنه بدأ التدخين!.

2-    النفاق الاجتماعي، فنرى بعض الآباء يجامل الآخرين في جلساته وسهراته، أو على الهاتف، ثمّ يذمّهم بين أطفاله، أو يغتابهم وهو ما يكون له الأثر السيئ على تربية الأبناء، بل ويطبع تصرفاتهم بالخداع والتناقض والكذب.

3-    الصراع بين الزوجين في البيت، مثل أن يأمر الأب بسلوك معيّن فيما تأمر الأم بسلوك معاكس تماماً، بما يجعل الأطفال في حيرة دائمة، وصراع نفسي مؤلم.

4-    المكاييل المزدوجة، فبعض الآباء والأُمّهات لديهم مكاييل ومقاييس متفاوتة، بل متناقضة في علاقتهم مع غيرهم من الناس، ومع أطفالهم، فرأيه في أمر ما قد لا يستند إلى مبدأ جلي ثابت، إنما يتبع مصالحه الخاصة، ما يجعل رؤيته للأمور مضطربة، وعلاقاته متغيرة متناقضة.. والآباء الذين يعيشون هذه الازدواجية يدمرون كيان الأسرة، ويتجاهلون معنى الآية الكريمة: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) (البقرة/ 44)، والحق أنّهم يفقدون الحسّ الإيماني الصادق، فلا يزنون الأشياء، إلا بمدى ملئها لجيوبهم.

أخيراً: على المربي المسلم بذل الجهد المضاعف لمقاومة وسائل الإعلام التي تزيّن الغثاء من زيف البطولة لأبنائنا، بأن يغرس في نفوسهم النماذج البطولية السامية للصاحبة، والتابعين، والقادة الأفذاذ، والشهداء في تاريخ المسلمين.

 

*محمّد شلال

المصدر: مجلة المجتمع/ العدد 1442 لسنة 2001م

ارسال التعليق

Top