يتردد الكثيرون من المدخنين قبل اتخاذ القرار بالتوقف عن التدخين، لأنهم يخشون زيادة الوزن. هل يمكن الإقلاع عن هذه العادة التي تلحق أضراراً خطيرة جدّاً بالصحة، من دون أن يتضرر محيط الخصر؟
من المعروف أنّ الكثيرين من الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين، من دون إدخال أي تعديلات على نظام غذائهم وعاداتهم اليومية، يشهدون زيادة في أوزانهم يبلغ معدلها 5 كيلوغرامات. ولكن لماذا يزداد وزن من يقلع عن التدخين؟ يجيب الخبراء، فيقولون: إنّ السجائر تحتوي على النيكوتين الذي يسبب إدمان التدخين، ويؤثر أيضاً في أيض الجسم فيزيد من نشاطه. ويقدر الخبراء ما يحرقه الجسم بفعل تدخين علبة من السجائر (20 سيجارة) بنحو 150 وحدة حرارية.
وهذا يعني أننا عندما نتوقف عن التدخين يتراجع عدد الوحدات الحرارية التي كانت تحرقها أجسامنا. من جهة ثانية، يلعب النیكوتين دور قاطع الشهية، ويخفف من إفراز اللبتين أو هرمون الجوع، وعندما نقلع عن التدخين تزداد شهيتنا إلى الأكل، فنتناول كميات أكبر من الطعام. فضلاً عن ذلك، وخلال الفترة الأولى للانقطاع عن التدخين، يزداد ميلنا إلى تناول الأطعمة التي تساعدنا على الإحساس بالحبور (حلويات ومعجنات) في محاولة للتعويض عن الإحساس بالإحباط الناتج عن التوقف عن التدخين.
لكن هذه الزيادة ليس حتمية، ولا يجب أن تثني الناس عن الإقلاع عن هذه العادة الضارة بالصحة، إذ يكفي أن يتخذ المدخن بعض الإجراءات البسيطة، على مستوى نظامه الغذائي ونشاطه البدني كي يتخلص من السجائر من دون أي زيادة في وزنه.
ويقدم المتخصص الفرنسي في التغذية ومكافحة السمنة الدكتور جان ميشال كوهين 10 نصائح لكل الراغبين في التحرر من قيد التدخين مع الحفاظ على الرشاقة:
1- ممارسة الرياضة المعروفة بفوائدها الكثيرة للصحة البدنية والنفسية. فهي تساعد على التحكم في كمية الطعام التي نأكلها وفي إنجاح جهود الامتناع عن التدخين. إضافة إلى ذلك فإنها تنشط الأيض وتنظم مستوياته التي تضطرب بعد التوقف عن التدخين، وتخفف من الرغبات الملحة في قضم الطعام بحثاً عن تبديد التوتر. وتساعد ممارسة الرياضة على إفراز الدوبامين، وهو هرمون يساعد على الشعور بالرضا والارتياح ويسهل على المدخن تحمل الانقطاع عن التدخين. ويمكن للأشخاص غير المعتادين على ممارسة الرياضة أن يبدؤوا بممارسة المشي السريع. ومن المهم اختيار نوع من الرياضات التي نستمتع بها، لأن ذلك يضمن مواظبتنا عليها. ويمكن أن نفعل ذلك وحدنا أو ضمن مجموعة. وتجدر الإشارة إلى أنّ المشي السريع لمدة نصف ساعة في اليوم يساعدنا على حرق نحو 150 وحدة حرارية، أي الكمية نفسها التي كان تدخين علبة من السجائر يسهم في حرقها.
2- اعتماد نظام غذائي صحي تتميز وجباته بالتوازن. يجب أن تحتوي كل وجبة على طبق من السلطة أو الحساء، قطعة من اللحم خفيف الدهون أو قطعة من السمك أو الدجاج مطبوخة من دون مواد دهنية، وبوقوليات وفاكهة. ومن الضروري احترام هذا النظام فترة كافية من الزمن كي يستقر الوزن والشهية على معدلاتهما الطبيعية والصحية. فالجسم يحتاج إلى الوقت ليتخلص من إدمانه النیكوتين، ويتخلى نهائياً عن المطالبة بالسجائر، أو بالسكاكر للتعويض عنها.
3- تفادي المبالغة في تقنين الشديد في كمية الطعام في فترة التوقف عن التدخين. فتراكم الإحباطات، الناتجة عن التوقف عن التدخين وعن تناول الأطعمة التي نريدها، يمكن أن يؤدي إلى إفشال قرار التوقف عن التدخين، أو يؤدي إلى توق شديد إلى قضم الطعام يصعب التحكم فيه. ومن الأفضل العمل على تحسين نوعية الأطعمة التي نأكلها، مع الحرص على تناول أنواع ذات حجم كبير وكافٍ لإحساسنا بالشبع. فهذه الطريقة أكثر فاعليةً، ولا تجعلنا نشعر بالحرمان والإحباط. والوجبات المتوازنة ضرورية لتأمين حاجات الجسم من العناصر المغذية الأساسية والفيتامينات والأملاح المعدنية.
4- تخصيص وقت واهتمام كافيين للوجبات. من المفيد تخصيص ثلث ساعة على الأقل لكل وجبة، وتناولها في مكان هادئ. والحرص على أن تكون عملية تناول الوجبة ممتعة فعلاً.
5- مكافحة الإمساك بالألياف الغذائية والماء: من المعروف أنّ الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين يعانون الإمساك، من هنا ضرورة التركيز على تناول نوعي الألياف الغذائية القابلة للذوبان في الماء (متوافرة في الخضار والفواكه) وغير القابلة للذوبان في الماء (متوافرة في الحبوب الكاملة والبقوليات). فهي، إضافة إلى قدرتها على تعزيز الإحساس بالشبع (تخفف من سرعة إفراغ المعدة من محتوياتها) تساعد أيضاً على تفادي الإمساك والإزعاج الذي يرافقه. وتلعب السوائل، وخاصة الماء، دوراً أساسياً في مكافحة الإمساك، لذلك من الضروري احتساء ليتر ونصف الليتر من الماء يومياً، ويفضل اختيار أنواع المياه المعدنية الغنية بالمغنيزيوم. ومن المفيد أيضاً الاستعاضة عن ثمرة فاكهة من الحصص اليومية، بثلاث حبات من الخوخ المجفف (30 غراماً)، فهي تساعد على مكافحة الإمساك. ويعتبر احترام مواعيد التوجه إلى الحمام يومياً أمراً مهماً جدّاً لانتظام عملية التخلص من الفضلات.
6- تحضير وصفات صحية ولذيذة في المنزل. من المعروف أن من يتوقف عن التدخين يستعيد تدريجياً قدرته الكاملة على تذوق نكهات الأطعمة كافة، ويستعيد معها استمتاعه في الأكل. من هنا أهمية تحضير وجبات لذيذة ترضي الذوق وتحد في الوقت نفسه من الرغبة في قضم الطعام خارج مواعيد الأكل.
7- تفضيل الوجبات الخفيفة الفعلية على قضم أطعمة مختلفة ومتعددة في فترة بعد الظهر. لذلك من المفيد إعداد وجبة خفيفة صحية ومتوازنة تحول دون اللجوء إلى آلة توزيع الأطعمة الجاهزة عند الإحساس بالجوع عصراً. والأمثل أن تكون هذه الوجبة الخفيفة التي يمكن حملها إلى المكتب مؤلفة من ثمار الطماطم الصغيرة، وقطع من الخضار النيئة مثل الجزر، الخيار، الكرفس، أو فاكهة مع علبة من اللبن الخالي من الدسم. أما إذا كانت الفاكهة أو الخضار مع اللبن لا تسد جوعنا، فيمكن أن نتناول شريحتين من خبز الحبوب الكاملة مع قطعتين من الجبن الطري خفيف الدسم. ومن المهم تناول هذه الوجبة الخفيفة، مثل بقية الوجبات الرئيسة بهدوء وببطء. ولا يجب أن ننسى احتساء الشاي، نقيع الأعشاب أو القهوة (دائماً من دون سكر) لأنها تساعدنا على الانتظار حتى موعد الوجبة التالية.
8- عدم فرض حظر على الأطعمة المفضلة. فأفضل طريقة لتفادي الإفراط في تناول هذه الأطعمة، الذي غالباً ما ينتج عن الحرمان الطويل، هي الاستمتاع بهذه الأطعمة باعتدال. فمربعان من الشوكولاتة السوداء مثلاً، من وقت إلى آخر هو أمر ممكن. لكنا علينا أن نتناولها ببطء ونجعلها تذوب في أفواهنا لإطالة فترة استمتاعنا بها، ولا نجهز على اللوح بأكمله.
9- مكافحة الأرق الذي يعانيه من ينقطع عن التدخين ضرورية. وذلك كي يستفيد الفرد من تأثيرات النوم الإيجابية، على المستويين الجسدي والنفسي. وهنا تلعب المزاولة على ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية عامة دوراً مهماً في تسهيل النوم ليلاً، شرط تفادي ممارستها في وقت متأخر من فترة بعد الظهر. كذلك يمكن الاستعانة بتناول النشويات الكامة في وجبة العشاء، فهي غنية بالتريبتوفان الذي يسهل الخلود إلى النوم.
10- تبديد التوتر. حيث يدفع الكثيرين من المدخنين السابقين إما إلى العودة إلى التدخين، وإما إلى اللجوء إلى قضم الطعام وخاصة السكريات. وأفضل طريقة لمكافحة التوتر هي ممارسة تمارين الاسترخاء، اليوغا، التنفس العميق، الاستماع إلى الموسيقى الهادئة. ويمكن أيضاً اللجوء إلى احتساء الأنواع المهدئة من نقيع الأعشاب من دون إضافة سكر، واحتسائه ببطء وفي مكان هادئ. ويساعد كل ذلك على التخفيف تدريجياً من ردود الفعل السريعة غير المناسبة في وجه التوترات والضغوط النفسية.
- نظام غذائي مفيد لمن يرغب في التوقف عن التدخين:
من أجل مساعدة الناس على التوقف عن التدخين من دون زيادة في الوزن، وضعت مجموعة من المتخصصين الفرنسيين في التغذية برنامجاً غذائياً يتمتع باعتداله وبتوازن وجباته. نستعرض في ما يلي أبرز قواعده ونموذجاً عن وجباته:
1- منح الأولوية للفواكه والخضار:
تتميز هذه المنتجات الطبيعية الصحية بغناها بفيتامين C الذي يكافح العدوى ويقوي المناعة. ومن المعروف أنّ المدخنين غالباً ما يعانون نقصاً في هذا الفيتامين. وينصح الخبراء بتناول ثمرة فاكهة وحبة خضار على الأقل في كل وجبة، وبتفادي عصير الفواكه والفواكه المطبوخة والمهروسة، لأنّها أقل قدرة على الإشباع وتتطلب قدراً أقل من المضغ. والكمية المثلى التي يجب تناولها هي 150 غراماً من الخضار في طبق السلطة أو المقبلات، وما بين 200 و250 غراماً في الطبق الرئيسي. كذلك من الضروري تناول البقوليات والنشويات الكاملة بسبب غناها بالمغنيزيوم، وهو أبرز المعادن المضادة للاكتئاب. ومن المهم أيضاً تناول الأطعمة الغنية بمجموعة فيتامينات B التي تعزز التوازن العصبي.
2- ضبط كمية الخبز:
يجب الاكتفاء بتناول 60 غراماً من الخبز صباحاً، و150 غراماً من النشويات (وزنها مطبوخة) في وجبة الظهر، أو الاستعاضة عنها بـ60 غراماً من الخبز، و30 غراماً من الخبز في وجبة العشاء.
3- الاستعانة بالبروتينات لبلوغ الشبع:
كمية البروتينات التي ينصح بها هنا هي 150 غراماً من اللحم أو ما بين 170 و180 غراماً من الأسماك خفيفة الدهون في الوجبة الواحدة، إضافة إلى تناول أحد مشتقات الحليب خفيفة الدسم. أما الأسماك الدهنية، مثل السالمون، السردين، فيجب أن تؤكل بمعدل مرتين في الأسبوع فقط. والبروتينات ضرورية جدّاً لبناء أنسجة الجسم وخاصة العضلات، ولضمان قيام أجهزة الجسم – وخاصة الجهاز المناعي – بوظائفه على أكمل وجه، إضافة إلى ضمان التوازن الهرموني في الجسم. والبروتينات تساعد الجسم على التخلص من الوزن الزائد بشكل متناغم، ومن دون خسارة الكثير من النسيج العضلي.
4- اختيار الدهون الصحية:
تلعب هذه الدهون دوراً رئيسياً في التوازن العصبي. والمقصود هنا الزيوت الغنية بأحماض أوميغا-3 الدهنية، مثل زيت الكولزا، زيت الجوز وزيت جنين القمح (بمعدل ملعقة صغيرة في الوجبة الواحدة)، والمكسرات الغنية بالأحماض الدهنية الأساسية ممتازة أيضاً. أمّا الزبدة فيجب الاكتفاء بتناول 10 غرامات منها في الصباح. وفي المقابل يجب التخفيف من تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، والامتناع عن تناول دهون ترانس الموجودة في بعض المنتجات الغذائية الجاهزة.
5- التركيز على الأعشاب العطرية والبهارات:
من المعروف أنّ التدخين يؤثر سلباً في حليمات الذوق، ويحرم المدخن من تذوق العديد من النكهات. ومن المعروف أيضاً أنّ الوجبة الفقيرة بالنكهات لا ترضينا ولا تشبعنا. من هنا أهمية الإكثار من استخدام الأعشاب العطرية مثل الكزبرة والنعناع والبقدونس، والبهارات، فهي تمنح الطبق نكهة لذيذة من دون الاضطرار إلى إضافة الكثير من الدهون أو السكر أو الملح. وربما كان الفلفل الأحمر الحار أبرز أنواع البهارات التي تساعد على تخفيف الوزن، وذلك بفضل مادة الكابسايسين الموجودة به والتي تبين أنها تساعد على تنشيط الأيض.
6- التخفيف من تناول الملح:
من الضروري التخفيف من إضافة الملح إلى الأطباق. فالملح يؤدي إلى احتباس الماء في الجسم، ما يؤدي إلى انتفاخات مختلفة في الساقين والبطن، ما يؤثر سلباً في معنويات متبع الحمية الغذائية، إضافة إلى تأثيره الضار بالصحة. كذلك تبين أن تخفيف الملح يضعف الرغبات الملحة في تناول الأطعمة الغنية بالملح، مثل رقائق البطاطا، واللحوم المقددة، والبسكويت المالح، وجميعها أطعمة غير ملائمة لتخفيف الوزن. ويمكن التعويض عن غياب الملح باللجوء إلى الأعشاب العطرية، البهارات، الثوم والبصل والزنجبيل والخردل وغيرها من التوابل الصحية.
- نموذج عن وجبات 3 أيام من النظام الغذائي:
* اليوم الأوّل
- الإفطار: قهوة أو شاي أو نقيع أعشاب من دون سكر، 60 غراماً من خبز القمح الكامل أو الحبوب الكاملة، 10 غرامات من الزبدة، 100 غرام من الجبن الأبيض المائع الخالي من الدسم، إجاصة.
- الغداء: فجل مبشور مع الخل والخردل وملعقة صغيرة من زيت الجوز، 150 غراماً من لحم البقر المشوي الخالي من الدهون، بروكولي محر على البخار، 150 غراماً من الفاصولياء البيضاء المسلوقة مع ثوم، علبة صغيرة من اللبن الخالي من الدسم، ثمرة فاكهة.
- العشاء: جزء مبشور مع خل وخردل وملعقة صغيرة من زيت دوار الشمس، عجة محضرة من بيضتين وفطر وفلفل أحمر مقطع، 30 غراماً من الجبن، 20 غراماً من خبز القمح الكامل، 250 غراماً من الفراولة.
* اليوم الثاني:
- الإفطار: قهوة أو شاي أو نقيع أعشاب من دون سكر، 60 غراماً من خبز القمح الكامل، 10 غرامات من الزبد، 150 ملليغراماً من الحليب الخالي من الدسم، ثمرتا ماندرين.
- الغداء: نصف ثمرة أفوكادو مع عصير الحامض، 125 غراماً من السمك المشوي مع طماطم وثوم ولوبياء خضراء محضرة على البخار، 100 غرام من الذرة مضاف إليها ملعقة صغيرة من زيت الكولزا والخردل والخل، 20 غراماً من خبز الحبوب الكاملة، علبة صغيرة من اللبن الخالي من الدسم، تفاحة مقطعة مع القليل من القرفة، 20 غراماً من الجبن.
- العشاء: 120 غراماً من الشمندر المسلوق المقطع مع ملعقة صغيرة من زيت الزيتون والحامض، 125 غراماً من لحم العجل المشوي مع البصل والفطر والثوم، 30 غراماً من خبز القمح الكامل، 20 غراماً من الجبن، نصف ثمرة مانغو.
* اليوم الثالث:
- الإفطار: قهوة أو شاي أو نقيع أعشاب من دون سكر، 60 غراماً من خبز القمح الكامل، 10 غرامات من الزبد، 100 غرام من الجبن الأبيض المائع الخالي من الدسم، ثمرتا كيوي.
- الغداء: سلطة خرشوف مسلوق مع ملعقة صغيرة من زيت دوار الشمس وعصير الحامض والثوم، 150 غراماً من الدجاج المشوي مع خضار متنوعة محضرة على البخار ومضاف إليها ملعقة صغيرة من زيت السمسم وملعقة طعام من صلصة الصويا، 30 غراماً من جبن الماعز، 20 غراماً من خبز الحبوب الكاملة، إجاصة.
- العشاء: سلطة الملفوف الأبيض مع ملعقة صغيرة من زيت الكولزا والخل والخردل، شريحة من سمك السالمون المحضر في الفرن من دون مواد دهنية مع عصير الحامض، جزر وبازلاء مطبوخة على البخار، 20 غراماً من خبز القمح الكامل، 20 غراماً من الجبن، 180 غراماً من الأناناس الطازج.
ارسال التعليق