من فضل الله عزّ وجلّ أن جعل أفضل عبادة في أفضل شهر. فللصوم فوائد عظيمة جمة ففيه التقوى، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة/ 183). والمغفرة من الله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (الأحزاب/ 35). وقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «من صام رمضان إيماناً وإحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه». والصوم وقاية لصاحبه من الوقوع في الشر، لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنّه له وجاء». وهو يهذب اللسان ويدربه على كبت الغيظ والتحلي بالحلم: لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «.. الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم». وفيه السعادة في الدنيا والآخرة، لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرح بهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه». حيث تكفل الله بثواب الصائمين، يروي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ربه عزّ وجلّ القول: «كلّ عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنّه لي، وأنا أجزي به». للصائمين باب مستقل في الجنة، لقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «إن في الجنة باباً يُقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، فإذا دخلوا أغلق الباب فلم يدخل منه أحد». الصوم يباعد بين الصائمين وبين النار، لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً». حيث تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار، وتصفيد الشياطين: لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصُفّدت الشياطين». الصوم هو صد لمداخل الشيطان، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيِّقوا مجاريه بالجوع». فيه ستجابة الله لدعاء الصائمين، قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «ثلاثٌ حق على الله ألا يرد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والمظلوم حتى ينتصر، والمسافر حتى يرجع». الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصوم: أي رب، منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال فيُشفعان». هو مجال لتدريب صاحبه على قيادة شهواته وعنصره المادي الطيني، وتقوية الجانب الروحي السماوي، قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «حُفت الجنة بالمكارة، وحُفت النار بالشهوات». يكسب صاحبه الإخلاص والإيمان القوي وحُسن المراقبة، لأنّه إذا أدى العبد أي شعيرة من شعائر الإسلام يراه الناس، إلا الصوم فهو سر بين العبد وربه. هو مدرسة لتقوية الإرادة، وتنظيم الوقت، ومخالفة الشيطان، ومجاهدة رغبات الجسد والنفس. يهذب الجوارح، ويربيها شهراً كاملاً فتعتاد على العمل الصالح، وتمتنع عن كلّ ما حرم الله. الصوم يثير العطف على الفقراء والمحتاجين، حين يشعر الصائم بالجوع فيتذكر أنهم جائعون، فيسارع إلى تقديم المساعدات لهم. الصوم يُشعر صاحبه بالتساوي والجماعة، إذ يصوم المسلمون جميعاً في شهر واحد. يعلم العبد ضبط الأوقات، والدقة في المواعيد. يزيد التماسك والتحاب بين المجتمع، إذ يجتمع أفراد الأسرة فيفطرون معاً ويتسحرون معاً، ويزداد المجتمع تواصلاً، فيزور بعضهم بعضاً، ويدعو بعضهم بعضاً على الإفطار، وتنتعش المشروعات الخيرية بما يقدم إليها أهل الخير من مساعدات. الصوم يربط العبد بالكون ومعالم قدرة الله حين ينظر إلى الهلال في أوّل الشهر وآخره. والخلاصة أن رمضان كتاب مفتوح، لا ينضب من المعاني والفضائل.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق