ويليام أوري/ ترجمة: داوود صالح رحمة
كلمة "لا" يمكن أحياناً أن تكون أداة فظة تحرك مشاعر الخزي والرفض في الآخر، كما يمكنها أيضاً أن تكون كلمة قتال تثير مقاومة فورية وتحثّ الآخر على المقاومة.
تسلم "لا" نفسها للإيذاء والإفراط في الاستعمال ولاسيما لدى الأطفال، وبذلك تبدأ في فقد قوّتها ومصداقيتها، ويعمد الأطفال إلى تجاهلها أو يفكرون بها على أنها تعني "ربما" فعلاً.
باختصار، لأن "لا" كلمة قويّة، فإنّ استعمالها يجب أن يكون بحذر وقصد واقتصاد. ومن الأفضل أحياناً استعمال كلمات أخرى لإيصال الرسالة نفسها. وفي المناسبات، من الممكن أن تقول "لا" بفعّالية من دون أن تقول الكلمة فعلاً.
فكِّر في الأمثلة التالية:
- في وسط إستشارة طبية تصر ابنة الخمس سنوات على والدها أنها تريد أن تغادر. "عزيزتي، سنبقى" أجاب والدها بهدوء.
- في محاولة لتخفيض الثمن، يصرّ الزبون على عدم ضمّ المنتج الذي تقدِّمه شركة التنظيف بفصل منتجات التنظيف عن خدمات التنظيف والإدارة "منتجنا يأتي كحزمة" يجيب ممثل الشركة.
- في مواجهة نوبة من إهانات الغضب عبر الهاتف من مستثمر رئيس، يقول المسؤول التنفيذي للفندق بهدوء: "بيتر، سنتصل بك غداً" ويضع السماعة، بدلاً من قول "لا" لسلوكه.
في كل حالة، فإنّ معنى وقوّة "لا" تأتي بوضوح؛ ولكن من دون استعمال الكلمة، لأن "لا" تبقى متضمنة وغير محكية.
أحد الخيارات هو التركيز على "نعم" الأوّلية وترك "لا" مفهومة ضمناً. بعد قيادة السيارة لوقت طويل مع صديق لا يكف عن الكلام والثرثرة التي أثَّرت على أعصابك، تقول: "بعد اليوم الذي عايشته اليوم، فإنني أشعر أنني بحاجة إلى بعض الهدوء والسلام. ما قولك في الاستماع بهدوء إلى بعض الموسيقى أثناء سيرنا؟" بكلمات أخرى أطلق تعبيرك وأتبعه باقتراح.
الخيار الآخر هو إعادة تشكيل كلمة "لا" على أنها "نعم". فبدلاً من إخبار طفلك "ليس هناك من لعب حتى تنهي فروضك المنزلية". وبدلاً من أن تخبر زميلك في العمل: "لا أستطيع أن أساعدك حتى أنهي واجبي"، يمكنك القول: "سأكون سعيداً لمساعدتك بعد أن أنهي عملي". وبدلاً من قولك لصديقك: "لن أذهب معك لحضور المباراة"، يمكنك القول: "سألحق بك بعد المباراة". ضع تركيز على الشيء الإيجابي وأن تخلق الحدّ الذي تحتاجه.
هناك ثقافات وبشكل رئيس في شرق آسيا تذهب بعيداً في تصميم طرق لقول "لا" دون أن تستعمل تلك الكلمة فعلا كي تتجنب الخزي وتساعد على حفظ ماء وجه الآخر. ومع ذلك، فإنّ عدم استعمال الكلمة لا يعني أنهم لا يقولون "لا"، فهم يجدون وسائل غير مباشرة مثل استخدام طرف ثالث أو إشارات مهذبة، الأمر الذي قد يؤدي إلى التشويش والارتباك لدى أولئك الذين لا يعرفون علامات ثقافة مختلفة.
- درع حماية:
لو كان عليَّ أن ألخص فن "لا" الإيجابية ببلاغة، لوصفتها بالدرع، درع حماية.. درع يحميك ويحمي "نعم" خاصتك دون إيذاء الآخر. "لا" سلبية بعكس ذلك: هي سيف، سيف رفض.. يهاجم ولا يعير اهتماماً للعلاقات.
على الرغم من مغريات الرفض والمهاجمة عندما تقول "لا"، تذكَّر أنّ هدفك الحقيقي هو أن تحمي وتدافع، وليس أن تؤذي الآخرين، بل تنقذ نفسك من الأذى.. أن تحمي دون أن ترفض، هذا هو جوهر "لا" الإيجابية.
"لا" الإيجابية لا تتوقف بـ "لا".. هناك عنصر ثالث أساسي: إقتراح إيجابي.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق