قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينتهز فرصة انعقاد مؤتمر القمة السنوي لمنظمة التعاون لمنطقة آسيا-المحيط الهادي (باسيفيك) بفلاديفوستوك هذا الأسبوع للتوجه بقوة إلى الشرق الأقصى، على أمل تعزيز الروابط مع دول المنطقة والاستمرار في التنمية الطموح داخل روسيا.
وأضافت الصحيفة أن بوتين بدأ بهذه المدينة التي كانت في السابق حصنا سريا للأسطول الروسي قبل أن تتحول إلى محور للنقل البحري.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الوقت هو الأفضل لتحرك بوتين، فالاقتصادات الكبيرة في الاتحاد الأوروبي -أكبر شريك تجاري لروسيا- تعاني الاضطراب، كما أن حاجة اليابان لشراء كميات كبيرة من الطاقة من الخارج في قمتها. وروسيا الغنية بالغاز والنفط تقع بمنطقة ممتازة لاقتناص الفرص في آسيا التي تمثل حماية لها ضد تقلص أعمالها التجارية مع الغرب.
أبعاد سياسية
ولتوجه بوتين شرقا أبعاد سياسية أيضا في الوقت الذي يعتزم فيه تعزيز علاقاته في المنطقة خاصة مع بكين. وعلى سبيل المثال استخدمت روسيا والصين تحالفهما بـمجلس الأمن الدولي لنقض مساعي التدخل الأقوى في سوريا من قبل القوى الأخرى بالمجلس بما فيها الولايات المتحدة.
وقال بوتين في مقابلة مع القناة التلفزيونية الحكومية روسيا اليوم "العلاقات الروسية الصينية حاليا أعمق من أي وقت مضى، ولدينا الكثير من الثقة المتبادلة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي".
20 مليار دولار
يشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يعقد فيها مؤتمر القمة السنوية لمنطقة آسيا-الباسيفيك بروسيا، وأن موسكو أنفقت 20 مليار دولار لتحديث البنية التحتية للمدينة مع تحسينات تشمل بناء مطار جديد، وإعادة بناء طرق يبلغ طولها مئات الأميال وثلاثة جسور تبلغ تكلفة أحدها أكثر من مليار دولار.
وتشمل محادثات بوتين مع رئيس وزراء اليابان يوشيهيكو نودا على هامش القمة صفقة كبيرة لبيع اليابان غازا طبيعيا مسالا وإنشاء محطة شحن بحرية بفلاديفوستوك تبلغ تكلفتها 13 مليار دولار.
كانت روسيا تصدر الغاز المسال لليابان من ميناء بجزيرة سخالين تديره شركتا شل وغازبروم وشركتا استثمار يابانيتان -ميتسوي وميتسوبيشي. ورغم أن المباحثات حول التوصل إلى صفقة كبيرة أخرى في مجال الغاز استمرت لفترة طويلة فإن شبه الإغلاق الذي تعرضت له صناعة الطاقة النووية اليابانية قد دفع باليابان إلى تسريع وزيادة وارداتها من الطاقة.
وستتم هذه المباحثات في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات المختصة بالاتحاد الأوروبي أنها ستتابع تحقيقا حول اتهامات بالاحتكار ضد شركة غازبروم الروسية التي تزود أوروبا بربع احتياجاتها من الغاز الطبيعي لاتهامها بتثبيت الأسعار.
مناورة إستراتيجية
وناور الكرملين إستراتيجيا حتى يتمكن من إعادة توجيه مبيعات غازه إلى آسيا تحوطا لاحتمال تعرضها لصعوبات في أوروبا.
يذكر أن روسيا لا تستنكف عن استخدام دورها المهيمن في قطاع الطاقة لتحقيق أهداف سياسية، مثلما فعلت عندما قلصت إمدادات الغاز إلى أوروبا لمعاقبة أوكرانيا عامي 2006 و2009 الأمر الذي أدى أيضا إلى قطع إمدادات الغاز عن العديد من دول جنوب شرق أوروبا.
وأوشكت روسيا على إكمال المرحلة الثانية من خط أنابيب نقل النفط عبر سيبيريا الذي وصل من قبل إلى الحدود الصينية وسيمتد إلى ميناء كوزمينو بالقرب من اليابان، وهو مشروع يساعد في زيادة شحنات النفط وتسريع نقلها إلى المستهلكين بشرق آسيا.
وقال بوتين "إن ثلثي أراضي روسيا تقع في آسيا، ورغم ذلك فإن غالبية تجارتنا الخارجية -أكثر من 50%- تأتي من أوروبا، بينما تبلغ مع آسيا 24% فقط".
الأمن الغذائي
ولا تمثل الطاقة -أكبر القطاعات الروسية- الفرصة الوحيدة مع آسيا، فقد وضعت موسكو باعتبارها مضيفة للقمة ما أسمته بالأمن الغذائي على رأس أجندة القمة، وهو اعتراف باتساع ونمو دور روسيا في تزويد العالم النامي بصادرات الحبوب، وبالمخاوف الشائعة حول توقعات ارتفاع أسعار الغذاء والاضطرابات الاجتماعية في العالم.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق