عاد محمولاً على كف أحلامه علماً انه عاش اللحظه مرات ومرات في ظروف اخرى وعاشها قبل سنوات قليلة ليلة الكسوف برفقة صديقه مشهور ودعاء ابو عماد العورتاني الذي رافق تلك الليلة حتى عبور النهر كان الدعاء يطوف في روحه كما الحجيج آمن ان ثمة قوة للروح تبدد خوف الطريق ، لم يودع زوجته وأبنائه بل حم...لهم على قلبه وقال في سره ليكن أحدهم شاهد على أجمل لحظات المواجهة ، كان من المفروض أن يلبس زي الجندية العربية لان أحد الضباط الوطنيين سوف يعينه على تجاوز كمائن الحدود . قال لصديقه مشهور سيذكرنا الكسوف ولن يعتقد الاحتلال ان احد سيعبر الحدود في هذه الليلة . سيعلم الجميع أننا ظاهرة من ظواهر الطبيعة . لاتبدل عينيك يا صديقي بالنظاره الزرقاء وكن واثقا من نفسك ولاتنسى ان الشجاعة هي المقدرة على التصميم في اللحظات الصعبة من الحياة . أما الموت فهو فكرة جبانة تدخل الى الانسان من أماكن الضعف فلا تجعلها تمر في خاطرك هذه الليلة الجميلة قف مارداً في وجه الموت وسنعود سالمين بإذن الله أقرأ على نفسك ماتيسر من القرأن لا تقل لاحد إني أحب الله لقد واعدته سراعلى ذلك ولي شعائر خاصة في العبادة سوف تتعرف عليها أثناء الطريق إن الله يحبنا اذا احببنا بلادنا . لقد عاد الى تلك اللحظة الجميلة وقال لرفاقة في السيارة التي أخذتهم من إستراحة الجسر الى مدينة بيت لحم حيث إنعقاد المؤتمر العام السادس لحركة فتح سوف تلبس عيوننا كل ماهو جميل في الدنيا ليس في بلادنا قبح غير الاحتلال وليس فيها جمال أجمل من الانسان لقد عذبوها فينا وعذبوا انسانها في ارواحنا ضربوه بكل وسائل الضرب المعرفوة و أطعموه الفروج على صلف البنادق الامريكية وصلبوه على العروسة ودوروه في الدواليب واطارات السيارات وتجردوا من حيائهم أمامه ورشو على وجهة المياة السائبة من مذاكير الجنود مزقو ملابسه وعبثوا في لحمه المستور واجلسوه مأكم وجرحوا كرامته ومقدسات روحه الجميلة ورغم ذلك ها هو جميل كما تشاهدون رافع الراس لاينحني ولايسير بالمقلوب مؤخرته أعلى من جبينه الان سوف تهجع نفوسنا من عذاب المنفى وسوف نتجاوز عن الكثير ونحتفظ بالكثير من صورنا الجميلة الان سنعيش على ارضنا ونتجول في مدائن فلسطين ونفرش للناس أرواحنا في الشوارع والطرقات ونقبل وجوه الذين ينتظروننا في ساحة المهد ثم أغمض عينه قليلا ومسح دمعه حاره شقت وجهه وجرحت كبرياء رجولته الحيه ، وضع كفيه على وجهه وقال لنفسه ماذا دهاك ايها الساهي الم تقل للحاكم العسكري الذي امر بإبعادك انك ستعود بالثورة الشعبية المسلحة لماذا عدت الان بهذه الطريقة ولماذ لم تواصل عوداتك مع مشهور والاخرين من أبطال العاصفة الم تضمد جرحه بالتراب وأكمام قميصك العسكري الم تقل ان دمه كان يجري امامك كما الضوء ما الذي أقنعك بخرافة التسوية أين انت ايها الساهي واين وعيك مما يجري في بلادك . حاول أبو سالم تبديد الصمت الذي خيم على اللحظة وقال ما دهانا صامتين هل سنمر من القدس وهل سنرى آثار الاساطير التي كان يحدثنا عنها صديقنا الساهي ؟ رد أبو صهيب نعم سوف نرى القدس بإذن الله وسوف نرى عوج بانوق العملاق الفلسطيني الذي كان يقطع البحار سيرا على قدميه وسوف نلامس معبد مليكي صادق وجثمانية السيد المسيح عليه السلام وسوف نشاهد سويا بدر الكاهنات ونتجول في مدينة القدس بلا قيود لكن الساهي بقي غارقا في صمته وبقي يحدق في العاصفة التي احرجته بالسؤال عن نفسها إلا أن مكاريوس التلميذ النجيب للساهي تململ كعادته واطلق صوته الجهور قائلا لاعليكم ياشباب ها نحن في فلسطين الاسطورة والحقيقة معا وسوف نزور سويا معبد (عقاش) الوحش الاسطوري الذي استخرجته عشتاروت من احشائها لحراسة جذور البقوليات ونبات الحنطه من القوارض لقد أحببت هذا الوحش كثيرا اما العاصفة التي اشغلت بالكم في هذه اللحظات الجميلة فلن تكون لغيرنا وسوف نطرح آرائنا على المؤتمر ونقدمها مكتوبة وسوف تكون كلمتنا واحدة بإذن الله . رفع الساهي رأسه من بين يديه وحدق في وجوه الجميع وقال : نعم سوف تكون كلمتنا واحده وهذا هو المهم في بناء الموقف داخل المؤتمر العام . لقد طرحت السؤال المهم يامكاريوس كيف سنحافظ على وحدة الكلمة لقد اخبرني الاخوين ابو جواد والمغربي أن ثمة قبول واسع لارائنا بين أعضاء المؤتمر وان الاخوة الذين سبقونا يتحركون بصورة مناسبة على الرغم من وجود بعض التافهين الذين تم زجهم على عضويتنا من خارج ارادتنا جميعا ومن خارج علمنا بهم ايضا . لقد حدد مكاريوس المهمة وهي كيف سنحاصر المتسللين والعضوية العشوائية في المؤتمر الحركي العام هذا هو الخطر الذي يتهدد وحدة كلمتنا في هذا المؤتمر وقد تكون هناك اخطار اخرى ولكن هذا هو الخطر المهم . لقد بددت المهمة التي آخذت تتضح أمام الجميع سحر اللحظه العاطفية بالعودة الى الوطن ومسح الجميع دموعه التي اغرقت عينة فرحا بهذه العوده وتقبيل التراب الفلسطيني وأخذت السيارة تبتلع الطريق بنهم جنوني ادرك الساهي ان الزمن اقوى من الفكره رغم جمال العبقرية في اللحظات الساحرة من الحياة وان إشغالنا في أنفسنا سيكون هو المدخل لضياع العاصفة وان الوطن مقطع كما هي صواني البقلاوة في حوانيت بيع الحلوى وان مساحة المناوره العسكرية في حرب الفدائين اصغر من خرم الابره الاحتلال قبض على عنق الارض واسقط مقولة الأرض تقاتل مع اهلها ثم قبض على الناس من أمعائهم والأمعاء ليس لها اذان تسمع بها. لن يقرا غيرك ما احضرتم من وثائق ولن يجتمع الناس على الفكره كما تعتقد ايها الساهي ستجد خرابا كثيرا بعد غيابك وربما لا تجد فلسطين التي شربت ارواح رفاقك وشربت دم مشهور بين يديك وربما لا تجد الناس الذين تتشوق لرؤيتهم وسوف يقول لك احد ما الناس مع البغل طالما ان البغل واقف لقد سرح طويلا واقنع نفسه بمقولة (ماوتسي تونج) الكفاح المسلح كالتجارة اذا ربحنا مارسناه واذا خسرنا اوقفناه لحين استبعاد ظروف الخسارة ورن في راسة بيت شعر قديم قاله الجنابي زعيم ثورة القرامطه للمأمون قبل قتله ما الناس الا مع الدنيا وصاحبها اذا ما انقلبت يوما به انقلبو اين انت من صاحب الدنيا ايها الساهي وماذا تملك غير روحك العارية التي كانت تصلح لصمودك في الزنازين ولم تعد تفيدك في هذه الظروف لقد رافقتك هذه الروح العارية 14سنه في سجون الاحتلال و26 سنة في المنفى سجنت خلالها 16 مره في زنازين الاعتقال ونفيت الى الصحراء وتقلبت معها على جمر الجوع والغربه في بلاد احبببنها مثل فلسطين وحملت على اكتافك دم مشهور وحكيم طميزي وجمال ومصباح ومحمد مبارك وانطون الشولي وعذاب اخته عايده وعلاء الدين البازيان وعلى المسلماني وعصام جندل وخالد المحيسن ورائد عرفه واسمر الشراونه والمئات الاخرين من شهداء وابطال العاصفة الذين يطلون عليك الان من كل نبت او عرق زيتون لماذا لا تكن رائعا كما هم وتجمع رفاقك على كلمة سواء وتخرجوا على الفاسدين بعدالة سيوفكم المعروفة وتقاتلوهم بارواح من تحملتم بهم من الشهداء والاسرى لماذا لا تكونوا شهداء العاصفة التي شربت دماء الاكرمين اين انت ايها الساهي مما قلت وكتبت وعملت الم تهدي كل ذلك للعاصفة التي تعرف كل تفاصيلك لقد طالت تمتمات الساهي طويلا وطال صمت الحضور في السيارة حتى وجد الجميع نفسه امام دار جاسر في مدينة بيت لحم التي اصبحت فندق الانتركوننتيال قال الساهي اثناء نزوله من السيارة بدأ الجد يا شباب وها نحن في دار جاسر هنا كانت تجتمع قبائل قيس ابن وائل مسيحيين ومسلمين وتجمع زكاة اموالها وخراجها وتوزعه على فقرائها بصورة مشتركة وهنا كان بيت كرم القيسيين وكان الناس ياكلون اللحم والفتيت ويقولون ( يهو الفتيت في دار جاسر) وهنا احب عمي المسلم ابنة عمة المسيحية القيسية وسمى ابنائه باسمها كي لا تخرج من صوته عندما ينادي على احد ابنائه الذكور او احدى بناته الاناث هنا كان الحب الاول لمن قال له المناضل الكبير ابو على شاهين عمي والذي لم يقلها لغيره في الدنيا ثم حدق في من حوله وقال لتكن دار جاسر مكان اجتماع كلمتنا من جديد قالها بصوت عالي وبحث على من يوصلها للجميع فحملها ابو الحكم وكلف بها الاخت نهى الاطرش التي هي قائده مسيحيه في تنظيم الحركة. لقد تبلور التوجه لجمع الكلمه والتحرك المنظم داخل المؤتمر وتم اعتماد المكان واداة التبليغ والتوصيل وانطلق الساهي يبحث عن الذين يعرفهم من قيادات وابطال العاصفة كان متشوقا لهم الى حد الجنون ورتب في نفسه لكل منهم جمله تعبر عن حرارة اللقاء بعد هذا الغياب الطويل الا انه لم يجد منهم الا القليل لقد ذهل الساهي من غيابهم وسأل من كان حوله عن اصحاب الخيار الصعب ومرحلة التضحية والغرم في الحركة الوطنية الفلسطينية فقيل له لا تكثر من هذه الاسئلة المرحلة ليست لمن تسأل عنهم لقد اصبحتم كالاثار ثمنين لكنكم بضاعه غير متداوله في حياة الناس لذلك عد الى سهوك واحلم كما تشاء ولا تبحث عن احد. لقد شعر الساهي بوجود مؤامرة على الحركة واحس من حوله ان ثمة ضرورة لموقف لا بد من اتخاذه ركبو في باص المؤتمر صامتين وتجمعو سويا في الزاوية الأخيرة ودون ان يأخذوا ايعاز من احد انطلقو في مظاهره واسعه باتجاه منصه الخطباء والمتحدثين واخذو يهتفو بصوت عالي (يا مركزية يا مركزية وين العضوية وين العضوية ) لقد تعالى الهتاف وامتد بين اروقة المؤتمر وتدخل الامن لاعتقال وقمع المحتجين وانتشرت التساؤلات بين الحضور من هم هؤلاء المتظاهرين واي عضوية هذه التي يطالبون بها. كانت الاجابة اسرع من قوات الامن التي احتشدت داخل المؤتمر لقمع المتظاهرين حيث اعلن رئيس المؤتمر ان كل من جاء من الخارج على قوائم المؤتمر هو عضو فيه لكن السيد الرئيس فهم الرسالة على وجهها الصحيح وقدم في خطابه المتلفز اعتذار للأخوة الذين تم تغيبهم عن هذا المؤتمر لقد سارت الامور على نحو اخر من التفكير بعد هذه الواقعة وتعالت الصيحات بضرورة انجاح المؤتمر والخروج بأقل الخسائر الممكنه وغط الساهي في سهو جديد واخذ يراقب افعال المؤتمرين ويدقق في أقوالهم ومرجعيات تفكيرهم وقيمة الافكار والتصورات التي يطرحونها وكيف يتآمرون على الحركة ويسعى كل فرد منهم لإقصاء الآخر لقد سيطر الجنون على المؤتمر ودبت بين عروقه فوضى المصالح وفوضى المفاهيم واختلط الحابل بالنابل وتفرقت الصفوف وتبعثرت الحروف ولم تعد الكلمة واحده ولم تعد الجمل مفيده وتعالى صوت الغوغاءعلى العقلاء وضاع مكاريوس بين الناس ولم يعد احدا يعرف الاخر حيث خجل الدكتور معن ارشيد من نفسه بين هذه الفوضى العارمة وانسحب باكيا على ياسر عرفات وتبعه الدكتور محمد الجعفري وآخرين وبائت محاولات جمع الناس على كلمه سواء بالفشل الذريع . قال الساهي لنفسه المؤتمر ليس مؤتمرنا والوجوه ليست وجوهنا والناس جميعا مختلفون والصراع على مواقع وليس على مبادىء ورغم ذلك لازال من السابق لأوانه القول ( اشو الك ياولد في هذه الطبخة روح أحسن لك ) لابد من الاستمرار في المحاولة والهاربون لايصنعون نصرا والانسحاب جريمة والبقاء في مستنقع الغوغاء خطيئة والوقوف على مربع الصمت لايليق بالرجولة . لقد تمنى الساهي ان يكون بلا لسان وان يكون بلا راس وتخيل نفسه كما ( الببور القديم ) في احدى خزائن السمكرية لقد سيطرت عليه فكرة انتم اثار وليس لكم وجود في حياة الناس وتمنى ان لا يعرف الحقيقة . قبض على وجهه من جديد وقال لنفسه نعم سهونا طويلا وسرق اللصوص بيوتنا أليس اللصوص من أبنائنا أيضا !!! لقد قلبها من جميع الجهات لكن الحال بقي على نفسه سمحنا لعشرة جنود من حرس الحدود الاسرائيلي حصار قائد الثورة الفلسطينية واغتياله في مبنى المقاطعة في ظروف غامضه يقال ان بعض الجواسيس كانوا ضالعين فيها وقبلنا ان يتعلق علينا التافهين وان نحمل على ظهورنا القرب المخزوقه ونحن نعلم ان عاقبتها البلل اي مؤتمر هذا الذي عدت اليه ايها الساهي واي وطن هذا الذي سيحملك اليه ان بعض الاعضاء لم يحملوا في حياتهم غير برادة وجوههم وصقيع ضمائرهم الميتة ولم يحفظوا عوراتهم من مجاري الدنس وبعضهم لصوص معروفين اعتدوا على ارزاق الناس وبيوتهم واملاكهم وجرحوا كراماتهم وسحقوا ارواحهم وبعضهم ( ثور الله في برسيمه ) المهم ان يكون عضو في الؤتمر ونخبة قليلة نقية تريد للحركة القوة والانتصار ماذا تنتظر ايها الساهي اين انت من طوباس ولاتقول لنفسك من يافا اين انت من اغوارها الشرقية التي شربت دم مشهور اخر من عدت معه الى الوطن وانت تحمل قضية . ماهي القضية التي ستحملها مع هؤلاء الم تقل يوما الانسان صفات اين انت من صفاتهم الم يعطيك رفاقك صفة الولي وانت ماركسيا حتى النخاع ماذا دهاك ايها الساهي هل غيرت صفاتك وهل صرت مثلهم اين انت من الذين راهنوا على صلابتك الثورية النادرة ابحث عن اشيائك في باطن الارض وعد الى ما انت مؤتمن عليه واخرج من هذا المستنقع وعد الى الناس الذين احبوك . لقد انتهى المؤتمر دون ان يجيب الساهي على الاسئلة المطروحة ودون ان يعرف احد لماذا انعقد ولماذا انتهى وماهي الاوراق والبرامج التي اقرها ومن هم الذين تعلقوا على مشانق دوار المنارة ومن هم الذين سجنوا من الفاسدين والسفلة الذين اسقطوا الحركة من وجدان الجماهير . لقد حمل الساهي مثل غيره في باصات المؤتمر الى رام الله وتاه هناك مع التائهين بين الفنادق التي لم تتسع للاعداد الموجوده قالوا له سجل اسمك في اي فندق وابحث لك عن اناس يأووك او اذهب الى اهلك اذا كان لك اهل . خرج الساهي من هذا الضجيج وحملته سياره الى حيث لايعلم قال لنور الذي يرافقه في هذه الرحلة خذني الى ضريح الشهيد القائد ياسر عرفات وخذني الى قبر الحبيب باجس ابو عطوان وقبور رفاقي القدماء خليل عبد الله ومحمد جبر وعلي ابو مليحة وخذني الى قبر حكيم وجمال ومصباح وخذني الى زهره التي دفنت روحها في قبر باجس ابو عطوان ولازالت تعيش بلا روح علنني اتعلم منها التجربة واتعود ان اعيش بلا روح في وطني اريد معرفة هذه التجربة وخذني الى امي التي عادت من القبر ثلاث مرات ورفضت ان يدفنها احد غيري حيث تجاوز عمرها المئة عام نصفها انتظارات والنصف الثاني آلام خذني الى أخي محمود الذي احبه اكثر من نفسي لاتعلم من صوفيته الشيوعية شيء جديد علني اتمكن من البقاء على هذه الارض التي عاش عليها خذني الى اخي امين الذي حملته الامانة مع الحبيب وجيه قبل ان يبلغا الاثنين السادسة عشر من العمر والذي حرقوا وجهه الجميل وشوهوا سمعته لانه حمل صفاتي والتصق اسمه باسم الشهيد عبد الله صيام حيث كان اسم مجموعته الرائعة التي تواصلت في الاشتباك مع الاحتلال مجموعة الشهيد عبد الله صيام وخذني الى سليمان الشنب العالي في الجبل الذي يختزل رجولة الجنوب وخذني الى عزيز وكل اللذين احببتهم في حياتي والذين لم اكرههم . لقد سار نور مع الساهي الى حيث مايريد وشاهد دموع زهرة وهي تقبل جبين الساهي بحثا عن روح باجس ابو عطوان قالت له هل تذكر ايها الساهي رسائل باجس لقد سميت ابني باسمه نعم اخرجته من القبر في ليلة ماطره وزرعته في أحشائي وسمحت لرجل بريء طيب ان يتزوجني ويمزق جسدي الذي تعلقت عليه روح باجس دون ان تمس روحي انفاسه واستخرجت من نفسي باجسا جديد وبعد تلك الليلة زوجت زوجي من أمرأة اخرى . وحرمت على نفسي الرجال وها انا اعيش مع باجس الصغير حدق الساهي طويلا في جلال الموقف وقبل جبينها من جديد شهقت الدموع في عينيه شقتها الحارة واختلطت بدموع ام باجس التي لم تتوقف طوال اللقاء وعاد الى رام الله مشبعا بصور الذين احبهم وجمال ارواحهم البريئة وبعض احزانهم التي اخفوها عنه عاد الى رام الله ليرى ما لم تراه العين ويسمع ما لم تسمع به الاذن بعض القاده يسلطون الحواويط وخدام البيوت على المناضلين ويعتزلون بمصالحهم عن الجميع وشعب بريء رائع فريسه بين ايدي اللصوص وتنظيم يحمل امه خارج الاطر وملقى في الشوارع والحواري والبيوت وزمر من المتسلقين والمحنطين يدعون الشرعية الحركية ويطفشون الناس من حولنا ويسقطوننا من وجدان الجماهير و زوامير سيارات ومواكب قيادات وحراس بيوت وتحصينات منزليه وكذابين وسفله وقيادات تتامر على اخرى ونساء يتملقن للمسوؤلين ولعنة اليوم الذي اصبح فيه الوطن غنيمة تلاحق الجميع والخراب اكبر من التصور. حاول الساهي ان يجد له دور عله يتمكن من استخراج باجس جديد كما فعلت زهره دون ان يمس احدا روحه الجميلة اعجبتة الفكرة كثيرا واقنع نفسه بزاوج مؤلم مع خليط من الطبقات وخليط من التفاهات عله ياتي بولادة جديدة حمل اوراقه وادوات عرض الحال على الأخرين وراح يبحث عن من يشتريه او ياخذه مستكتبا في الدائرة التي يعمل بها حاول ان يتزوج من المرحلة كما فعلت زهره وان لا يسمح لاحد المساس بروحه فأمر الكثير منهم حواويطه وخدام بيته ان لا يستقبلوه وان يقولو له فلان غير موجود وعلان مشغول لا يستقبل احد بلا مواعيد تواصو جميعا على تجويعه واذلاله واحباطه وقالوا لصبيانهم لا تدخلوه فهو ماركسي ومنشق ومتطرف ومطلوب للطرف الأخر ثم اخرجوه من الفندق الذي كان ينام فيه على حساب الحكومة وليس من موازناتهم التي ينفقونها على انفسهم طوقوه من الجهات الاربع وجوعو اطفاله في الخارج وتصدقو عليه بالدخان وفتات الفلوس لتجريح روحه واشعاره بالدونيه عله يعود الى منفاه وزنازينه وصحاربه خارج فلسطين لكنه اصر على البقاء مات محمود الذي يحبه وتواعد معه ان يسكنا سويا انفجر قلب محمود من آلام لم يكن الساهي يعلم بها وعلم بعد موته ان بعض ابنائه كان يضربه ويهينه امام الناس حمله احد اصدقائه لبيت العزاء فهو لا يحمل هويه ولا يستطيع الخروج من رام الله . وعاد بعد ثلاثة ايام حاملا معه حزنا لا يطاق وغضبا لا يحتمل التاجيل لكنه كعادته يعالج احزانه بالصمت لقد صمت كثيرا هذا الساهي في حياته ولا باس ان يصمت من جديد وماتت امه بعد اسبوع من وفاة محمود ولم يتمكن من الذهاب لدفنها كما كانت تتمنى لوجود صديقه خارج البلاد . لقد تفننو في تعذيب الساهي لكن احد لم يستطيع اذلاله او الانتصار عليه ساعده بعض الاصدقاء في الحصول على اجرة بيت من الحكومة وليس من جيوبهم واوى اليه واخذ يعيد بناء نفسة وبناء مكانته كرجل كريم لم يتعود ان يكون بيته مغلق في وجه الناس لقد انطلق الساهي من جديد يدعو الناس الى ماهو مهم في حياتهم وكتب العديد من الكتب والكراسات والبحوث التي صدرت باسمه وتوزعت بين الناس واعيد شطب اسمه عنها من بعض المسؤولين يدويا بحجة انها كراسات وكتب تنظيمية علما انها تأليفه ومن بناة افكاره فرح الساهي لانه يكتب تنظيم ولا يحيد عن فكره وآراءه وقال لهم اقبل ان اكون الحجر المخفي في باطن الارض الذي يقام عليه البناء الجميل وليس لي شرط في ذلك غير ان يكون هذه البناء جميل والبناء الجميل الذي لايفتخر بصناعه لايمكن ان يكون جميلا على الاطلاق لماذا تصرون على تجهيل الحركة وطرد الكتاب والمفكرين منها ولكن لم يجبه احد على ذلك علما أنه يعرف وغيره يعرف ايضا لماذا يريدون الحركة جاهلة وجاحده بهذه الطريقة . شارك الساهي في العديد من الاعمال التلفزيونية وخاصة حملة أطفوؤ النار التي كتب اشعارها واشرف مع نخبة رائعة من الشباب والشابات على إخراجها وتدريب الفنانين على أدائها وفتح قلبه لكل الناس واثار بواعث الحب والانسانية في من حوله واحس بدفء الناس واحبهم كثيرا أحب رمضان وشريف من القيادات الرائعة التي تبذل جهود عالية لبناء حالة إنسانية وحركة وطنية بين صفوف شعبنا واحب صديقه القديم حسين الذي عاش معه في معتقل نفحه وشاركه المبدأ والعقيدة الكفاحية ولم تفارقه لحظه واحدة صورة زوجته وأطفاله في الخارج وصور الابطال والمناضلين الذين احبهم في المنفى وزار بيوتهم ولاعب أطفالهم عاد الساهي الى حلمه الجميل وصمته الاجمل وأخذت المواقع تنشر كتبه ومقالاته والناس يتحدثون عن ادابه الواسعه وحبه لله في وجوه الناس استعاد الساهي اللحظة الجميلة التي شاهد فيها نور الله في وجه ابنه ايمن الصغير حيث كان في الثانية من عمره وكان يلعب بين يديه فجأت المخابرات واخذته الى الزنزانة التي تعود عليها حدق طويلا في وجه ايمن الصغير وقبل دموعه وخوفه من الجنود الذين اخذو ابوه وحاول ان يصلي في الزنزانه ويدعوا الله ان يتلطف بايمن فوقف ايمن بين يديه وقبله بحراره غريبه شعر بعدها بالفرح والاطمئنان على اسرته وأطفاله واخذ بعدها يرى الله في وجوه الناس ويخشى الإساءة لهم او الوقوع في أخطاء تغضب وجوههم لان الله حاضرا فيها . أقام الساهي طقوسه الايمانية في مدينة رام الله من جديد رغم صقيع اعيادها واحس بحرارة القلوب البريئة التي احبها بين الناس واستجمع شوقه الجنوني لكل من فقدهم في حياته واحب رؤيتهم من حوله ووطن في قلبه قمر ليحميه من اكل الحرام واكاذيب ( العريطه ) والطفيليين وأخذ يتلمس له دورا جديداً في الحياة دون ان يسمح لاحد تشويه روحه او المساس بها حيث انطلق خارج الاطر التي عطلت دور الشعب الفلسطيني في المسارات كافة وحاول الكثيرين مساعدته في تكاليف حياته ولكن ما كانت ترهقه فكرة انه بلا حقوق وفكرة النماذج المستكبرة على الناس وحواشي القيادات التي تغلق الابواب في وجه كل خبره وفكرة الموظف المليونير والمراسل الغني وهي الحالات التي لم تحدث حتى في الدول النفطية . الساهي يحب الخير للناس ويحب الذين بنوا انفسهم بعرق الجبين والذين اثروا بإمكانياتهم والذين ترفهوا باموالهم الحلال ولم يقل لاحد بأن اباه كان من اكبر ملاك المنطقة وانه اذاب كل املاكه وامواله على ايدي الناس كرما من نفسه ومحبه للاخرين لقد أزعجته كثير تقاليد الكذب الجديد وقبض قلبه مرات ومرات عندما سمع الناس تتحدث عن انحذار احد اعضاء اللجنة المركزية الجديدة من اعرق العائلات الفلسطينية مالا وبرجوازية كان يحب هذا الشخص كثيرا لانتمائه الطبقي وانحداره من الشرائح الاكثر فقرا وعوزا في الحياة حيث كان ابوه ( يسحر ) الناس في القرية وكان هذا المتبرجز يسير خلقه في الليل ويجمع صدقات المحسنين ويأكل منها مع بقية افراد العائلة وكان الساهي يثق به لانه كان يأكل الخبز الحلال فكيف اصبح من اعرق عائلات فلسطين مالا وبرجوازية لقد سقط في مستنقع الكسب غير المشروع والعدوان على ارزاق الناس وبنى لنفسه هذه المكانة الزائفه التي يعرف الناس كافة انها من ايدي الغير واموالهم . لقد تغيرت الدنيا ايها الساهي قالها لنفسه وحمل همومة وسار بين الناس مقررا انهاء الصمت الذي تعود عليه واحترام الذين لايستحقون الاحترام وكم ردد في سره ان السمكة تخرب من الرأس ولكن آن الاوان ان يقول ذلك علناً وأن لايخاف من احد وان يقتحم المقبرة كما فعلت زهرة ويستقوي بأرواح الميتين عله لايبتعد عن الحقيقة كثيرا ويبقى في سهوه وحلمه الذي اصبح بلا فائدة . لقد استفاق الساهي على صاحب البيت الذي ياويه وهو يطالبه بالأجرة ويطلب منه ان يخرج من البيت طمعا في اجرة اعلى قال في نفسه الناس على دين ملوكها وصاحب البيت ليس افضل من المسحراتي الذي خلف حرامي اختنق حياء من نفسه كيف سيحمل أشيائه الخاصة في الشارع حاول الاتصال في بعض من احبهم من اهل المدينة فلم يجد من هو قريب منه وزع الاجهزة على جيرانه وحمل ما يستطيع من اغراضه وخرج الى عراء الشارع وعراء الظروف حاول ان يستجمع قوة اللحظة لكنه خر باكيا في الطرقات مستذكراً توفيق وسلطان وجعفر وسمير وابراهيم وغازي وكل القيادات التي اكلت في بيته المناسف والاطعمه التي قطعها عن اطفاله لاكرامهم وتقديرهم بين الناس وتذكر ان احد منهم لم يدعوه لتناول فنجان قهوة في مكتبه من قهوة الحكومة وليس من قهوته الخاصة . حاول الساهي ان يبقى وحيدا طوال الليل بعد ان اخفى اغراضه في مكان العمل ويسير باسئلته المحرجة بين اهل المدينة طلب من اللذين عاشوا اللحظة ان يتركوه اعجبته كثيرا فكرة الفراشة التي تحرق جناحيها في معبد الضوء وتصر على الموت في اروقته المقدسة عاش اللحظة مع البعزيزي في تونس حاول الوصول وحيداً الى دوار المنارة لكن من أحبوه ادركوا ذلك كان يتمنى ان يتصل به شخص ما احبه اكثر من نفسه وبكى عمره وايامه الجميلة حزنا عليه . شرع نفسه للريح وطلب من الصقيع ان يغسله من اوجاعه تنقل بين صخر حبش ومحمود درويش لان فيه من صفات الاثنين شعرا وصوفية وطنية وقال لهما في زمانكما كان لنا وطن نبكي عليه وفي زمانهم اصبح لنا وطن نبكي فيه حاول أصدقائه رمزي ومالك والنواجعة ان يشعره بدفء اللحظة ولكن الصقيع كان اكبر من المدينة شرع اذنيه للهاتف الذي كان ينتظر حرارته واطلق حساسيه روحه تبحث في الفضاء وسارت به اقدامه الى بائع السحلب على دوار المنارة بعد ان هجعت فراشاته في معبدالاحتراق ولايعلم لماذا طلب كأسين من السحلب كان وحيدا في هذه اللحظة لكن لايحب ان يشرب شيئا لوحده دفع اثمان الكأسين وصم اذنيه بالصقيع وترك الفضاء بشرب كؤوسه وذاب كما الملح في جوف المدينة ضاع الساهي في مدينة ليست مدينته وفي زواج مع المرحلة العاقر التي كان عمرها اطول من عمر الحالمين لكن الساهي سيبقى في روح الميادين يحرض على قتل الفاسدين وشنق الذين باعوا قضية ولن يعود لمن احبهم في المرحلة العاقر فزهره كان خيارها شخصي اما الساهي فلا يستطيع الخيار.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق
تعليقات
عبدالله سويطي
كل الفدائين ادركو قصتك ولكنهم ماتوا برصاصة واحده اسمها الجوع