• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

رأس المال ورجال الأعمال في رمضان

أحمد بلال

رأس المال ورجال الأعمال في رمضان
يتضاعف الأجر للعمل الصالح في رمضان، ويتنافس الناس في اختيار الأعمال التي تناسبهم، ويزيدون بها أرصدتهم في هذا الشهر الكريم، والكلُّ له رأسمالٌ محدد، هو أيام هذا الشهر، بسويعاتها ودقائقها، فهي أيامٌ معدودات، فيحاول أن يحققَ منها أكبر استثمار.. منهم من رتب استثماره على ألوان العبادات المعروفة، وما أعظمها، كالمحافظة على ورد القرآن اليومي، وعلى صلاة الجماعة، وصلاة التراويح، وعمرةٍ في رمضان، ومنهم من ركَّز على عودة الصلات مع ذوي الأرحام، خاصةً ذلك القريب الذي أخطأ في حقه مرة، فكانت القطيعة، فسيحاول أن يضغط على نفسه، وبادر بالصلة والإتصال والتسامح، فقد سمع بأن أعجلَ الخير ثواباً هو صلة الرحم، وأن صلة الرحم تبارك الرزق.. ومنهم من قرر الانتصار على النفس، في أصعب معركة معها، وهي معركة عزة النفس المصطنعة، التي جعلته يُخاصم ذلك الجار، أو ذلك الصديق، فهي ليست عزةَ نفسٍ في موضعها، بل هي مشوبةٌ بعناد خفي، ورغبة في إثبات الذات، وكانت بدايةٌ الخصام أمراً تافهاً، لا يستحق، كمشاجرة بين الأولاد، أو وضع القمامة في غير مكانها، أو موضع ركن السيارة، فسيرغم أنف الشيطان ويترفع عن هذه الصغائر، ويُعيد مياهَ الودِّ إلى مجاريها.   - ترك الغش: ومنهم من قال: إن عندي تجارةً، وقد لا يتيسر لي طولُ القيام أو إتمام التلاوة، ولكني سأختار في هذا الشهر أن أمنع الغش عن الناس، والغش له فنونٌ لا يكتشفها أحد، ولا يعلمها كثيرٌ من الناس، وهو يسبب أكبر الأذى للناس في صحتهم وفي أموالهم وفي معايشهم، بل وفي حياتهم، فسوف أمنعه عنهم في رمضان، عسى الله أن يتوب عليَّ منه بعد رمضان، ومنهم من قال: إنّ استثماري لن يكون في طول تلاوة، أو طول قيام، بل سأكتفي بفرض الصلاة والصيام، ولكني نويت اعتزال صحبة السوء، والإقلاع عن هذا الذنب الكبير الذي استدرجوني إليه، ولم يكتشفه أحدٌ من أهلي أو معارفي، فأنا من الذين أسرفوا على أنفسكم، ولكني راج رحمة ربي، وصادقٌ في توبتي، وفي طلب الجليس الصالح والابتعاد عن جلساء السوء.   - خدمة الناس: ومنهم من قال: إنني في موقع مسؤولية في جهة تقدم خدمات للناس، وأستطيع بكثير من الحيل التي تمرست عليها، أن أرضي المسؤول المباشر، وأنال عنده الحظوة والمكانة، ويكون هذا على حساب الخدمات التي ينتظرها الناس، والآن أنوي المصارحة لا الكتمان، وبذل الوسع لخدمة الناس مع إرضاء المسؤول، وإن كان هناك تعارضٌ فسأقدم صالح الناس، فتيسير الأرزاق قبل تستيف الأوراق، ومنهم من هم رجال أعمال، قال أحدهم ما "طالني" منها غير الصيت والشهرة، وجرْيُ الليل والنهار، وما فكرت مرةً أن أفرز من هذه الأعمال حلالاً من حرام، أو نافعاً من ضار، وما دار بخلدي أن هذه الأموال تحتاج إلى إخراج زكاتها، فسأوفر في هذا الشهر وقتاً لأنظر فيه في ترتيب بيت أعمالي، لعل الله يوفقني ويحفظني، قبل أن تنالني سهام الشبهات أو خطايا الحرمات. ومنهم من كان من أصحاب الرأي والفكر، أو أصحاب الدعوة والإعلام، والمنابر المقروءة أو المسموعة، فقال: سوف أركز استثماري في هذا الشهر على أمانة الكلمة، لن أبيعها بحال لذي سطوة أو ذي مال، ولن أشغل الناس بالأعراض عن الأمراض، ولن أشغلهم بالأمر الثانوي عن الأمر الأساسي، ولن استخدم براعتي في التبرير والتحوير لألوي الرأي للهوي، ومنهم من قال: سأصدع بقول الحق، وأبين للصغير والكبير، وللراعي والرعية، أن سبب مشكلاتنا، وسر تأخرنا، هو بعدنا عن الله تعالى، وتقصيرنا في طاعته والتراخي في الأخذ بأوامره وتطبيق شرعه.   - حبس اللسان: منهم من قال: إنني ضعيف لا أقوى على ما تقولون، ولكني سأستثمر الوقت بعد أداء الفريضة، في حبس هذا اللسان الذي طالما رعى فيما نهى عنه، فسأجعله يصوم عن الآفات بالليل قبل النهار، ومنهم.. ومنهم.. تُرى من سيكسب في هذا السباق، ومن سيخرج من هذا السوق، سوق الخيرات بأوفر الأرزاق؟

ارسال التعليق

Top