إنّ مجرد إقرارك بأخطاء سابقة واعترافك بها بشكل علني وصريح ما هو بالحقيقة سوى اعتراف منك بأنّك أخطأت في أمر ما أو أكثر في مشوارك التجاري أو الاستثماري، ويعد الاعتراف بحد ذاته نوعاً من أنواع الجرأة المحمودة في عالم الاستثمار، وإعلاناً بأنني لن أقع في هذا الخطأ مرّة أخرى ولن أكون ضحية له في المستقبل بل سأتلافاه وأسعى لتجاوزه، وعدم السماح له مجدداً بأن يعيق مسيرتي، كما أنّ هذا الاعتراف بحد ذاته يعني بشكل أو بآخر أنّك قد علمتِ ما الصواب والواجب فعله.
تقول إيمان أبو تميم أستاذة علم الاقتصاد: "إنّ أهم ما قد يواجه المستثمر أو المستثمرة من تحديات هو أن يكون أو أن تكون صادقة مع نفسها ومؤمنة بقدراتها كما هي، فلا تدعي ما ليس بها ولا تنفي ما تستطيع فعله، وبالتالي فإنّ معرفة الخطأ والإقرار به ما هو إلّا أولى خطوات العلاج".
أوّلاً: الاعتراف بالخطأ:
إنّ أولى خطوات علاج أي تعثر قد تمر فيه خلال مشوارك الاستثماري يبدأ من الإقرار بالخطأ الذي وقع، والاعتراف به، فليس من العيب في شيء أن تعترف بوقوعك بالخطأ؛ حيث إنّ كلّ ابن آدم خطاء كما علَّمنا ديننا الحنيف، ويعتبر الاعتراف بالخطأ على المستوى الاستثماري أولى خطوات علاجه، وربّما أهمها، فكثير من الناس ينفي عن نفسه الخطأ ويرمي بالمسؤولية على بعض المحيطين به من أصحاب القرار أو الموظفين، بل وربّما قام بمعاقبته على الخطأ ومجازاته عليه، وهذا وللأسف من أكثر الحالات شيوعاً وانتشاراً لكنه لا يمنع تكرار الخطأ، فمرتكب الخطأ هو نفسه لا يزال متواجداً يملك نفس الصلاحيات ولكنه لم يقر على الأقل أمام نفسه أنّه هو الذي قام بإرتكاب الخطأ، وبالتالي فإنّ احتمالية أن يتكرر الخطأ واردة جدّاً طالما أنّ المسبب موجودة ولم يعترف بخطئه حتى أمام نفسه، والاعتراف بالخطأ يتطلب جرأة عالية وصراحة من نوع خاص، قلة قليلة جدّاً من المستثمرين يتمتعون بها، ولكن لو نظرنا بعين فاحصة في عالم الاستثمار لوجدنا أنّ هذه الملكة هي إحدى أهم صفات الناجحين في هذا العالم والمتميزين فيه، والجدير بالذكر أنّهم لا يقعون ضحية الخطأ نفسه مرّة ثانية أبداً.
ثانياً: تدارك الخطأ إن أمكن:
في كثير من الأحيان وخاصة في عالم الاستثمار نلاحظ أنّ آثار الخطأ الذي قمنا بارتكابه بدأت بالظهور، وبدأنا بالإحساس بها والشعور بتأثيرها على استثمارنا، وفي هذه الحالة فإنّ الخطوة التالية بعد الاعتراف بأنّ هناك خطأ، وأنّ الحظ السيئ ليس هو السبب كما يدعي الكثيرون، عليك أن تسعى لمحاولة تدارك هذا الخطأ ومنع استمراره بحيث نوقف الخسائر المترتبة عليه، حيث إنّ هذا التدارك ربما يوقف نزيفاً مالياً نحن في غنى عن استمراره، فيكون قرار الإيقاف هو بمثابة إعلان أنّ هناك خطأ قد وقع، وإنّ الإيقاف هو مرحلة من مراحل علاج هذا الخطأ لكيلا يستمر النزيف أو تستمر الخسائر، فالطبيعي أنّنا بدأنا هذا الاستثمار لجني الأرباح وليس لتحقيق الخسائر.
ثالثاً: استثمار الخطأ وبدء مرحلة العلاج:
تبدأ بعد مرحلة الاعتراف بالخطأ ومحاولة تداركه ووقف تأثيره إن أمكن، مرحلة جديدة، وهي مرحلة علاج الخطأ، فالوقوع بالخطأ بحد ذاته ما هو إلّا موقف نستطيع استثماره واستغلاله والاستفادة منه، وقد علمنا أنّ هذا القرار كان خاطئاً، وعاد علينا بخسائر في استثمارنا، وبالتالي فإنّ الاحتمالات للوقوع بالخطأ مرّة ثانية قد قلت والخيارات المتاحة أمامنا نقصت واحداً خاطئاً، وبالمقابل فإنّ احتمالية أن يكون الخيار القادم صحيحاً أكبر، ونسبتها بدون شك أعلى بكثير من السابق حين لم نكن نعلم أي الخيارات خاطئ وأيها صحيح، وهنا تكون مرحلة علاج الخطأ قد بدأت، وقد قمنا بإصدار قراراتنا للعلاج، وهي نفسها القرارات بالغالب التي كان يتوجب علينا إصدارها بدلاً من تلك التي عادت علينا بالخسائر، ولم تصب في مصلحة استثمارنا، ولا شك أنّنا يجب أن نتمتع هنا بالجرأة من جديد، فربّما كان القرار الصائب الواجب عليك اتخاذه هو عدم اتخاذك أي قرارات فنية مثلاً على الرغم من أنّك أنت صاحب الاستثمار، وأنّ عليك أن تترك القرار في الوقت الحالي لمن هم أكثر منك خبرة وعلماً في هذا المجال.
رابعاً: عدم الوقوع بالخطأ مجدداً:
وهذه ربّما تكون المرحلة الأخيرة، ولكي نثبت أنّنا علمنا بالخطأ وقمنا بعلاجه لابدّ ألا نقع مجدداً فيه، فهكذا فقط نكون قد استفدنا منه، وحوّلناه إلى رصيد يضاف إلى خبراتنا في عالم الاستثمار، هذا العالم الذي يتعلم فيه المستثمر والمستثمرة كلّ يوم ما هو جديد، وبالتالي فإنّ الوقوع بالخطأ وارد جدّاً ومحتمل بدون شك، ولكن الأهم من عدم الوقوع بالخطأ هو الاستفادة منه وفهمه، وبالتالي عدم الوقوع ضحية له مجدّداً فنكون قد أزلنا أحد العوائق من أمام مسيرتنا في عالم الاستثمار.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق