• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دع التفكير بالشيخوخة جانبا (قراءة في كتاب)

مارغيت بوركهارت

دع التفكير بالشيخوخة جانبا (قراءة في كتاب)

      

·       تعريب: الدكتور هاني صالح   أهدي هذا الكتاب إلى الصداقة وإلى الأشخاص الذين محضوني إياها وكانوا قريبين دوماً إلى قلبي: الدكتور: تيم ليسل الدكتور: يورغن شتيفين دوريس شميت   - كلمات أولية: قارئتي العزيزة؛ قارئي العزيز؛ أستطيع أن أتخيل ردات فعلكم المختلفة حينما تقرؤون هذا العنوان "دع التفكير بالشيخوخة جانباً". بعضكم سيز رأسه دون تفهم. وبعضكم سيجده مسلياً فكهاً. وربما قال بعضكم لنفسه: "كيف سيكون ذلك" إنّه مجرد سخافة". وربما قال أحدكم: "أمر شيق". ربما كان الفضول وليس الاهتمام الحقيقي هو الباعث لتناول هذا الكتاب ومحاولة استكشاف ما يختبئ خلف هذا العنوان. وربما اعتقدتم أنّ المؤلف إنسان مريض مصاب بخرف الشيخوخة دون أن تتوقعوا موضوعاً جدياً بين دفتي هذا الكتاب. كلا، لا قلق، فأنا لست مصابة بخرف الشيخوخة. بل على العكس فإني أجمع بين حكمة الشخص الناضج وخبرته وثقته بنفسه مع الأفكار الجريئة لفتاة في العشرين. إنّ هذا التوحيد بين الشخصيتين شعور رائع، وهل هناك أجمل من أن تعيش في هذه الفترة من الحياة بالذات؟! إنّ دعوتي للإقلاع عن التفكير بالشيخوخة كما يعرفها ويتصورها كثيرون، دعوة في غاية الجدية. لأنّ الآثار الجانبية للشيخوخة عادة ما تكون مرضية وغير صحية وقبيحة. إنّك توجه عملية شيخوختك بنفسك! كن صادقاً مع نفسك: ألم تبحث عن دلائل الشيخوخة؟ ألم تنظر في الصباح إلى المرآة نظرة ناقدة؟ ألا تتفحص دائماً بعض التجعدات هنا أو هناك وبعض الشعرات الرمادية أو تسائل نفسك عن زيادة طفيفة في الوزن؟ ألم تعقد مقارنات مع زملاء وأصدقاء وجيران في مثل سنك؟ هل تدري لماذا تدخل هذه المرحلة؟ لأنّك تتوقعها! وإذا بدت لك هذه الأمور واضحة فهذا يعني أنك قد ابتدأت بالاعتياد على الشيخوخة! إنّ توقعك واعتقادك بأن عملية الشيخوخة قد بدأت لديك، له نفس تأثير الدواء الذي يعطي لمجرد إرضاء المريض. إنّه لا يؤذي ولا يؤلم ولكن له تأثير كبير على كيمياء جسدنا. هذا الدواء الذي لا أثر له إلا إرضاء المريض أو تهدئته، يثير لدينا توقعات لها طابع الاعتقاد بالشفاء إلى حد كبير. وهذه التوقعات تولد بدورها ردود فعل كيميائية في الجسم، حالما يعطي شعورنا اللاواعي أوامره بالشفاء. وكذلك الأمر بالنسبة لأفكارك وتوقعاتك ومشاعرك وتصوراتك الداخلية والتي تكونها عن نفسك وعن عملية الشيخوخة التي تتوقعها. ومع الأسف فإن غالبيتنا تحمل تصورات كئيبة قائمة عن الشيخوخة. ومن يُعجب من هذه الآثار الجانبية المعروفة "القبيحة" التي نحاول محاربتها بكل ما نستطيع من قوة وبأحدث طرق مكافحة الشيخوخة. ولكن غالباً عبثاً. ربّما شغلت نفسك يوماً بموضوع الحفاظ على الشباب، ولابدّ أن تكون قد قمت ببعض التمارين المحددة، وفضلت نوعاً من الغذاء على غيره، أو اتبعت بعض الاستراتيجيات والتقنيات الأخرى التي ستُجلي لك طريق اكتشاف ينبوع الشباب وستبوح لك بسر إيقاظ السعادة الدائمة في نفسك. وبالرغم من أنك اتبعت بكل دقة هذه الوصفات والمقترحات فإنّ النجاح الهائل الأكيد لم يتحقق. كذلك فإنك ستلاحظ بلا ريب أن هذه الاستراتيجيات لن تكون كافية لوحدها. إنّ الحفاظ على شباب الجسم وحيويته من خلال بعض التدابير الصحية وإجراءات اللياقة البدنية وأسلوب الحياة الصحيح هو تماماً مثل من يلجأ إلى حفظ المعادلات الحسابية فقط ليتجاوز امتحان الرياضيات القادم. وهل يمكن بهذا الأسلوب أن يكون المرء أكثر ذكاءً... أو بالتالي أكثر شباباً وحيوية؟! قطعاً لا! عملية الشيخوخة لا تنتاب جسمنا فقط وإنما تتجاوزه إلى روحنا أيضاً. لأنّ الجسد والروح لا ينفصلان عن بعضهما وبالتالي فإنّنا لا نستطيع الاحتفاظ بشباب الواحد دون الآخر. يعتمد القسم الأكبر من طريقتي على قاعدة النموذج التفكيري الذي وضعه ديباك تشوبرا Deepak Chopra. فقد انطلق من فرضيته التي تقول: إننا نشيخ فقط لأننا لا نعرف إلا هذا الطريق. يتحدث عن عملية تكييف اجتماعية أو عن عملية تنويم مغناطيسي جماعي. وطالما نعتقد أننا نشيخ فإن جسدنا يساند هذا الاعتقاد ولو كانت لديه القدرة على التصرف بشكل آخر. يرى تشوبرا أنّ هذا التوقع قوي إلى درجة أن جسمنا يساندنا في هذا الاعتقاد بإبطاء كل أجهزة الهرمومات والغدد وإيقافها عن العمل في النهاية. لأن اعتقاداتنا وقدرتنا على التصور ووعينا ومشاعرنا وأفكارنا تؤثر في النهاية على كل العمليات الفيزيولوجية في أجسامنا. فالجسد والروح هما في اتصال دائم وكل فكرة وكل تغير نفسي ستنتقل إلى أدق جزيئات أعضائنا، التي سرعان ما تصدر ردود فعلها. هناك اتصالات دائمة لا تنقطع بين دماغنا وكل أعضائنا، وفي كل ثانية يتم في جسمنا تبادل شامل لكل المعلومات، فكل ما نفكر به ونشعره ونعتقده يجد صداه المناسب في كل العمليات الكيميائية في جسمنا. سنوات عديدة مضت وأنا لا أستطيع التخلص من هذا الموضوع. توجهني فيه خبرتي السابقة في كل مجالات اختصاصي وعملي مثل العلاج بالتقمص والتنويم المغناطيسي وعلاج التصورات الشيزوينية والعلاج النفسي وطرق العمل الوظيفي في جسم الإنسان، أي التشريح والفيزيولوجيا، وكذلك الخبرات المكتسبة من ساعات طوال في العلاج النفسي مع خبرات الآخرين التي اطلعت عليها في المراجع المختصة إضافة إلى ملاحظاتي ودراساتي العملية في جو الأصدقاء والعائلة. كان للعديد من المفكرين والعلماء الكبار أثر كبير وعميق على دراساتي، وأود أن أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور ديباك تشوبرا وكانداس بيرت Candace Pert والدكتورة جين أكتربرغ Jeanne Achterberg والعديد من المؤلفين الآخرين الذين ترد أسماؤهم في كتابي هذا. لقد سحرتني أفكارهم وآراؤهم حول تأثير نفسية المرء على جسمه، وطبعت حياتي بطابعها. وسأستشهد بالكثير من آرائهم ونصوصهم في هذا الكتاب. وإذا كان هناك بعض ممن لم أستشهد بهم فإن ذلك يعود إلى أن قيمهم الفكرية قد ذابت مع مرور الوقت في معلوماتي وإداراكي وأصبحت جزءاً من قناعاتي الذاتية ومن شعوري اللاواعي. إني أعرف، كاختصاصية في العلاج النفسي، أنّ اللامعقول يمكن أن يتم في الجسم إذا أمكن إطلاق الطاقات الكامنة بغرض الاستشفاء. وهذه الطاقات بالذات هي التي يمكن أن تستخدم في عملية العودة إلى الشباب. ومن ثمّ كانت هذه القناعة ساعة ولادة الطريقة التي طورتها لإعادة مظاهر الشباب إلى الجسم والاحتفاظ بالنضارة دون شد الوجه ودون استخدام المبضع. تتكون هذه الطريقة من ثلاث مراحل أو ثلاث خطوات: 1- تهدف المرحلة الأولى إلى الإدراك الذاتي لسلوكيات من يسير على طريق الشيخوخة. وقد تم الاهتمام، على وجه خاص، في هذه المرحلة بالتأثير الذي تقوم به الأفكار والمشاعر والتصورات الداخلية على الجسم. 2- في المرحلة الثانية يتم التدرب على الاندماج مع أفكار وتصورات داخلية جديدة. 3- وتختتم المرحلة الثالثة بالتنفيذ العملي للسلوكيات وأساليب التفكير التي تم تعلمها حديثاً. وبالرغم من العلاقات المعقدة التي تربط بين الجسم والروح فإن هذه الطريقة قد بنيت على أساس واضح وبسيط. وهدف التمرين أن: -        تحصل على شعور بأن عملية الشيخوخة الذاتية في جسمك قد أصبحت تحت رقابتك. -        تشعر بأنّ الحوار الداخلي مع نفسك قد تغير، وهذا ما سيساعدك على معايشة عملية الشيخوخة من منظور آخر. -        يندمج هذا السلوك الجديد ويتكامل مع حياتك اليومية. سوف أوضح في هذا الكتاب كيف نستطيع أن نستفيد من ذكاء جسمي ذاتي نمتلكه ولم نستخدمه قبل الآن على هذا الشاكلة لاستعادة الشباب. إنّ أبحاث علماء الهندسة الوراثية تجري بسرعة كبيرة لفك رموز تلك المورثة التي تجعل الشيخوخة تدب في أعضائنا. وبدل أن ننتظر تلك اللحظة التي يصل فيها هؤلاء العلماء إلى مبتغاهم يحسن بنا أن نعمل على أن نكون نحن بأنفسنا علماء مورثاتنا الذاتية. فالمخبر الجيني الأصغر المحمول عو عنايتنا بتفكيرنا وأنظمة القناعة المساعدة وكذلك التوجيه الشعوري لكيمياء أجسادنا عن طريق تصوراتنا الداخلية. وسوف تدركون أنّ الحفاظ على الشباب هو كاللياقة البدنية، يجب التدرب عليه باستمرار، لذلك فإنه يقدم لكم الحد الأقصى من نوعية الحياة ومن النشاط والحيوية والشعور الجسدي اللامحدود بمرحلة زمنية إضافة إلى شعور باللامبالاة فيما يتعلق بالقادم من السنين. إنّ الطاقة والزمن التي تبذلها في سبيل ذاتك هي أفضل استثمار يمكن أن تقوم به على الإطلاق. وسيقدم لك سعادة لا حدود لها بالشعور بنجاحاتك وتقدمك، تشعر بها حتى في ردود فعل أفراد عائلتك وأصدقائك وزملائك. إنك ستلقى تقديراً عالياً لقدراتك الجسدية، وستلقى اعتباراً لتلك الطاقات الكامنة في نفسك والتي تنتظر أن تكتشف ويجلى عنها الغطاء. كما أنك ستلقى احتراماً شخصياً لذاتك حينما ترى كيف أن عملية الشيخوخة ستتغير وتأخذ الاتجاه المعاكس بنتيجة تغير مواقفك الذاتية. تأخذ الحياة والأعوام القادمة أبعاداً جديدة. وهكذا فإن علينا الآن أن نتعرف إلى إمكانياتنا الكامنة والتي يمكن أن تساعدنا في عملية عودتنا إلى الشباب، ونستخدمها بشكل هادف. وبما أنّ هذه الطريقة ثورية تماماً وحديثة جدّاً، فإن من دواعي سروري أن تخبروني عن الخطوات التي تقومون بها في هذا المجال وعن خبراتكم ونجاحاتكم. وحتى ذلك الحين أتمنى لكم كل المتعة والسرور بالتعامل مع هذا الكتاب. المصدر: كتاب التدريب الذهني لمقاومة الشيخوخة

ارسال التعليق

Top