الأم هي نواة العائلة وعمادها وهي نبع الحب والحنان، والمربي الاول، وسند الامة في نوائبها ومصاعبها، وهي الحاضنة، المربية، المعلمة والباحثة. هي المنبع الفياض لما في هذه الحياة الانسانية من حب الذي هو اساس النظام والعدل والرحمة والسعادة، ان الام الصالحة تعي مسؤولياتها في تربية الابناء التربية السليمة، وتعي مختلف الادوار التربوية، الايمانية، الاخلاقية، المجتمعية النفسية والصحية، التي يتعين عليها القيام بها قولا وعملا في سبيل تربية ابنائها وبناتها، لذلك من الواجب تقديرها وتكريمها وتعزيزها والوفاء لجهودها، ان الام المؤمنة المثقفة بثقافة القرآن الكريم، تحمل رسالة في الحياة وتعي دورها في بناء شخصية ابنائها وفق هذه الرسالة العظيمة لذا فإنها تسعى جاهدة لبث هذه الثقافة في دائرة اسرتها اولا وقبل كل شيء.
الام هي الانسان الذي يعطي للولد كل الحياة فالام، هي التي تمنح الولد كل حياتها في طاقاتها الجسدية، وهي في الوقت نفسه تعيش حالة طوارئ جسدية من خلال ارتباك الجسد في اجهزته في حالة الحمل، بحيث يخرج عن طبيعته وتوازنه كما انها تعيش من خلال هذا الارتباك الجسدي، الكثير من المشكلات النفسية والشعورية والمزاجية ولذلك يمكن ان نقول ان الام تعطي الحياة بقدرة الله لولدها بكل كيانه، ان الله سبحانه اوصانا بالوالدين احسانا وجعل شكر الوالدين مساويا لشكره فالله تعالى هو الذي ابدع الحياة، وهو الذي اوصى الانسان بشكر والديه وبرهما، ولهذا قال «أن اشكر ولوالديك إلى المصير).
وهكذا يريدنا الله تعالى ان نعيش مع والدينا انسانيتنا، وقد جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله اعطيت والدي كل شيء، اطعمهما بيدي، واحملهما على ظهري، وانا اتولى تنظيفهما وما الى ذلك، فهل وفيت حقهما، قال: لا، لانك خدمتهما وانت تنتظر موتهما، وخدماك وهما ينتظران حياتك، وانت تخدمهما وتقول وان لم تظهر ذلك الى العلن: الى متى اتحمل ذلك؟ لكنهما يحضنانك وهما يعطيانك حياتهما لتعيش هناك فرق بينك وبينهما.
يقول الامام زين العابدين عليه السلام في «رسالة الحقوق» كما روي عنه: «وحق امك ان تعلم انها حملتك حيث لا يحتمل احدا احدا، وقد يحملك احد على ظهره ولكن هل يحملك في داخل جسده في الليل والنهار وانت تعبث بكل جسده؟ واعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي احد احدا ووقتك بجميع جوارحها «ارأيتها كيف تحافظ عليك عندما تريد ان تمشي وتقول لك لا تستعجل؟ وعندما تريد ان تحمل شيئا فتقول لك: لا تحمل شيئا ثقيلا يمكن ان يسهم في اسقاطك، ولا تأكل اي شيء يمكن ان يضرك، وهي تتحمل الالم مستبشرة فرحة متحملة لما فيه مكروها والمها حتى دفعتها عنك يد القدر عندما جاءت ساعة الوضع واخرجتك الى الارض «ولم تبال ان تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتعري وتكسوك، وتضحي وتظلك وتهجر النوم لاجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها، فلانك لا تطيق شكرها الا بعون الله وتوفيقه، فاذا كان الامر كذلك فلتشكرها على قدر ذلك، هذا عن الام.
واما عن الاب «واما حق ابيك، فأن تعلم انه اصلك وانك لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك ما يعجبك من خصال وأخلاق وسجايا وجمال فاعلم ان اباك اصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة الا بالله.
شكر الوالدين شكر منصوص، هو التالي لشكر الله تعالى: «ان اشكر لي ولوالديك» «لقمان: 14» شكر للذين ربياني صغيرا، مقدمين نفسي على نفسيهما، ومؤثرين هواي على هواهما، ولو سألت اي اب واي ام: اي المكافآت افضل؟ لوجدت اجماعا او شبه اجماع.. ان يكون اولادنا قرة عين لنا، الاباء والامهات جنود الرحمة المسخرون لخدمة «الابناء» هم اروع صور رحمته واكملها وكل رحمته كاملة هم اياديه الرحيمة تمسح بالحب على رؤوسنا، وعيونه الرحيمة التي تتفقدنا وقلبه الرحيم الذي يسعنا حبا و حدبا وكرامة.
«عطاء» الابوين دائما اكبر من «شكرنا» لهم مهما كان شكرنا كبيرا ومهما كان عطاؤهم صغيرا، وليس في عطائهم صغير لانه ينضح من قلوب ليس لنا فيها الا الحب والرحمة والا فهل تجد انسانا يؤثرك على نفسه كأبيك؟ شكرهم يبدأ بكلمات الشكر مرورا بتقبيل اليدين والاحسان اليهما والدعاء والاستغفار لهما، ولا ينتهي عند احد.
شكر الوالدين الاكبر هو ان تكون «ابنا بارا» بهما و«عبدا صالحا» لله و«انسانا نافعا» في المجتمع و«شخصا مرضيا» في العمل والسلوك، تلك اكبر المكافآت التي يمكن تقديمها لهم احياء وامواتا!
وشكرا للزوجة لانها العاملة بلا اجر وهي تستحقه، هي المتعاطية بروحية العطاء الايثاري لا بروحية العمليات الحسابية الاربع كم تستحق من الشكر هذه التي تحيل بيتها الى جنينة ينسى فيها الزوج والاولاد همومهم وتعبهم ويجدون الانس والراحة والحنان واللقمة الشهية والكلمة الاشهى والابتسامة العذبة والرحمة اودعهما الله فيها «زوجة» و«أما».
انا فخور جدا بانك امي، اي كلمة حب ووفاء واي ابتسامة عرفان وجميل واي رسالة شوق واخلاص، اهديها في عيدك يا امي، انت امرأة مميزة جدا في حياتي، احبك دائما وابدا ولا يكفي عيد الام بان اعبر لك بالشكر عن كل ما قدمتيه لي في حياتي وكل شيء تفعلينه من اجل بقائنا، انا لا شيء بدونك فانت من علمتني وانت من ربيتني واحسنت تربيتي، فشكرا لك يا ابي وشكرا لك يا امي على تعبكم وسهركم وقلقكم وخوفكم علينا وشكرا لكم لدعواتكم الصادقة والحنونة وشكرا لكم على نصائحكم المخلصة لنا وشكرا على حبكم وحنانكم ورعايتكم الكريمة لنا، اللهم اشكر لهما تربيتي واثبهما على تكرمتي واحفظ لهما ما حفظاه مني في صغري يا ارحم الراحمين.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق