أوّلاً: مرحلة الطفولة المبكرة (ما بين الثالثة والخامسة):
1- ميزة هذه المرحلة إنّها هي مرحلة الرغبة في التقليد.
2- من الأخطاء في هذه المرحلة: أن نقول له إذا وقف بجوارنا ليقلدنا في الصلاة: "لا يا بني من حقك أن تلعب الآن حتى تبلغ السابعة، فالصلاة ليست مفروضة عليك الآن".
3- إذا وقف الطفل بجوار المصلي ثمّ لم يركع أو يسجد ثمّ بدأ يصفق مثلاً ويلعب فلندعه ولا نعلق على ذلك، ولنعلم جميعاً أنّهم في هذه المرحلة قد يمرون أمام المصلين، أو يجلسون أمامهم أو يعتلون ظهورهم، أو قد يبكون، وفي الحالة الأخيرة لا حرج علينا أن نحملهم في الصلاة في حالة الخوف عليهم أو إذا لم يكن هناك بالبيت مثلاً من يهتم بهم، كما أننا لا يجب أن ننهرهم في هذه المرحلة عما يحدث منهم من أخطاء بالنسبة للمصلي.
4- ماذا عليه أن يحفظ: في هذه المرحلة يمكن تحفيظ الطفل سور: الفاتحة، والإخلاص، والمعوذتين.
ثانياً: مرحلة الطفولة المتوسطة (ما بين الخامسة والسابعة):
1- ميزة هذه المرحلة: يكون التركيز على كثرة الكلام عن الله تعالى وقدرته وأسمائه الحسنى وفضله، وفي المقابل، ضرورة طاعته وجمال الطاعة ويسرها وبساطتها وحلاوتها وأثرها على حياة الإنسان.
2- من الأشياء الضرورية: لابدّ من أن يكون هناك قدوة صالحة يراها الصغير أمام عينيه، لابدّ من أن يصاحب ذلك شيء من تدريس العقيدة حتى لا تتحول الصلاة إلى عادة وتبقى في إطار العبادة، ومن المناسب هنا سرد قصة الإسراء والمعراج، وفرض الصلاة، أو سرد قصص الصحابة الكرام وتعلقهم بالصلاة.
3- من المحاذير: الابتعاد عن أسلوب المواعظ والنقد الشديد أو أسلوب الترهيب والتهديد؛ وغني عن القول أنّ الضرب في هذه السن غير مباح، فلابدّ من التعزيز الإيجابي، بمعنى التشجيع له حتى تصبح الصلاة جزءاً أساسياً من حياته.
4- البنات في هذه المرحلة: نحببهم بأمور قد تبدو صغيرة تافهة ولكن لها أبعد الأثر، مثل حياكة طرحة صغيرة مخصصة للطفلة، وتوفير سجادة صغيرة خاصة بالطفلة.
5- فكرة عندما يتكاسل في الوضوء: نقوم بعمل طابور خاص بالوضوء يبدأ به الولد الكسول ويكون هو القائد ويضم الطابور كلّ الأفراد الموجودين بالمنزل في هذا الوقت.
6- التدرج مهم في هذه المرحلة: يبدأ الطفل بصلاة الصبح يومياً، ثمّ الصبح والظهر، وهكذا حتى يتعود بالتدريج إتمام الصلوات الخمس، وذلك في أي وقت، وعندما يتعود على ذلك يتم تدريبه على صلاتها في أوّل الوقت، وبعد أن يتعود ذلك ندربه على السنن، كلٌّ حسب استطاعته وتجاوبه.
7- استخدام التحفيز مهم: فنكافئه بشتى أنواع المكافآت، وليس بالضرورة أن تكون المكافأة مالاً، بأن نعطيه مكافأة إذا صلى الخمس فروض ولو قضاء، ثمّ مكافأة على الفروض الخمس إذا صلاها في وقتها، ثمّ مكافأة إذا صلى الفروض الخمس في أوّل الوقت.
8- نربطه بالجنة: ويجب أن نعلّمه أنّ السعي إلى الصلاة سعي إلى الجنة، ويمكن استجلاب الخير الموجود بداخله، بأن نقول له: "أكاد أراك يا حبيبي تطير بجناحين في الجنة، أو "الله تعالى راض عنك ويحبك كثيراً لما تبذله من جهد لأداء الصلاة"، أو "أتخيلك وأنت تلعب مع الصبيان في الجنّة والرسول (ص) يفرح بكم بعد أن صليتم جماعة معه"... وهكذا.
9- بالنسبة للبنين: فتشجيعهم على مصاحبة والديهم (أو ما يقوم مقامهم من الثقات) إلى المسجد، يكون سبب سعادة لهم؛ أوّلاً لاصطحاب والديهم، وثانياً للخروج من المنزل كثيراً، ويراعي البعد عن الأحذية ذات الأربطة التي تحتاج إلى وقت ومجهود وصبر من الصغير لربطها أو خلعها.
10- ماذا يجب أن يتعلم: يراعى في هذه المرحلة تعليم الطفل بعض أحكام الطهارة البسيطة مثل أهمية التحرز من النجاسة كالبول وغيره، وكيفية الاستنجاء، وآداب قضاء الحاجة، وضرورة المحافظة على نظافة الجسم والملابس، مع شرح علاقة الطهارة بالصلاة. ويجب أيضاً تعليم الطفل الوضوء، تدريبه على ذلك عملياً، كما كان الصحابة الكرام يفعلون مع أبنائهم.
ثالثاً: مرحلة الطفولة المتأخرة (ما بين السابعة والعاشرة):
1- سلوك الطفل: في هذه المرحلة يلحظ بصورة عامة تغير سلوك الأبناء تجاه الصلاة، وعدم التزامهم بها، حتى وإن كانوا قد تعودوا عليها، فيلحظ التكاسل والتهرب وإبداء التبرم، إنها ببساطة طبيعة المرحلة الجديدة.
2- كيفية التعامل معهم: يجب أن نبتعد عن السؤال المباشر هل صليت الصلاة؟ لأنّهم سوف يميلون إلى الكذب وإدعاء الصلاة للهروب منها، فيكون رد الفعل إما الصياح في وجهه لكذبه، أو إغفال الأمر، بالرغم من إدراك كذبه، والأولى من هذا وذاك هو التذكير بالصلاة في صيغة تنبيه لا سؤال، مثل الصلاة يا شباب: مرة، مرتين ثلاثة، وإن قال مثلاً إنّه صلى في حجرته، فقل لقد استأثرت حجرتك بالبركة، فتعال نصلي في حجرتي لنباركها؛ فالملائكة تهبط بالرحمة والبركة في أماكن الصلاة!! وتحسب تلك الصلاة نافلة، ولنقل ذلك بتبسم وهدوء حتى لا يكذب مرة أخرى.
3- العمل إن لم يصلِّ الطفل: يقف الأب أو الأُم بجواره – للإحراج – ويقول: "أنا في الانتظار لشيء ضروري لابدّ أن يحدث قبل فوات الأوان (بطريقة حازمة ولكن غير قاسية بعيدة عن التهديد).
4- تشجيعهم: ويكفي للبنات أن نقول: "هيا سوف أصلي تعالى معي"، فالبنات يملن إلى صلاة الجماعة، لأنّها أيسر مجهوداً وفيها تشجيع، أما الذكور فيمكن تشجيعهم على الصلاة بالمسجد وهي بالنسبة للطفل فرصة للترويح بعد طول المذاكرة، ولضمان نزوله يمكن ربط النزول بمهمة ثانية، مثل شراء الخبز، أو السؤال عن الجار... إلخ.
5- ماذا يتعلم: وفي هذه السن يمكن أن يتعلم الطفل أحكام الطهارة، وصفة النبيّ (ص)، وبعض الأدعية الخاصة بالصلاة.
6- فكرة: يمكن اعتبار يوم بلوغ الطفل السابعة حدثاً مهماً في حياة الطفل، بل وإقامة احتفال خاص بهذه المناسبة، يدعى إليه المقربون ويزين المنزل بزينة خاصة، إنّها مرحلة بدء المواظبة على الصلاة!! ولا شك أنّ هذا يؤثر في نفس الطفل بالإيجاب، بل يمكن أيضاً الإعلان عن هذه المناسبة داخل البيت قبلها بفترة كشهرين مثلاً، أو شهر حتى يظل الطفل مترقباً لمجىء هذا الحدث الأكبر!!
7- وفي هذه المرحلة: نبدأ بتعويد على أداء الخمس صلوات كلّ يوم، وإن فاتته إحداهنّ يقوم بقضائها، وحين يلتزم بتأديتهن جميعاً على ميقاتها، نبدأ بتعليمه الصلاة فور سماع الأذان وعدم تأخيرها؛ وحين يتعود أداءها بعد الأذان مباشرة، يجب تعليمه سنن الصلاة ونذكر له فضلها، وأنّه مخيَّر بين أن يصليها الآن، أو حين يكبر (مرحلة المراهقة).
8- صفات هذه المرحلة: يتسم الأطفال في هذه المرحلة بالعند والرفض، وصعوبة الانقياد، والرغبة في إثبات الذات – حتى لو كان ذلك بالمخالفة لمجرد المخالفة – وتضخم الكرامة العمياء، التي قد تدفع المراهق رغم إيمانه بفداحة ما يصنعه إلى الاستمرار فيه، إذا حدث أن توقُّفه عن فعله سيشوبه شائبة، أو شبهة من أن يشار إلى أنّ قراره بالتوقف عن الخطأ ليس نابعاً من ذاته، وإنما بتأثير أحد من قريب أو بعيد. ولنعلم أنّ أسلوب الدفع والضغط لن يجدي، بل سيؤدي للرفض والبعد، وكما يقولون "لكلّ فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه" هكذا يجب أن نتفهم الابن ونستمع إليه إلى أن يتم حديثه ونعامله برفق قدر الإمكان.
رابعاً: برنامج تربوي مقترح من التربويين والمتخصصين:
وفيما يلي برنامج متدرج، هذا البرنامج قد يستغرق ثلاثة أشهر، وربما أقل أو أكثر، حسب توفيق الله تعالى وقدره:
المرحلة الأولى:
هي مرحلة الفعل الصامت.
أ) مدتها: تستغرق من ثلاثة أسابيع إلى شهر.
ب) الطريقة المتبعة:
1- في هذه المرحلة لن توجه إليه أي نوع من أنواع الكلام، وإنما سنقوم بمجموعة من الأفعال المقصودة، فمثلاً تعمد وضع سجادة الصلاة على كرسيه المفضل في غرفة المعيشة مثلاً، أو تعمَّد وضع سجادة الصلاة على سريره أو في أي مكان يفضله بالبيت، ثمّ يعود الأب لأخذها وهو يفكر بصوت مرتفع: "أين سجادة الصلاة؟ "أريد أن أصلي،... لقد دخل الوقت، يا إلهي كدت أنسى الصلاة... ويمكنك بين الفرض والآخر أن تسأله: حبيبي، كم الساعة؟ هل أذّن المؤذِّن؟ كم بقي على الفرض؟ حبيبي هل تذكر أنني صليت؟ آه لقد أصبحت أنسى هذه الأيام، لكن يا إلهي، إلّا هذا الأمر".
2- واستمر على هذا المنوال لمدة ثلاثة أسابيع أخرى أو أسبوعين حتى تشعر أنّ الولد قد ارتاح، ونسى الضغط الذي كنت تمارسه عليه؛ وساعتها يمكنك الدخول في المرحلة الثالثة.
المرحلة الثانية:
1- قم بدعوته بشكل متقطِّع، حتى يبدو الأمر طبيعياً، وتلقائياً للخروج معك، ومشاركتك بعض الدروس بدعوى أنك تريد مصاحبته، وليس دعوته لحضور الدرس، بقولك: "حبيبي أنا متعب وأشعر بشيء من الكسل، ولكنّي أريد الذهاب لحضور هذا الدرس، تعال معي، أريد أن أستعين بك، وأستند عليك، فإذا رفض لا تعلق ولا تُعِد عليه الطلب، وأعد المحاولة في مرة ثانية".
2- ويتوازى مع هذا الأمر أن تشاركه في كلّ ما تصنعه في أمور التزامك من أوّل الأمر، وأن تسعى لتقريب العلاقة وتحقيق الاندماج بينكما من خلال طلب رأيه ومشورته بمنتهى الحب والتفاهم، كأن تقول الأُم لابنتها؛ حبيبتي تعالي ما رأيك في هذا الحجاب الجديد ما رأيك في هذه الربطة؟ كلّ هذا وأنت تقفين أمام المرآة، وحين تستعدين للخروج مثلاً تقولين لها: "تعالي اسمعي معي هذا الشريط"، ما رأيك فيه؟ "سأحكي لك ما دار في الدرس هذا اليوم" ثمّ تأخذين رأيها فيه، وهكذا بدون قصد أوصليها بالطاعات التي تفعلينها أنت.
3- اترك ابنك أو ابنتك يتحدثون عن أنفسهم، وعن رأيهم في الدروس التي نحكي لهم عنها بكلّ حرية وبإنصات جيد منا، ولنتركهم حتى يبدأون بالسؤال عن الدين وعن أموره.
خامساً: كيفية تحفيز الطفل على الصلاة:
- الصلاة من الأشياء المهمة والضرورية في الحياة التي يجب على الإنسان تأديتها ومن الطبيعي أن يصل هذا المفهوم للأطفال.
- والسؤال الذي يتبادر لأذهاننا كيف نعلم أطفالنا الصلاة أو بالأصح كيف نجعلهم يحافظون على الصلاة ونتأكد من وصول هذا المفهوم بالشكل الصحيح؟
- إذا كان عمر الأطفال في سبع سنوات ليس لنا في هذا السن سوى التعامل معهم بالملاطفة والملاعبة وحسن التعامل ليتشبعوا بالعاطفة والحنان والمودة والاحترام، وليستمتعوا بطفولتهم بكلّ جوانبها.
- أما بعد السبع سنوات فهي مرحلة الطفولة المتأخرة وبدأ مرحلة المراهقة وهي مرحلة يتعلم فيها الطفل السلوك السليم ويبدأ (الإدراك والتجرد) يعني تعلم فكري بعيد عن الإحساس وتعلم المفاهيم الحياتية المجردة (مثل الصلاة وأمور الدين والنظافة والتعامل مع الناس وغيرها) وهي مرحلة يؤسس الطفل فيها جميع جوانب حياته الشخصية.
- من أساليب متابعة الطفل لأداء الصلاة مثلاً وضع جدول في مكان واضح في البيت يراه الجميع وهو عبارة عن جدولين واحد للبنت والآخر للولد يوضع فيهما إشارة صح لصلوات اليوم.
- وإذا اكتمل الأسبوع نشجعه بنزهة أو مكان يتمنى الذهاب إليه أو إلى الحديقة أو أي مكان أو هدية جميلة يحبها، غير أسلوب امتداحه بين إخواته فهو محفز ومجدي أكثر.
الكاتب: د. جمال ماضي
المصدر: كتاب دليل الآباء والأُمّهات في تربية الأبناء
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق