جيرهارد هورنر/ ترجمة: محمد جديد
◄إنّ تاريخ المطالعة السريعة لم يبدأ، مثلاً، في القاعات الجامعية، مثلما قد يَحْسَب المرء، بل بدأ بالحرب العالمية الأولى، فقد اكتشفت القوات الجوية الملكية البريطانية في تلك الأيام أن بعض الطيارين لم يكونوا يستطيعون التمييز بين نماذج الطائرات المعادية من مسافة مناسبة.
ولهذا السبب طوَّر بعض الإستراجيين الدُّهاة جهاز التاشيستوكوب، وهو نوع من جهاز فاكس لصورة فوتوغرافية إيجابية مُنْفِذَة للضوء (diaprojector) يعكس الصور خلال مراحل زمنية متباينة في قِصرَها، على جدار.
وبالانطلاق من صورة كبيرة تمَّ في هذا الصدد، شيئاً فشيئاً، تضييق مدة الانعكاس وخَفْضُ المقاس وزاوية النظر أيضاً، وتغييرها، وإذا الطيارون يصبحون، بعد شيء من التمرين على استعداد لأن يحدِّدوا خلال جزء من خمسمئة جزء من الثانية هوية نماذج الطائرات المختلفة.
وهذا يعني أنّ العين البشرية تستطيع أن تدرك المعلومات بسرعة لا تصدَّق، وتمّ استخدام هذه المعرفة بعد الحرب العالمية أيضاً في دورات مطالعة سريعة، وكان ذلك مصحوباً بالنجاح: فخلال خمسة بالمئة من الثانية استطاع المشاركون أن يقرؤوا أربع كلمات معكوسة على الجدار، والنتيجة: أن كلاًّ من الأفراد رفعوا سرعة قراءتهم من 200 إلى 400 كلمة وسطياً في الدقيقة الواحدة، وهو ما يمثل الفرق بين تلميذ في المرحلة الابتدائية ورجل أكاديميّ، وما من شك في أنّ المتدرِّبين بجهاز التاشيستوسكوب تركوا في هذا الصدد مقدرة هائلة بغير استخدام. ذلك لأنّ العين عندما تستطيع أن تدرك كلمة خلال خمسة بالمئة من الثانية فهي تستطيع أن تدرك، من الوجهة النظرية في دقيقة واحدة، 30.000 كلمة.
ويضاف إلى ذلك أن ألوان الأداء خلال الدورة لها تعلُّق بالدوافع العليا عند التلاميذ أكثر من تعلُّقها بطريقة التاشيستوسوب، ونتيجة لذلك هبطت سرعة القراءة لدى المطالعين بعد ذلك من جديد، إلى المستوى الأصلي.
ولم يكتشف الباحثون إلا في مستهلّ الستينيات مدى مقدرة الإنسان الفعلية على ضروب الأداء الخارقة للعادة، فليست العيون وحدها هي التي يمكن تعليمها، من خلال التدريب المناسب على حركات في سرعة البرق، بل يستطيع الدماغ أيضاً أن يحتفظ بأكثر من 400 كلمة في الدقيقة، وفي مدارس المطالعة "الدينامية" تم الوصول إلى سرعات 1000 كلمة، وفي حالة البشر المدربين تدريباً خصوصياً، تم الوصول إلى 3850 كلمة في الدقيقة. ►
المصدر: كتاب القراءة السريعة المهنية
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق