• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

تأمل ذاتك بعد حين!

عادل بن حبيب

تأمل ذاتك بعد حين!

يعيش الأغلب منا في مطاردة و تسابق.. لاصطياد المآرب دون هوادة، و من خلفنا مآقٍ موجوعة و أحلام مفزوعة.. قد كبلتها أيادي العوز و الحاجة دون صيد أو قيد!

الأفواه تتكاثر، و الآلام تتناثر، و ما أحوج الوقت لسوء المنقلب.. فلعل و عسى بردهات الزمان تفيق الضمائر النائمة، و المستترة بذلك الرداء الأجوف!

 

 

مررنا ببيوت قد فطر الفقر قلوبها قبل الجدران، و ظل ينخر في أضلاعهم حتى الحسبان، و نادى طفلهم يمه جوعان!

و لكن، من أين للأم إطعامه إلا بكسيرات خبز الصبر، و النظر إلى نافذة السماء!

نعم، مرت الأيام، و استشعروا الإحراج بين هذا و ذاك.. لتمسهم حفنة مالٍ بعد اللَّتَيَّا وَ الَّتِي لتسد رمقهم الأخير.. شريطة صورة التوثيق للنشر والإعلام!

 

 

·      كلمة حقٍ و رؤية أخرى في صلب الموضوع للخال/ ياسين بن جمعة الصالح

 

 

ما زال الخير ينمو في الثلة الباقية.. فقد يسرت الظروف أن أكون معه في زيارة دار العجزة!

كنت أتبعه و هو يسلّم على الجميع بحرارة و حرقة قلب، و لا أعلم من منا يقدر على استنطاق هذه المواقف، و ما تنزفه من وجع و دموع!

 

 

كان كبار السن هناك يستبشرون بزيارته لهم، فعلمت أنها ليست الأولى له لزيارتهم إلى درجة أنه يخرج ما في جيبه من مكسرات و سكاكر ليهديها إياهم، و هم يضحكون رغم أنهم في عمره، و لربما أكبر!

وجوههم نورانية، و تسبح في أغادير الإيمان، و ألسنتهم تنضح بالدعاء، و الخير الوفير له، و يرد عليهم: "ما سوينا شي يا يبه"

يسلم على هذا، و يعطف على ذاك.. ليصفعني قول أحدهم له: "تراك طولت هالمره يا حجي ما جيتنا من زمان"

 

 

المكان يُخيم عليه الهدوء، و الكراسي فارغة، و متراصة بانتظام.. بانتظار المتعطف على من أفنوا أعمارهم، و أبدانهم، و أموالهم، و صحتهم ليكبروا.. و لكن، أين الخاتمة؟!!

.. تكررت الزيارة ثلاث مرات متباعدة لي معه، و الحال كما هو الحال عدا تناقص أعدادهم لاشتياقهم لنوم البرزخ، و مخيط الكفن!

تطفلت بسؤالي ذات مرة، و قلت لأحدهم: يجون الأولاد لك؟!

فاغرورقت العيون، و أجهشوا بالبكاء و النحيب.. و لك ما شئت بالتخيل و ما آلت له النتيجة!

 

 

كنت أظن، و أُقنع نفسي أنهم لا يستطيعون التحرك أو العناية.. فتبينت بأنهم يديرون شؤونهم بأنفسهم للأغلب.. فرحماك يا الله بكبر سنهم، و تكالب الزمان عليهم!

عاشوا بعين الله، و صبروا لله و في الله، و ما كان لله ينمو كما جاء في الخبر.

 

 

و السؤال هنا:

ــ لماذا هم فرحوا بمولدنا و مجيئنا للحياة، و ما سيصدر منا بكل مراحل أعمارنا،

و حينما هرموا نلوم، و نصرخ عليهم لأفعالهم اللا إرادية؟!

 

ــ فعلى ماذا تُعد الأماكن لرحيلهم، و تضيّع الأموال لدفنهم، و تنعى الألسن غيابهم و موتهم؟!

 

ــ هل الخوف من لوم الناس، و كثرة الحديث، أم تفعيل بند أسكت عني و أسكت عنك للمصحلة والتملق؟!

 

ارسال التعليق

Top