عام أفل ومضى مسرعاً في الزّمن، وكأنّه يغادرنا في عجل، وعام مجهول في الطّريق إلينا من غياهب المستقبل، يحثّ الخطى مسرعاً... وأمام هذه المحطّة الزمنيّة، تقفز إلى الذّهن عدة خواطر:
ـ مرّ العام الفائت بأفراحه وأتراحه، بفترات الرّخاء فيه وساعات الشدّة، بإيجابياته وسلبيّاته.. وأظنّ أنّ ما مررت فيه جدير بفترة تأمّل ودراسة، فلتجلس وحيداً لتجيب عن هذه الأسئلة:
ـ هل نجحت في علاقتك مع أفراد عائلتك، زوجتك، والديك، أخوتك...؟
ـ أين أصبت في عملك أو في دراستك أو في علاقاتك مع محيطك؟
ـ ماذا حقّقت من طموحاتك الثّقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة؟
ـ هل قمت بواجباتك الدّينيّة مع الله سبحانه وتعالى، هل أدّيت عباداتك على أكمل وجه...؟
ـ هل ظلمت أحداً، هل أسأت في علاقتك إلى أحد، هل كانت علاقتك مع النّاس متوافقة مع مرضاة الله؟
وعلى ضوء إجاباتك عن هذه الأسئلة، تحدّد خطواتك في السّنة المقبلة، فتحاول إكمال ما بدأته في أمر وأجدت فيه؛ أو تبدأ من جديد في أمر آخر...
لن ينفع أن تعيش النَّدم على ما فاتك من فرص، أو على أمور أسأت القيام بها، بل اعقد العزم الجدّيّ والحثيث على التّغيير، وعلى البدء من جديد، بأن تضع خطّة عمليّة، مع تواريخ وأهداف واضحة، فهذا وحده هو الّذي ينفعك مقابل عجلة الزّمن السّريعة. ونستذكر هنا ما نقل عن الإمام عليّ (عليه السلام): «من تساوى يوماه فهو مغبون»، فلا تصبح السّنوات كلّها مثل بعضها البعض، بل أن نسير بشكلٍ تصاعديّ.
أخيراً، إنَّ علينا أن نعيش مسؤوليّة الزّمن، فأعمارنا تمرّ كالسّحاب، وهي تنفّذ بشكلٍ سريع، وهي رأسمالنا الوحيد في طريقنا إلى الله سبحانه وتعالى، فعن الإمام عليّ (علیه السلام): «نَفَسُ الْمَرْءِ خُطَاهُ إِلَى أَجَلِهِ». فهل نستفيد من دعوة الله الدّائمة لنا لنصحِّح ما قد أخطأنا فيه ونستمرّ فيما أصبنا فيه؟
(يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ * فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً) (الانشقاق/ 6-12).
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق