عمار كاظم
أثمن ما في الوجود هو الوطن، الذي يضحي الإنسان بحياته دفاعاً عن ترابه المقدس، لأنّه يستمد منه انتمائه وكيانه الإنساني. في الوطن ثمره اللذيذ وأهله البسطاء، وكرمهم الوفير، وما أدراك إذا كان مسقط الرأس الذي ترعرع فيه وتربى فوق ترابه وارتوى وتنفس من هوائه وتدثر بسمائه وذاق حلاوة السعادة ليصبح رمزاً لكلّ معاني الحب والإنسانية، كما إنّ عظمة الأوطان تقاس بعظمة تاريخها الذي تصنعه العقول، وعرق أبنائه وسواعدهم. الوطن هو بضع أحرف تكون كلمة صغيرة في حجمها، ولكنّها كبيرة في المعنى؛ فالوطن هو بمثابة الأُمّ والأسرة، وهو الحضن الدافئ لكلّ مواطن على أرضه، وهو المكان الذي نترعرع على أرضه، ونأكل من ثماره ومن خيراته، فمهما ابتعدنا عنه يبقى في قلوبنا دائماً. يولد حب الوطن مع الإنسان، لذلك يعتبر حب الوطن أمراً فطرياً ينشأ عليه الفرد؛ حيث يشعر بأنّ هناك علاقة تربط بينه وبين هذه الأرض التي ينمو ويكبر في حضنها. وحب الوطن ليس حكراً على أحد؛ حيث أنّ كلّ فرد يعشق ويحب وطنه، وديننا الإسلامي يحثّنا على حب الوطن والوفاء له، ولعلّ أكبر مثال في هذا الموضوع، حين أُجبر رسولنا الكريم محمّد (ص) على فراق وطنه الغالي مكّة، فعندما خرج منها مجبوراً قال: "ما أطيبك من بلد، وأحبك إليّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني منك ما سكنتُ غيرك"؛ فمن كلام رسول الأُمّة يتبيّن لنا واجب الحب الذي يجب أن يكون مزروعاً في قلب كلّ شخص تجاه وطنه، سواءً أكان صغيراً أم كبيراً. فالوحدة الوطنية، هي العيش تحت سقف الوطن دون التفرقة بين عرق ولون، دون التفرقة بين ديانة وأخرى، فالوطن يحضن الجميع ويحنو على الجميع، وبالتالي يجب أن نسعى جاهدين للحفاظ على هذه الوحدة الوطنية من التفكك في عصر مليء بالفتن الذي يريد بالقضاء على كلّ نموذج وحدوي.
ارسال التعليق