• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

الوسائل العقلية في التربية

د. عباس محجوب

الوسائل العقلية في التربية

 

  لم تعتمد التربية في الإسلام على الوسائل العاطفية أو الوجدانية أو الاجتماعية وإنما اعتمدت على الوسائل العقلية باعتبار العقل من النعم التي أنعم الله بها على الإنسان وميزه به عن الحيوان ويمكننا أن نلمح هذه الوسائل في جوانب كثيرة منها:

 

1- التربية الفكرية:

والتربية الفكرية تهدف إلى اخضاع العقل للتدريب والتمرين حتى يقوّي فيه مَلَكة التمييز بين الحقّ والباطل والهدى والضلال والرؤية الصادقة والبصيرة النافذة ويمكن تدريب العقل بتقديم الحقائق العلمية على أساس أهميتها في الحياة وتقييمها للسلوك واستعمالها في طريق الخير والتفاعل معها بحيث تكون جزءاً من حياة الشخص ثم تجربة تلك الحقائق مع واقع الحياة ليرى مدى فائدة الحقائق العملية إذا ما استعملت في حياة الإنسان. وأهمية التربية الفكرية إنّها تزيد من قدرات الفرد على الإدراك والتكيف وتقبل الحقائق والقيام بالواجبات كما أنّها تهيئ مجالاً لنمو الذكاء وارتفاع معدلاته بحيث إنّ الشخص الذكي يكون أقل عرضة للمشكلات التي تدفع إلى الانحراف أو الجريمة لأنّ قوة عقله تنبهه إلى الطريق القويمة والنتائج المترتبة على الانحراف السلوكي وعن طريق التربية الفكرية تحصل القناعة التي تجعل الفرد متمسكاً بالخير لأنّه خير، ومبتعداً عن الشر لأنّه شر وأنّه لا تعارض بين ما يقرره المنطق وما يطالب به المرء دينياً من الالتزام بسلوك أخلاقي ثابت ومعروف في حياته.

 

2- تكوين البصيرة:

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران/ 164)، والعلاقة وثيقة بين الحكمة والبصيرة فكلاهما من أعمال القلب والعقل. وقد وصف الله سبحانه وتعالى الإنسان بأنّه على نفسه بصيرة والبصيرة هي القدرة إلى النفاذ إلى الأشياء ومعرفتها وحسن تقديرها والقدرة على التصرف فيها ولما بين البصيرة والحكمة من علاقة قوية دعا الله سبحانه وتعالى إلى اتخاذهما وسيلتين في الدعوة إليه فقال: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة) (النحل/ 125)، كما قال: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف/ 108)، ومن هنا فإنّ تكوين البصيرة في قلب المؤمن غاية من غايات التربية ووسيلة من وسائلها أيضاً ولذلك يقول الله تعالى: (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (الأنعام/ 104)، والبصيرة والحكمة بمعنى التمييز بين الحقّ والباطل والصواب والخطأ عن طريق الإحساس الداخلي أو الوجدان من هبات الله على الناس فالله سبحانه وتعالى (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) (البقرة/ 269)، لأنّ الحكمة "هي نفاذ البصيرة إلى سنن الحوادث ومجريات الأمور، واتفاق العمل والتصريف دون صدام مع قوانين الظواهر وفي ضوء ظروف العصر الذي تواكبه فهي لدى الفقيه القدرة على استنباط التشريعات والأحكام اللازمة في ميادين الحياة المختلفة حسب الظروف والأحوال، وهي لدى القائد فهم معنى الجهاد والوقوف على منطلقاته وأهدافه وتنظيماته وحسن التعامل بذلك كلّه حسب المواقف والمتطلبات، وهي لدى المربي المسلم فهم مبادئ التربية وأهدافها ومناهجها وأساليبها واتقان التعامل بذلك – وهي لدى الإداري حسن تصريف الأمور، وهي لدى القيادة السياسية حسن التخطيط والتنفيذ في الداخل والخارج – وهي لدى الأُمّة إدراك معنى وجودها وإجادة تنظيم هذا الوجود ووضعه برمته ومقدراته في خدمة الرسالة الإسلامية وبالتالي فالحكمة هي فهم كلّ فرد أو جماعة في الأُمّة لدوره واتقان أداء هذه الدور طبقاً لمقاييس الإسلام ومنطلقاته".

ودور التربية إنّها هي التي تبصر الناس بالحقائق المتعلقة بوجودهم ورسالتهم وهي التي تربي فيهم البصيرة والحكمة وتدعوهم بهما (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) (الصافات/ 175)، وإذا كان البصر مجاله الإدراك المادي للأشياء (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج/ 46)، ويمكن للمعلمين أن يكونوا البصائر بما وجه إليه القرآن من التعود على التأمل والتفكير والتدبر والتعقل في آيات الله حتى يكون التمسك بالمبادئ والتعاليم التي فيها عن اقناع ومعرفة تؤديان إلى اطمئنان القلوب وخوفها وخشوع الجوارح وانقيادها والآيات التي تحضّ على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج/ 46).

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ) (آل عمران/ 190-191)، والقلوب التي لا تعرف الحقّ بالتأمل والتدبر هي التي لا تعقل (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد/ 24)، (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ) (ص/ 29)، أما الذين لا يتدبرون ولا يتأملون وينصرفون عن وسائل الحقّ فهم كما حكى الله عنهم (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا) (الأنعام/ 25)، وعدم التعقل والتدبر والاستماع إلى الحقّ يؤدي بالمشركين إلى النار (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) (الملك/ 10)، أما الذين يترفعون عن فهم آيات الله وينصرفون عن الحقّ ويكذبون فإنّ الله أيضاً صارفهم عن الحقّ (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) (الأعراف/ 146)، وبتكون البصيرة والحكمة في الإنسان يتعرّف إلى الحقّ الذي أوجد الله سبحانه به الوجود وخلق به السماوات والأرض لأنّ معرفة الحقّ هي التي تدفع إلى التمسك به وبناء الحياة عليه (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ) (الحجر/ 85)، والآيات بهذا المعنى والتعبير في القرآن كثيرة وعلى معرفة الحقّ تترتب نتائج معرفة خلق الإنسان والوجود والمصير لقيام ذلك كلّه على الحقّ الذي نزل به القرآن (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) (الإسراء/ 105)، كما أنّ البصائر نتائج للتفكير في عواقب الأفعال من المعاصي وما يترتب على الرذائل من هلاك للأفراد والأُمم الحضارات فالله يخيرنا بأنّ المعاصي هي التي تسببت في ضياع أُمم وحضارات سابقة فيقول: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) (الأنعام/ 6)، ويقول: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) (يونس/ 13)، كما أنّ المقارنة الدائمة بين الخير والشر والخبيث والطيب والصواب والخطأ يساعد على تكوين البصيرة في الإنسان ولذلك نجد القرآن يكثر من المقارنات: بين المواقف والأشياء ويدعو القرآن أيضاً إلى استعمال العقل في قياس الأمور لأنّ ذلك من دلائل البصيرة.

والتعود على الحقائق وممارستها من عوامل تكوين البصائر لأنّ الحقيقة تدل على جانب الخير في الفعل وجانب الشر فيه فيكون القرب والبعد مبنيان على معرفة حقيقة الخير وفائدته وسوء الشر وضرره ولا يستوي العالم والجاهل.

إنّ المربي يستطيع بإخلاصه وإدراكه للوسائل المتعددة لتكوين البصيرة والحكمة وممارسته لهما أن يساعد على بناء جيل راجح العقل حكيم متبصر متفتح يزن الأمور بميزان العقل والبصيرة لهم قلوب يعقلون بها وآذان يسمعون بها وأبصار ينظرون بها وبصائر يعرفون بها لأنّ السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولا.

 

3- تكوين الإرادة:

الإرادة قوة من القوى المحركة للإنسان ويرى البعض أنّ الإرادة ميل النفس إلى شيء ما وحملها على فعله ولكن الفرق واضح بين الميل والإرادة لأنّه قد يوجد الميل ولا توجد الإرادة، والإرادة تشمل الميل والشعور والعزم ثم العمل، والإرادة هي القوى المحركة لملكات الإنسان والدافعة لها إلى العمل وللإرادة نوعان من العمل فقد تكون دافعة للعمل وقد تكون مانعة تمنع الإنسان من القول والفعل وأعمال الخير والشر في الإنسان منبعها إرادته ولارتباط الإرادة بالخلق "عرف بعضهم الخلق بأنّه (عادة الإرادة) يعني أنّ الإرادة إذا اعتادت شيئاً فعادتها هي المسماة بالخلق فإذا اعتادت الإرادة العزم على الإعطاء سميت عادة الإرادة هذه خلق الكرم وقريب من هذا التعريف قول بعضهم هو تغلب ميل من الميول على الإنسان باستمرار".

والإرادة لها صلة قوية بالميول والبواعث والغايات والرغبات لأنّها دوافع إلى العمل ولأنّها تجتمع مع الإرادة في جانب وتختلف في آخر وقد ربط التربية الإسلامية بين النية والإرادة باعتبارهما العزم على فعل الشيء والقصد والتصميم القلبي عليه ولذلك يقول الرسول (ص): "إنّما الأعمال بالنيات وإنما لكلّ امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" والإرادة لابدّ أن تكون قوية دائمة بحيث تنفذ الأشياء التي تريدها مهما كلفها ذلك من متاعب ومشاق ومهما وضعت أمامها العقبات والصعوبات ومثل هذه الإرادة لا تقوى إلّا إذا اعتمدت على عقيدة راسخة ثابتة لأنّ الإرادة المبنية على العقيدة السليمة هي القوة المحركة للسلوك الناتج عنها كما أنّ التدريب على الفضائل ومعرفة قيمتها وممارستها وترك الرذائل ونبذها من مقويات الإرادة، قد تضعف الإرادة أمام الشهوات وأهواء النفس والمغريات تفقد قوة الصمود أمامها تستسلم فتقع في المحظور وقد تكون الإرادة قوية ولكنها مريضة أيضاً لأنّ قوتها في الجانب السلبي جانب الشر، وتوجيه هذه القوى والطاقة في الإجرام والانحراف والشذوذ.

 

وسائل تكوين الإرادة الخيّرة وتقويتها:

المران على فعل الخير والزام النفس بالأعمال التي تتطلب مشقة ومجاهدة للنفس لأنّ توفيق الله الإنسان مرتبط بتلك المجاهدة فالله سبحانه يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/ 69)، وفي الحديث "حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره".

1- ومن المران الواجب لتقوية الإرادة صوم رمضان كما أنّ الرسول (ص) حث الناس على الصوم تطوعاً ودعا الشباب إلى الصوم في سبيل التغلب على قوة الطاقة الجنسية، ولأنّ الإسراف في هذه الوسيلة قد يؤدي إلى نتائج عكسية فإنّ الرسول (ص) منع مواصلة الصوم عن التبتل ودعا إلى بذل الجهد على قدر الطاقة.

2- المران على التغلب على الغرائز الفطرية في الإنسان واخضاعها لقيود الدين والعقل والأخلاق والقواعد الصحّية التي تكون المصلحة في إشباعها وإعطاء الجسم حقّه بالطرق المشروعة وعدم ترك النفس على هواها والله سبحانه وتعالى يقول: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران/ 134)، وذلك لأنّ البخل وعدم الإنفاق من طبائع النفوس كما أنّ الغضب وحب الانتقام كذلك، ولذلك جعل الرسول (ص) القوي من الرجال الذي يملك نفسه عند الغضب والأحاديث كثيرة في فضل الجوع وخشونة العيش والاقتصار على القليل من المأكل والمشرب وغيرها وكلّها تؤدي إلى تقوية الإرادة في جانب التغلب على شهوات البطن والفرج.

3- الصبر: الصبر وسيلة كبرى من وسائل تربية الإرادة وتقويتها وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة في ذلك منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران/ 200)، وعن الآية يقول الحسن البصري: "امروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم وهو الإسلام فلا يدعوه لسراء ولا لضراء ولا لشدة ولا لرخاء حتى يموتوا مسلمين وأن يصابروا الأعداء الذين يكتمون دينهم"، وهذا من الصبر على الطاعات وعلى الصلاة والتكاليف كما أنّ الصبر يكون على البلاء (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة/ 155)، (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزّمر/ 10)، (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) (محمّد/ 31)، والرسول (ص) يقول: "عجباً لأمر المؤمن أن أمره كلّه له خير وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمنين إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له إان أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" والصبر من أنواع البرّ التي ذكرها الله تعالى: (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) (البقرة/ 177)، ولأنّ الصبر يقوّي الإرادة. قال الله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ) (الشورى/ 43)، والله مع الصابرين وإنما (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة/ 153)، والصدقة برهان والصبر ضياء ولا يكون الصبر إلّا بمجاهدة النفس وأخذها على التحمل وطلب العون عليه من الله إلّا بمجاهدة النفس وأخذها على التحمل وطلب العون عليه من الله سبحانه وتعالى لأنّ "مَن يتصبر يصبره الله وما أعطى أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر" كما يقول الرسول (ص).

ارسال التعليق

Top