◄يقول "جون ماكسويل" وهو من أكبر أساتذة علم القيادة في العالم: "إنّ القيادة مهارة يحتاجها كلّ إنسان في هذه الحياة وليس مديرو المؤسسات أو الذين يشتغلون في العمل العام هم الذين يحتاجونها فقط. كلّ إنسان يحتاج إلى أن يتعلم كيف يمسك بزمام الأمور ويوجهها نحو الجهة التي يريدها، على الأقل فيما يتعلق بحياته الشخصية فقط. القيادة مهارة يحتاجها الوالدان في المنزل، والمعلم في الصف، وربّ العمل في عمله، وكلّ إنسان يتعامل مع الآخرين "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
إنّ تعليم مهارات القيادة يجب ألا يقتصر على أشخاص بعينهم، وإنما يجب أن يشمل أكبر شريحة ممكنة من المجتمع؛ لأنّه يبني في الإنسان روح المسؤولية والمبادرة والطموح والشجاعة والقدرة على رعاية الآخرين والاهتمام بهم؛ لذلك تنتشر دورات القيادة بشكل واسع في العالم الغربي وخصوصاً في الولايات المتحدة، ويحضرها الرجال والنساء والكبار والصغار من جميع المهن والاختصاصات.
إنّ أمة تسود بين أفرادها روح المسؤولية والجدية والمبادرة والطموح ستتفوق على الأُمة التي تدب في نفوس أفرادها روح اللامبالاة والتسيب والاستسلام واليأس والتبعية.
إنّ المرحلة الحرجة التي تمر بها أمتنا اليوم تتطلب قادة عظاماً في كلّ المجالات وعلى جميع المستويات.
والقائد الناجح هو الذي يؤثر في قلوب الناس وعقولهم من خلال أخلاقه وكلامه وشخصيته الجذابة والقوية.
إنّ القدرة على التأثير في الآخرين هي الصفة الأهم في شخصية أي قائد، لأنّ هذه الصفة هي التي تحدِّد فيما إذا كانت الصفات الأخرى ستعمل أم لا، فما قيمة صفة الذكاء والقدرة على التخطيط إذا لم يكن القائد قادراً على التأثير في الآخرين؟ أي قادراً على دفعهم إلى إنجاز الخطط التي يضعها.
يورد دانييل غولمان في كتابه: (القيادة الأساسية) قصة إحدى الشركات العالمية التي عينت في أحد فروعها مديراً تنفيذياً يتمتع بذكاء باهر، فأحدث تغييرات استراتيجية لا تعوزها العبقرية، لكن آلاف الشكاوى انهالت على الإدارة العامة من الموظفين الذين كانوا يعترضون على هذه التغييرات، وكانت النتيجة أن فُصل المدير من منصبه بعد عام من تعيينه. لقد أحدث تغييرات ضرورية ومهمة، لكنه لم يقنع الموظفين بها، ولم يقدر على التأثير فيهم، ودفعهم إلى العمل بمقتضاها.
إنّ الزعامة العلمية والثقافية ليست من الزعامات العملية الشعبية في شيء، فقد تذهب إلى الطبيب تعرض عليه نفسك، وتأخذ رأيه في مرضك، ومثل ذلك تفعله مع المحامي فيما إذا دهمك مشكل أو وقعت في اختلاف مع أحد الناس، وأنت حين تذهب إلى الطبيب، وتزور المحامي، تكون مؤمناً كلّ الإيمان بسعة علمهما فيما تسألهما عنه، وتدعوهما لمساعدتك فيما أشكل عليك أمره وخبره، ولكنك فيما عدا هذا لا تجد لهما من التأثير في نفسك وفي سياستك وفي أغراضك الاجتماعية أكثر من تأثير أي شخص آخر.
ومعنى هذا أنّ الاختصاص في فرع من فروع المعرفة، خصوصاً إذا كان الاختصاص متواضعاً عادياً لا تأثير له على الاطلاق في قيادة الجماعات وتسيير الشعوب.. إلا أن يكون الشخص العالم عبقرياً في فنه، وعندئذ قد يكون له من التأثير عند أمته أكثر من أي شخص آخر.
إنّ التأثير على الجماعات وتزعم شعوب لا يحتاج إلى العلم الوافر، والتخصص الواسع، فقد كان "هتلر" جاهلاً، لا يحمل شهادة ابتدائية، وكان "موسوليني" أكثر منه علماً بعض الشيء، ولا تعد معارف "ستالين" شيئاً مذكوراً إذا قيست بمعارف أستاذ في مدرسة ابتدائية، ومع ذلك فقد حكم هؤلاء أمماً وشعوباً تعد بالملايين وكان بين أفرادها من هو أكثر منهم علماً وثقافة، ثمّ تولتهم شعوبهم بالطاعة والإكبار، وكانت كلّ كلمة تصدر عنهم قانوناً ودستوراً، لا تردها ألف جامعة، ولا تستطيع الوقوف أمامهما أكبر هيئة علمية مجتمعة في البلاد..
ومعنى هذا أنّ الزعامة الشعبية لا تتطلب من صاحبها علماً واسعاً ولا معرفة عريضة، ذلك أنّ النفس البشرية أرغب ما تكون في الطاعة وقبول ما يعرض عليها، أو يفرض من الأحكام، وليست الأحزاب التي تتألف من جماعات مختلفة إلا صورة مصغرة لما قدمنا، فقد يكون الحزب مؤلفاً من مئات الأشخاص، ثمّ تراه يختار من بينهم شخصاً أو أكثر لإدارة أموره وتسيير أغراضه وتدبير شؤونه، وقد يكون اختيار الحزب لرئيسه أو زعيمه صادقاً حراً، وقد يفرض عليه اختيار شخص قسراً وسياسة، ومتى وقع الاختيار نجد أنّ الشخص المختار ليس أفضل رجالات الحزب علماً ولا ثقافة.
وللنجاح في العمل القيادي شروط أهمها:
1- سعة الصدر، والحزم مع اللين، قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران/ 159)
2- حب الناس، قال تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة/ 128).
3- الشجاعة والصمود.
4- الحكمة.
النجاح الإداري:
ما من إنسان إلا وهو بحاجة إلى النجاح الإداري، وذلك لأن لكل إنسان إدارة خاصة، فالزوج مدير في بيته، والزوجة مديرة في أسرتها، ورئيس المصنع مدير للعمل والعمال، وهكذا الحال في الرؤساء والقادة وضباط الحرب والمدراء.
والمدير الناجح هو الذي يملك كفاءة عالية لتنظيم وترتيب عمله مع زيادة في الانتاج باستهلاك وقت قصير.►
المصدر: كتاب الطريق إلى النجاح
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق
تعليقات
mohamed mosa
مع تمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح . فعلاً نحتاج الى الثقة في النفس والرجوع الى الله وما التوفيق الا من عند الله .