◄قال تعالى: (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) (الأنعام/ 54).
قال رسول الله (ص): «أدّبني ربّي فأحسن تأديبي». وأيّ أدبٍ كأدب خالق السماوات والأرض؟ وأيّة نفس ينمو ويثمر فيها الأدب الإلهيّ كنفس محمّد؟
لقد أدّب سبحانه هذه النفس الطيِّبة الزاكية، ليؤهّلها لرسالته، رسالة الرحمة للعالمين التي بها وبصاحبها تمّت مكارم الأخلاق.. أدّب الله محمّداً في العديد من آياته، ومنها هذه الآية، وهي تعلُّم رسول الله وخير خلق الله كيف يسلك ويعامل الضعفاء والمساكين، فكان يلقاهم بالبشاشة والترحاب، ويقول: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)، ويحبس نفسه معهم ماداموا في مجلسه، حتى يكونوا هم الذين ينصرفون .
وإذا كان النبيّ مقصود الله بهذا التأديب، فنحن مقصودون بالتأسي والاقتداء به، فلا نكرم أحداً لمال أو جاه أو جنس ولون، وإنّما نكرم ونحترم للدِّين والخلق الكريم، قال بعض المفسّرين الجُدد: كانت الحياة البشرية قبل محمّد (ص) في الحضيض، فرفعها محمّد إلى القمّة، وتراجعت الآن عن القمّة السامقة، وانحدرت في نيويورك وواشنطن وشيكاغو، حيث العصبيات النتنة، عصبيات الجنس واللون.
أجل، لا جنس ولا لون، ولا جاه ولا ثراء، لا فضل في الإسلام إلّا بالتقوى.. .وعوداً إلى قوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ). السلام عليكم ورحمة الله، هذه هي تحيّة الإسلام، دعاء بالنجاة لمن تحييه من كلّ سوء، والعيش بأمان واطمئنان، وبرحمة الله ورضوانه، إذ لا نجاة ولا أمان مع غضبه جلّ وعلا، أمّا إذا عطفت بركات الله على رحمته، فقد دعوت لصاحبك بالرزق الواسع، والعطاء الجزيل. وأين «مرحباً» و«صباح الخير» و«نهارك سعيد» من هذه التحيّة الإلهيّة الإسلامية؟!.►
المصدر: كتاب تفسير الكاشف/ ج3
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق