• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

المرأة.. ينبوع الرحمة والعطاء

عمار كاظم

المرأة.. ينبوع الرحمة والعطاء

المرأة ينبوع الرحمة ورمز الرأفة والعاطفة والإحساس في الأسرة وهي التي تفيض بهذا المورد على جميع أفراد أسرتها وتشيع في جوانب البيت أجواء المودة والدفء والصفاء وتمتص كلّ ما من شأنه تعكير صفو الحياة ونقائها، وهذا الأمر لا يقتصر في وجوده في الثقافة الإسلامية، والأُسر الإسلامية، فحسب بل تكاد المرأة أن تكون عنوان الألفة والود والإنس في جميع الثقافات الأخرى والتيارات الأرضية والحضارات المختلفة، وهذا ما لا يختلف فيه اثنان، من هنا جاء الإسلام باعتباره أفضل وأكمل وأتم الرسالات وأكثرها ثقافة وحضارة وقوى هذا الإحساس ورسم الصورة الحقيقية له. وأعطى المرأة مكانتها وكرامتها وشخصيتها اللائقة ورفعها إلى مصاف العظمة وحدد لها وما عليها من حقوق وواجبات وجعلها شقيقة الرجل وشريكته في خلافة الأرض وإعمارها ومهام الحياة وتقاسم المسؤوليات.

إنّ الإسلام يرى في قيام المرأة بأعباء الأُمّومة المعهودة إليها أنبل واجبٍ، كما يرى في ذلك أساساً متيناً لكرامتها وتكريمها، وتطوّرها المحقّق لذاتها. وليس أدل على تكريم المرأة وإسباغ أعظم التقدير عليها، من أحاديث الرسول في هذا الصدد، وأشهرها ما معناه أنّ الجنّة تحت أقدام الأمهات. قيل: (إنّ وراء كلّ عظيم امرأة) نعم، في أكثر الأحيان تكون الأُم صانعة العظام والأبطال، وهذا ما يشهد له التاريخ، فكم سمعنا وقرأنا عن مبدعين في كافة المجالات يهدون إبداعاتهم وإنجازاتهم لأُمّهاتهم التي وقفن بجانبهم ولولاهنّ ما استطاعوا تحقيق ما وصلوا إليه. فالأُم نواة العائلة وعمادها وهي نبع الحبّ والحنان، والمربي الأوّل، وسند الأُمّة في نوائبها ومصاعبها، وهي الحاضنة والمربية والمعلمة، والباحثة.

المرأة هي المنبع الفيّاض لما في هذه الحياة الإنسانية من حبّ هو أساس النظام والعدل والرحمة والسعادة. تلك قيمة المرأة في الحياة كأُم تُنجب الأطفال والأولاد والأبناء، وتُورِّثُ الفضائلَ من جيلٍ إلى جيل، وتحفظ سلسلة الإنسانية كاملةً. إنّ المرأة الصالحة تعي مسؤولياتها في تربية الأبناء التربية السليمة، وتعي مختلف الأدوار التربوية الإيمانية والأخلاقية، والمجتمعية والنفسية والصحّية، التي يتعيّن عليها القيام بها قولاً وعملاً في سبيل تربية أبنائها وبناتها.

نحن اليوم في حاجة إلى نساء فضليات يربين الرجال على حمل الأمانة ويبيّن المجتمع السليم ويقمن الأُسس الثابتة في البناء الاجتماعي الصالح ويشهد لهنّ التاريخ بهذا الدور تقديراً وإكباراً، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل/ 97). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته، الإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته فكلّكم راعٍ ومسؤول عن رعيته». نحن بحاجة أيضاً أن تفهم المرأة المسلمة دورها ومكانها بجانب الرجل في بناء صرح المجتمع، وأن تكون حياتها صفحة مفتوحة، تنهل منها جميع النساء.

ألم تكن «فاطمة أُمّ أبيها» كما في الحديث الشريف عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يرجع من كفاحه وصراعه مع المشركين، يرجع متعباً منهكاً... كان يرجع ليجد (الزهراء) البنت الصغيرة تنتظره وتستقبله لتهب له دفئاً وحبّاً.. بل قل أملاً وحياة.

ارسال التعليق

Top