• ٢٦ كانون أول/ديسمبر ٢٠٢٤ | ٢٤ جمادى الثانية ١٤٤٦ هـ
البلاغ

اللهم عافنا في أبداننا

إيمان مغازي الشرقاوي

اللهم عافنا في أبداننا

◄خلق الله تعالى الإنسان وفطره على حب العافية، وأحب من عباده أن يسألوه إياها؛ لأنّه هو المتفضل بها عليهم والمنعم الحقيقي، لذلك كان رسولنا (ص) يطلبها ويفتتح يومه ويختتمه صباحاً ومساءً فيقول: "اللّهمّ عافني في بدني، اللّهمّ عافني في سمعي، اللّهمّ عافني في بصري، لا إله إلّا أنت".

"اللّهمّ إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللّهمّ إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي..".

كلّ ذلك الاهتمام بطلب تلك النعمة العظيمة ليؤكد تأكيداً شديداً على أهميتها للإنسان في رحلة حياته، وأنّها أداة من أدوات استخلافه في الأرض ليقوم بدوره.

المحافظة على الصحة: وقد أمر رسول الله (ص) بالتداوي لاسترداد العافية فقال: "تداوَوْا عباد الله فإنّ الله تعالى لم يضع داءً إلا وضع له دواء، غير داء واحد: الهرم".

ومن هنا نعلم أهمية الحفاظ على الصحة العامة؛ باتباع إرشادات الرسول (ص) في المأكل والمشرب، وفي نظافة الجسد والبيت والمجتمع والبيئة المحيطة بنا.

وللأسف، فإنّ كثيراً منّا لا يعي ذلك ولا يقدّر تلك النعمة العظيمة إلا بعد أن يصيبها خلل أو شرخ في صلبها، كما قال رسول الله (ص): "نعمتان مغبون فيهما كثير من النّاس: الصحة والفراغ".

فالصحة تاج – كما يقولون – على رؤوس الأصحاء لا يراه إلّا المرضى! وصاحب الصحة ما زال في فرصة وفسحة ليتقن عمله قبل أن تُغلق في وجهه أبواب المقدرة، قبل أن يمرض أو يهرم أو يموت! ومن هنا كانت توجيهات الرسول محمد (ص) لنا: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هِرَمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".

 

قاعدة عامة:

وقد وضع النبيّ (ص) لنا القاعدة العامة التي يجب أن تتصدر كتب الطب والعلاج والتداوي للحفاظ على الصحة فقال: "ما ملأ آدميّ وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلاً، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه".

 

مكفرات للذنوب:

ينبغي على المسلم – إن مرض بعد أخذه بأسباب الصحة – أن يعلم أنّ هذا المرض ابتلاء من الله تعالى له، وأنّ أمره كلّه خير، فكلّه بقدر الله تعالى وتقديره، وأنّ الأمراض مكفرات للذنوب رافعة للدرجات ما صبر العبد على البلاء وأناب، ففي الحديث: "ما يصيب المسلم من نَصَب (تعب) ولا وَصَب (مرض) ولا همّ ولا حزَن ولا أذى ولا غمّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه".

كما يجب عليه أن يأخذ بأسباب الشفاء، فيبدأ أوّلاً باللجوء إلى الله بالدعاء أن يكشف عنه ويشفيه ويعينه على الصبر والشكر، فإنّه "ما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر"، ويتبع ما ورد عن رسوله الأمين (ص) من آداب التداوي حيث قال: "ضع يدك على الذي يألم من جسدك، وقل: "باسم الله" ثلاثاً، وقل سبع مرات: "أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر".

وليحذر كلّ الحذر من الشكوى والجزع والضيق والضجر، فالله أرحم بعباده من أنفسهم، وفي الحديث: "من أصيب بمصيبة في ماله أو جسده، وكتمها ولم يشكها إلى النّاس، كان حقاً على الله أن يغفر له".

 

ضرورة التداوي:

ثّم يسارع فيجمع بين دواء الروح ودواء الجسد بالذهاب إلى الطبيب، وألا يتناول أي دواء دون استشارة منه حتى لا يتضرر بذلك، ويطلب التداوي بالأدوية المباحة التي يصفها له أهل الخبرة والاختصاص من الأطباء الأمناء. ففيها الشفاء بإذن الله، فقد قال رسول الله (ص): "إنّ الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم".

ومن الأخطاء الكبيرة التي لا يرضاها الله ونهى عنها رسوله (ص) لجوء بعض المرضى إلى الدجالين والمشعوذين والكهان ظناً منهم أنّ الشفاء عندهم؛ فيطلبونه بطريق غير مشروع يقدح في صحة عقيدتهم وهم لا يشعرون، ويلصقون أي مرض عضوي أو نفسي بالجن ومسّه والسحر والعمل، دون دليل أو برهان إلا الظن! وفي الحديث تحذير شديد من ذلك إذ يقول النبيّ (ص): "من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمّد (ص)".

 

زيارة المريض:

ولا شكّ أنّ زيارة المريض واجبة وحقّ له على أخيه المسلم فقد قال رسول الله (ص): "عودوا المريض، وأطعمو الجائع، وفكوا العاني"، وثواب عيادته عظيم ففي الحديث: "إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنّة حتى يجلس، فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كان مساء صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح".

ويستحب لمن عاد مريضاً أن يتبع الهدي النبويّ فيدعو له ويقول: "اللّهمّ ربّ النّاس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلّا أنت، شفاء لا يغادر سقماً".►

ارسال التعليق

Top