أسرة
عزيزي القارىء هذه الحقائق.. أو الظواهر الكونيّة الباهرة.. والمتجدِّدة تقودنا إلى حقيقة أكبر وأشمل وأكمل:
الله تعالى هو المجدِّد الأوّل والأكبر.. هو الباعثُ والمدافعُ إلى التجديد والموحي به.. كلماته التي أوصى بها لأنبيائه ورُسله تتجدّد باستمرار.. هي خارج إطار الزمان والمكان، تعلو عليهما.. هي تصلح لكلّ زمان ومكان.. جديد ومتجددة على الدوام.
هنا لفتة استيحائيّةٌ مهمّة:
الإرتباط بالله.. الإيمان به.. طاعتُه.. عبادتُه.. المجاهدةُ فيه وفي سبيله، داعية التجدّد والتجديد..
عِشْ علاقة حبّ مطردة مع الله.. تتجدّد باستمرار.
فيما يلي بعض الأرقام والشواهد الدالة على صدق ما ندّعي: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) (البقرة/ 282):
العِلم ليس الذي نطلبُه في الكتب فقط.. هو ما ينوِّرهُ اللهُ من ظلمات قلوبنا وعقولنا.. ما يقذفه في القلوب التي أفرغت ساحتها له وحده.. يُعلِّمها كلّ جديد ومفيد ومنقِّح ومزيد..
وأُخرى:
(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت/ 69):
نهديهم إلى (الجديد) ممّا لم يسبق لهم أن طالوه أو اكتشفوه أو جابوا آفاقه.. وسُبل الله شتّى لا تُحصى، فإلى أيُّها يهدي فهو جديد..
وأُخرى:
(وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً) (النساء/ 100):
سعة في كل شيء. في المال والأحوال والعلم والأعمال.. في العلاقات والأفكار والعطاء والتجربة.
وأُخرى أيضاً:
(فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ) (الرعد/ 17):
ليس مكوثاً جامداً، بل عطاءً متحرّكاً متجدّداً.. أيّ أنّ حياة الذي يُعطي في الله ممتدّة بامتداد حياة الأرض.. لها عمرٌ مساوٍ لعمرها.. والأرضُ كرويّة تدورُ حول نفسها وحول الشمس.. وما دامت تتحرّك فهي متجددة، وما دام الذي ينفع الناس ماكثاً فيها فهو متجدِّد..
خُذ مثلاً: "الصدقة الجارية" وإنّما سمِّيت كذلك لجريانها فهي أيضاً متجدّدة.. يموت صاحبها وتبقى في الحياة بعده لتهبَهُ حياةً جديدةً.
وعلى عكس ذلك وبخلافه، فإنّ الإعراض عن الله والإبتعاد عنه لا يورثُ إلا الخمود والخمول والجمود والضيق والكآبة والسآمة: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) (طه/ 124):
أي أنّ المُعرِض عن الله المُشيح بوجههِ عنه.. يعيش الضيق والضائقة والإختناق والإحتقان والطرق المسدودة..
الذاكرون الله.. وحدهم الذين يعيشون السِّعة.. سعة التجديد، وبالتالي فإنّ هناك عطاءات لا تأملْ ولا تذبل ولا تنتهي ولا تتوقف ولا تنقطع.. هي متجددة: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (التين/ 5-6).
فكلُّ عطاءٍ لله جديد حتى ولو تعاقبت عليه قرونٌ وقرون!
هل تيقّنت الآن أنّ الذي يريدُ التجديد ويطلبه ويجده في متناول يده خاصّة إذا طلبه من أقرب المواد وأحقّها وأصدقها وأزكاها.. علاقة الحب مع الله والصدق في التعامل معه: "بذكرك عاش قلبي"!
ارسال التعليق