◄الفرق بين قولك ما تعنيه ومعنى ما تقول واضح لمعظم الناس، لكن الأمر أكثر إزعاجاً بالنسبة للكمبيوتر، ومع ذلك فإن جعل الكمبيوتر قادراً على تقييم ما يعنيه الناس من كلامهم بذكاء سيفيد الشركات التي تسعى لتحديد المستهلكين غير السعداء ووكالات الذكاء التي تسعى لتحديد الأفراد الخطرين من خلال التعليقات التي يرسلونها عبر الإنترنت.
غالباً ما تكون أجهزة الكمبيوتر غير قادرة على فهم معنى كلمة: لأنّ هذا المعنى يعتمد على السياق التي استُخدِمت فيه، على سبيل المثال، فإن كلمة "قتل" ذات معنى شرير وكلمة "بكتيريا" ذات معنى مؤذٍ أيضاً، لكن "بكتيريا قاتلة" غالباً ما تكون ذات دلالة طبية (بمعنى محدد، إذا كان شخص ما يتحدث حول البكتيريا الصحية الموجودة في الزبادي، فلن تكون ذات معنى مؤذٍ، بخلاف ذلك ستكون ذات معنى غير طيب).
يحاول "ستيفن بولمان" من جامعة أكسفورد بالتعاون مع "كارو مويلانين" وهو أحد طلاب الدكتوراه التمكن من جعل الكمبيوترات قادرة على تقييم المعنى العاطفي للنصوص، تستخدم هذه الأجهزة ما يسمى ببرنامج "تحليل المشاعر" لتقييم النصوص، قام الباحثان بتطوير نظام تصنيف لتحليل البنية النحوية لجزء من النص وتعيين علامات عاطفية للكلمات التي يحتوي عليها، واعتمدا في ذلك على "معجم عاطفي" يضم 57 ألف كلمة من تجميع الأفراد، يمكن أن تكون هذه العلامات إيجابية أو سلبية أو محايدة، ووضعوا علامات على كلمات مثل "أبداً" و"فشل" و"منع" تصفها بأنها كلمات "متغيرة" أو "عكسية": إنها تعكس العاطفة التي تنقلها الكلمة قبلها.
تم بعد ذلك تفكيك التحليل إلى خطوات تراعى بشكل متقدم الوحدات النحوية الأكبر، وتحديث مجموع النقاط العاطفية لكل وحدة أثناء سير التحليل، تحدد القواعد النحوية تأثير وحدة من النص على الأخرى، أبسط قاعدة هي أنّ العواطف الإيجابية والسلبية تسيطران على العواطف الحيادية، وتتحكم قواعد التركيب المعقدة على ما يبدو في الحالات المتضادة مثل "جحيم الإجازة" أو "إساءة استخدام خط المساعدة" والتي يفهمها الناس ولكنها تحير الكمبيوتر.
وباستخدام وتحليل العلامات العاطفية، يمكن للبرنامج أن يبني نقاطاً عاطفية للمفاهيم المذكورة في النص، في صورة توليفة من النتائج الإيجابية والسلبية والحيادية، على سبيل المثال، بالنسبة لجملة مثل "لا تزال أكبر إقتصادات المنطقة غارقة في مستنقع الركود" وجد المحلل الصرفي أربع كلمات في المعجم العاطفي: أكبر (إيجابي أو حيادي أو سلبي)، إقتصادات (إيجابي أو حيادي)، غارقة في مستنقع (سلبي)، الركود (سلبي)، بعدها قام بتحليل بنية الجملة، بدأ بـ"أكبر" وتقدم إلى "أكبر اقتصادات" ثمّ "أكبر إقتصادات المنطقة" في كلّ مرحلة، كان يحسب العاطفة المتغيرة في الجملة وكان يقوم بالإجراء عينة مع النصف الثاني من الجملة.
وبدلاً من إضافة عدد التنويهات الإيجابية والسلبية لكل مفهوم يضفي البرنامج وزناً لكل واحدة منها، على سبيل المثال، يتم إعطاء وزن لأجزاء قصيرة من النص من "منطقة" أقل من أجزاء أطول مثل "أكبر إقتصادات المنطقة" وبمجرد أن يقوم المحلل الصرفي بإعادة تجميع النص الأصلي (لا تزال أكبر إقتصادات المنطقة غارقة في مستنقع الركود) يمكنه تحديد الجملة بشكل صحيح بحيث يعطيها معنى سلبياً بالنسبة لمفهوم "الاقتصادات".
يقول الباحثون إنّ هذه الطريقة أفضل من أنظمة استخراج النصوص الموجودة حالياً التي يمكنها اخبار الشركات بما يظنه الناس فيها ولكنها لا تستطيع أن تعقد روابط معقدة بين الجمل، من الممكن على سبيل المثال أن يحب مستهلكو إحدى شركات صناعة السيارات أحدث منتجاتها من السيارات الرياضية، ولكنهم يمقتون نظام الصوت الخاص بها.
وبينما تسعى الشركات نحو فهم أفضل لطريقة تفكير المستهلكين تهتم المؤسسات العاملة في مجال الذكاء بتحليل العواطف والمشاعر، تستخدم بعض المؤسسات أدوات من تطوير مختبر الذكاء الإصطناعي لجامعة آريزونا لتحديد العواطف الجامعة العنيفة في المنتجيات عبر الإنترنت التي يكثر تردد المتطرفين السياسيين عليها للتعرف على نوبات العواطف القاسية والشريرة، بل وتحديد الإرهابيين المحتملين، يقول "هسنتشون تشين" مدير المختبر، إنّ البرنامج المبتكر يمكنه من خلال 8 رسائل أن يعزل مئات الرسائل من قِبَل 20 أو 30 فرداً عبر ظرة قريبة متفحصة، ولكن هذا البرنامج مجرد مكمل للحكم البشري على النصوص، نظراً لأنّ الناس لا يعنون دائماً ما يقولون.►
المصدر: كتاب تطورات التنوع العلمي وأثرها على الحياة
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق