• ٢١ تشرين ثاني/نوفمبر ٢٠٢٤ | ١٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ هـ
البلاغ

القرآن الكريم.. مائدة لجميع الناس

سلسلة المعارف الإسلامية

القرآن الكريم.. مائدة لجميع الناس

◄القرآن الكريم كما نعرف أنه واضح وميسّر للفهم. وربّما احتاج إلى تعليم بعض حدود الآية التي لم يذكرها الله في الكتاب فأوكلها إلى نبيّه (ص) وإلا فإنّ القرآن في نفسه هو هدى ورحمة للعالمين، وكلّ من كان أصفى فطرةً وأكثر فكراً وتدبّراً فإنّه يحظى بفهم أكبر ويكون القرآن شفاءً ومصحّحاً للآراء والأفكار التي يحملها.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس/ 57).

فالكلّ في معرض الاستفادة من القرآن الكريم، لذلك تعدّدت الخطابات لطوائف خاصّة كبني إسرائيل، أو المؤمنين، أو الكفّار، وفي بعض الآيات يخاطب عامّة الناس وبديهي أنّه لا يصحّ التكلّم بما لا يكون مفهوماً وواضحاً عندهم.

وأيضاً نجد حتى المعارف العالية يبثّها القرآن بلغة يفهمها عامّة الناس ويلقيها بشكل محسوس أو ما يقرب منه.

وتبقى الحقائق المعنوية وراء ستار الظواهر فتتجلّى حسب الأفهام ويدرك منها كلّ شخص بقدر عقله ومداركه. واحتواء القرآن على معانٍ دقيقة ومفاهيم رقيقة وذلك في مثل صفاته تعالى الجمالية والجلالية، ومعرفة وجود الإنسان وسرّ خلقته، ومسائل من المبدأ والمعاد، كلّ ذلك جاء في القرآن في إشارات عابرة وفي ألفاظ وتعابير كنائية واستعارة ومجاز، فكان حلّها والكشف عن معانيها بحاجة إلى فقه ودراسة وتدبّر وإمعان نظر.

كما أنّ في القرآن إشارات إلى أحاديث غابرة وأمم خالية، إلى جنب عادات جاهلية عارَضَها لم يبق منها سوى إشارات عابرة، ولولا الوقوف عليها لما أمكن فهم معاني تلكم الآيات.

هذا مضافاً إلى غرائب اللغة التي جاءت في القرآن على أفصحها وأبلغها، وإن كان فهمها صعباً على عامّة الناس لولا الشرح والبيان وغير ذلك من الأمور التي استوجبت تفسيراً، وكشفاً لما استتر ومزيداً من إمعان النظر.

  - إعداد النفس لحضور مائدة القرآن:

تزكية النفس وتطهيرها من الأوساخ والأدران الخُلقيّة هو أهمّ شرط من شروط فهم القرآن، وأعظم هذه الأوساخ الأهواء النفسية، فما دام الإنسان أسيراً لأهوائه وغرائزه، فإنّه لا يستطيع أن يدرك القرآن الذي هو نور.

نعم، قد يتمكّن مثل هذا الإنسان من فهم بعض ظواهر الألفاظ، ولكنّه لن يصل إلى فهم مقاصده الأصلية ومراميه الكليّة.

المراد من ظاهر القرآن ما يفهمه العرف العام العارف باللّغة العربيّة الفُصحى من اللّفظ، وقول المعصوم نبيّاً كان أو إماماً حجّةٌ في مقام كشف مراد الله تعالى من آيات الكتاب العزيز.

والآيات القرآنيّة التي يُنافي ظهورها الابتدائي أحكام العقل القطعيّة لابدّ من حملها على معنى يتلاءم مع تلك الأحكام.►

  المصدر: كتاب (دروس قرآنيّة)

ارسال التعليق

Top